الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«مونتريال 1976» تصطدم بـ «المقاطعة» وفاتورة المنشآت

«مونتريال 1976» تصطدم بـ «المقاطعة» وفاتورة المنشآت
18 يوليو 2012
نيقوسيا (ا ف ب) - تقدمت عاصمة مقاطعة كيبيك الكندية مونتريال خمس مرات لاستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية، وانتظرت حتى 10 مايو 1970 لتحصل على هذا الشرف وتتفوق على موسكو ولوس أنجلوس، وتميزت بملفها المتكامل من الألف إلى الياء، فنالت 41 صوتاً، لكن طموحات بناء مرافق تؤرخ لحقبة جديدة في تاريخ المنشآت الأولمبية شكلت كابوساً للمنظمين في ما بعد، إذ أدت اضرابات العمال المتتالية وموجات البرد القارس التي أوصلت الحرارة إلى درجة 40 تحت الصفر، إلى تأخير كبير في إنجاز المشاريع وإتمام الورش في مواعيدها. وتفاقم وضع المطالب العمالية الاجتماعية، ما أوقع حكومة المقاطعة في ورطة كبيرة، ولما انتهى كل شيء كشفت الحسابات والتكاليف زيادة بنسبة 427 في المئة خلال ثلاثة أعوام، أنفق نصف مليار دولار لبناء الاستاد الرئيس الذي صممه الفرنسي روجيه تاليبير ويتسع لـ 72 ألف متفرج، وارتفعت تكاليف إقامة القرية الأولمبية المؤلفة من 900 شقة التي لم تفصل بين الرجال والسيدات من 50 إلى 80 مليون دولار. صحيح أن الألعاب سجلت أرباحاً من العائدات والمداخيل المباشرة وغير المباشرة بلغت 260 مليون دولار، لكن نفقات البناء وتبعاتها الأخرى أوقعت الحكومة في ديون تطلب تسديدها سنين طويلة، على رغم ما استفادت منه المدينة والمقاطعة عموماً من بنية تحتية متكاملة ومترو الأنفاق، فطرح الأمر مجدداً عما ستقوم عليه الألعاب من عملقة في التنظيم والاستعداد لم تعد في مقدور الجميع، وهذا طبعاً بعيد من الروح الأولمبية الحقيقية وغايتها السامية، وفي موازاة الابتكار في البناء والتصميم وتوفير سبل الراحة في المرافق والملاعب، إذ إن إفراغ الاستاد الرئيس مثلاً يتم في 7 دقائق، وإقامة أحواض سباحة عصرية تحت المدرجات، وتزويد حوض الغطس بمصاعد كهربائية توفيراً لطاقة المشاركين وجهدهم، واعتبار مضمار الدراجات “مساحة ضوء” مشعة، فإن الفاتورة النهائية جاءت مرتفعة أكثر مما تصوره غلاة المتشائمين، واللافت أن اللمسات الأخيرة أنهيت قبل دقائق من استخدام غالبية المرافق، ففوجىء المتفرجون وحتى المشاركون بلافتة تنبهم من الاقتراب من الجدران الخشبية خشية أن “تلطخ” ثيابهم بالطلاء “الطازج”. واستنفر 16 ألف عنصر أمن، أي أكثر من نصف عدد المشاركين في الألعاب التي افتتحت بحضور ملكة بريطانيا اليزابيت الثانية، وهي وقفت ساعة و22 دقيقة في المنصة الرسمية تستعرض المشاركين وقلبها يخفق لابنتها الأميرة آن عضو المنتخب الإنجليزي للفروسية، وتجسيداً للتعايش بين الشعب الكندي، أوقد الشعلة الكندي الفرنسي ستيفان بريفونتان (16 عاماً) والكندية الإنجليزية ساندرا هندرسون (15 عاماً)، وهي نقلت إلى الأرض الكندية للمرة الأولى كعلامة إلكترونية بواسطة الأقمار الصناعية. أقيمت ألعاب مونتريال من 27 يوليو إلى الأول من أغسطس بمشاركة 6098 رياضياً، بينهم 1247 لاعبة من 92 بلداً تنافسوا في 198 مسابقة ضمن 21 لعبة هي: ألعاب القوى والتجديف وكرة السلة والملاكمة والكانوي-كاياك والدراجات والفروسية وكرة القدم والجمباز ورفع الأثقال وكرة اليد والهوكي على العشب والجودو والمصارعة والسباحة والخماسي الحديث والكرة الطائرة والرماية والقوس والسهم واليخوت. وتبارت السيدات للمرة الأولى في التجديف، فحصدت الألمانيات الشرقيات خمسة ألقاب وبلغاريا لقبين، وفي كرة السلة وكرة اليد، حيث أحرزت السوفييتيات ذهبيتيها. وكانت تسجلت 116 دولة لخوض الألعاب، لكن 22 دولة أفريقية قاطعت في اللحظة الأخيرة احتجاجاً على جولة لمنتخب نيوزيلاندا للركبي في جنوب أفريقيا “المعزولة” لانتهاجها سياسة التمييز العنصري، ومن دون أن تعاقب نيوزيلاندا. وكانت تلك صدمة لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية اللورد كيلانين وخسرت الألعاب نجوماً أمثال الأوغندي اكي بوا والكيني مايك بويت والتونسي محمد القمودي والتنزاني فيلبرت بايي، واحتجت الصين التي أهتمت للمشاركة بعد غياب طويل، لاعتماد تايوان، وفي النهاية لم تحضر الدولتان. أما المحصلة الأخيرة للميداليات، فثبتت القوة السوفييتية في الصدارة وبلغ رصيدها 125 ميدالية، بينها 47 ذهبية في مقابل 90 لألمانيا الشرقية (40 ذهبية)، و94 للولايات المتحدة (34)، وحلت ألمانيا الغربية رابعة برصيد 39 ميدالية (10) واليابان خامسة 25 (9). وكانت جزيرة برمودا البالغ عدد سكانها 53 ألفاً و500 نسمة نموذجاً للبلدان الباحثة عن فسحة في ساحة التتويج، وأصبحت أصغر دولة تحرز ميدالية بفضل ملاكمها كلارنس هيل ثالث الوزن الثقيل الذي تميز باحتكار لقبه الكوبي تيوفيلو ستيفنسون على مدى ثلاث دورات من 1972 إلى 1980. ولعل طموح برمودا وغيرها من دول الظل، شكل ظاهرة تطلع الدول الصغيرة والفقيرة للظهور والتميز عبر الرياضة والألعاب الاولمبية تحديداً، إذ يصبح الرياضيون سفراء فوق العادة وبصفة عالمية، وباتت الميداليات مجالاً لتباهي الأنظمة ومطلباً قومياً بحيث تناهز شهرة حامليها وإنجازاتهم رواد العلم والثقافة، ما حدا بالباحثين الاجتماعيين إلى تناول هذه الظاهرة في دراساتهم وتركيزهم على “الصناعة الرياضية” والمؤسسات التي “تنجب” أبطالاً يعكسون الشهرة لبلدانهم ويروجون لها، وانتفت الغاية المثلى المرتكزة على أولوية العلاقات والاختلاط بين الشعوب من خلال الرياضة. ولعل أسعد لحظات ألعاب مونتريال كانت منافسات الجمباز التي حملت “روائع” السوفييتية نيللي كيم في الحركات الأرضية، والإثارة المتناهية مع الرومانية الصغيرة ناديا كومانتشي التي قلبت المقاييس كلها، وباتت أول من تحصل على العلامة الكاملة (10 على 10) على أكثر من جهاز، فكانت الاستثناء الذي “استحق” هذه الدرجة 7 مرات متتالية، وأنهت المسابقة بحصولها على ثلاث ذهبيات وفضية وبرونزية، ممهدة الطريق أمام جيل جديد من “الجمبازيات” الرومانيات تحديداً، وحلقت بشهرتها بسرعة قياسية. وقصد العداء السوفييتي فاليري بورزوف، بطل ثنائية 100 و200 م في ميونيخ، مونتريال طامحاً إلى انتصار جديد بعد تفوقه الأوروبي تحديداً، لكنه اكتفى بالمركز الثالث في سباق 100 م الذي عاد لقبه إلى الترنييدادي اشلي كراوفورد (6 :10 ث). وكان الفنلندي لاس فيرين عظيماً في سباقي 5 آلاف و10 آلاف م على غرار ما فعله في ميونيخ قبل أربعة أعوام، ولقي في السباق الثاني منافسة من البرتغالي الصاعد كارلوس لوبيز، قبل أن يتسيد المضمار ويفوز مسجلا 38 :24 : 13 د. وأثيرت حينها قضية نقل الدماء التي اعتبرت بمثابة منشط محفز، وان فيرين من أبطالها، علماً بأن 1500 لاعبة ولاعب خضعوا لفحوصات الكشف عن المنشطات، لكن “مونتريال 1976” كانت مسرح الصناعة الألمانية الشرقية للأبطال والبطلات، إذ إن 14 انتقلوا لاحقاً إلى الطرف الغربي وكشفوا فضائح نظام المنشطات، وأكدت السباحة ريناتا فوجل “كنا حقلاً للاختبارات”، بيد أن السباحات الشرقيات أحرزن في حينه تسعة من عشرة ألقاب، وأبرزهن كورنيليا انيدر بطلة سباقات 100 و200 م حرة و100 فراشة والبدل 4 مرات 100 م متنوعة. تميز الأميركيون في السباحة بدورة مونتريال، خصوصاً جيم مونتجومري أول من كسر حاجز 50 ثانية في سباق 100 م حرة (99 :49 ث)، وهو كشف أنه عند بداية استعداداته للألعاب قبل عامين من موعدها “أجريت حسابات دقيقة لما يمكن الوصول إليه، وأدركت أن ضماني الفوز يتطلب أن أحقق دون الـ 50 ثانية، وبناء عليه وضعت برنامج تدريباتي”. كما تفوق مواطنه براين جوديل في سباق 400 م حرة وسباقات التتابع، وغرد البريطاني ديفيد ويلكي خارج السرب وسجل رقماً عالمياً جديداً في 200 م صدراً (11 :15 :2 د). أول رقم قياسي ألماني نيقوسيا (أ ف ب) - أصبح “الشرقي” عداء الموانع فالدمار شيبرنسكي أول ألماني يحرز سباق الماراثون مسجلاً رقماً قياسياً (00 :55 :09 :2 ساعة)، وتمكن في مونتريال من المحافظة على اللقب بعد أربعة أعوام في موسكو. ومن الإنجازات أيضاً، فوز البولندي تاديوس سلومارسكي في القفز بالزانة (50 .5 م) ومواطنه باسيك فزسولا في الوثب العالي (25 .2)، واكتفى المرشح الأول الأميركي دوايت ستونز بالمركز الثالث (21 .2 م)، وأجريت المسابقة تحت زخات المطر. ونال “البلاي بوي” النيوزيلندي جون وولكر الجفران على مغامراته كلها بعدما استحق الفوز في سباق 1500 م (17 :39 :3 د).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©