الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهاجر غير قانوني واقتباسات غير مشروعة وتلاعب بالصور

25 يوليو 2011 20:22
يشهد الوسط الصحفي في العالم حكايات دائمة عن مخالفات أو ضروب احتيال وتلاعب يقوم بها بعض أهل المهنة، ولكن هذه المخالفات تختلف في حجم ضررها وفي درجتها الجنائية. كما أن الضرر قد يقتصر أحياناً على شخص الصحفي فقط وأحيانا يطال سمعة مؤسسة بكاملها. ومثل هذه الممارسات تختلف كليا عن تلك التي يقوم بها فريق صحفي أو مؤسسة بكاملها كما هو حال الاتهامات في قضية صحيفة “نيوز أوف ذي وورلد” البريطانية التي ما تزال بعد شهر من تفجرها القضية الأبرز في اهتمامات الرأي العام ووسائل الإعلام البريطانية نظرا لتشعباتها المؤسسية وتداعياتها الحكومية. تخف ناجح من ضروب التلاعب أو الاحتيال التي حفلت بها الأيام الأخيرة قصة الصحفي الفلبيني، الذي عمل في العديد من الصحف الأميركية، بعد أن نجح في إخفاء سر هجرته غير القانونية إلى الولايات المتحدة. وقصة الصحفي البريطاني الحائز جائزة مهنية رفيعة، وقصة المصور الصحفي الذي تبين أنه استخدم تقنيات كمبيوتر لتعديل إحدى لقطاته التي تبيعها واحدة من أهم وكالات الأنباء في العالم. فقد حرمت ولاية واشنطن الصحفي المستقل جوزيه أنتونيو فارغاس من رخصة سير بعد أن نشر مقالاً في “مجلة نيويورك تايمز” في عددها للشهر الماضي كشف فيه بأنه أخفى سرا عن أرباب عمله في الصحف الأميركية، التي سبق وعمل لحسابها، يتعلق بأنه استخدم جواز سفر مزورا عندما حضر مهاجراً إلى الولايات المتحدة. وبحسب موقع بوابة “سان فرانسيسكو” فإن فارغاس كتب في مقال بعنوان “حياتي كمهاجر غير مسجل”، عن تفاصيل حياته التي بناها على أكاذيب بدأت منذ وصوله إلى الولايات قادما من الفلبين قبل 18 عاماً حين كان بعمر الثانية عشرة مستخدماً جواز سفر مزوراً”. وقد أدى هذا الاعتراف، إضافة إلى معاقبة فارغاس بنزع رخصة القيادة منه، إلى مناقشات حول أداء دائرة الهجرة الأميركية وإلى إطلاق دعوات تطالب الحكومة الفيدرالية بالتشدد في إجراءات التدقيق في وثائق الهجرة والسفر. وفي مقالة وصف فارغاس، الذي كانت أرسلته أمه للعيش مع جديّه المهاجرين في كاليفورنيا، كيف أخفى هذا السر طيلة عمله مع سلسلة من المؤسسات ووسائل الإعلام الإخبارية بما فيها “سان فرانسيسكو كرونيكيل” و”الواشنطن بوست”، حيث أصبح جزءاً من فريق محققين صحفيين فازوا بجائزة “بوليتزر” الشهيرة في العام 2008 عن تغطية مجزرة مدرسة “فرجينيا للتقنيات” حين قام شيونغ- هيو شو بقتل 22 شخصاً، وجرح 25 آخرين رمياً بالرصاص قبل أن ينتحر ويصبح قاتل أكبر عدد من الضحايا على يد مطلق نار واحد. منسوخة أو مسروقة اعترافات فارغاس تعتبر بسيطة مقارنة مع قضية جوهان هاري الكاتب السياسي المستقل في صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، والحائز “جائزة أرويل” للعام 2008، وهي قضية تستمر أصداؤها على وقع التحقيقات التي استدعتها سواء من قبل الصحيفة أو من قبل المشاركين في لجنة تحكيم الجائزة في دورتها حينذاك. وهدفت التحقيقات إلى معرفة ما إذا كان هاري يستحق الاحتفاظ بجائزته بعد تأكد اتهامه بأنه “استعار” مقتطفات من كتب ومقالات نشرها أو أجراها آخرون مع وعن شخصيات عامة، ووضعها في مقالات له مدعياً أنها جزء من مقابلات صحفية أجراها بنفسه مع الشخصيات نفسها. وكان هاري فاز بالجائزة إياها عن خمس مقالات تناولت “حرب فرنسا السرية في جمهورية أفريقيا الوسطى”، و”رحلة مع يمنيين أميركيين”، و”نظرة على جيمس ماكستون، الملهم الفكري لرئيس الوزراء جوردان براون”. وبعد حملة اتهامات واسعة من صحفيين ومدونين تبعتها تحقيقات مهنية من داخل الصحيفة، اعترف هاري بهذه الاتهامات، وأوقف لمدة شهرين من الكتابة ونشر المقابلات في “الاندبندنت” وسط جدل إذا كان ذلك يعتبر سرقة أو استعارة غير قانونية. لكن القصة لم تتوقف عند ذلك إذ سرعان ما واجه اتهامات جديدة باستخدام اسم وهمي للهجوم على الصحفيين الذين انتقدوا وكشفوا أعماله، بما في ذلك وضع كتابات مسيئة أو غير دقيقة ضمن صفحات التعريف بهؤلاء على الموسوعة الحرة “ويكيبيديا” كما جاء في صحيفة “الجارديان”. وكان هاري اعتذر وحاول، وفق ما ذكرته الصحيفة، التخفيف من أهمية ما حصل بالقول إن أفعاله نتجت عن سوء تقدير، وإنه “استعار” الاقتباسات لأنها كانت أوضح من أقوال الشخصيات نفسها في المقابلات التي أجراها هو، رافضا الاتهامات بالسرقة، وقائلاً إن ما جرى يمثل درسا له يدعوه لعدم تكرار ذلك، ولافتاً إلى أنه خلال عشر سنوات من عمله لم يتلق أي شكوى من الناس الذين قابلهم. للصور نصيب من ضروب الاحتيال التي حدثت مؤخراً أيضا ما قام به أحد المصورين الصحفيين المتعاونين مع وكالة “أسوشيتدبرس”. فقد ذكر موقع “بوينتر” أن الوكالة ألغت من قائمتها الصور التي كان زودها بها مصور صحفي لأنها اكتشفت أنه كان استنسخ جزءاً من صورة، ووضعه على أخرى بهدف إخفاء ظله الظاهر فيها. وقال الموقع إن مدير التصوير في الوكالة سانتايجو ليون عمم على الأثر مذكرة على فريق العاملين في الوكالة حول العالم، ووصف ما حدث بأنه “تلاعب متعمد وتضليل في الصور”. وذكّر العاملين بأن سياسة أخلاق المهنة المتبعة في الوكالة فيما يخص التدخل بالصور تتقبل فقط إجراء “أدنى تعديلات على الصورة عبر برنامج الفوتوشوب”. وقامت صحيفة “سيدني مورنيينج هيرالد” الأسترالية بإعادة نشر مجموعة الصور العائدة للمصور والحدث نفسه، وأوضح الناطق باسم الوكالة بول كولفورد بأن الصورة “الثانية” من هذه المجموعة هي التي تم التلاعب بها. ومن المفيد الإشارة إلى أن مهنة الصحافة تستوعب مئات آلاف العاملين منهم “الصالحون” ومنهم “أشرار”، وأن الصحفيين مثلهم مثل غيرهم معرضون للخطأ بأنواعه ودرجاته المختلفة، وكذلك هي المؤسسات التي تتعامل معهم، لكن الأهم هو أن التساهل مع الأخطاء ولاسيما المتعمدة منها، يضعف الثقة بالصحفي والمؤسسة على حد سواء، ولا شك أن العاقبة تكون أكبر عندما يتعلق الأمر بما هو أكثر من الخطأ، مثل الغش والتلاعب، وإن كان “بريئا” أحياناً. جائزة «أرويل» تأسست جائزة “أرويل” سنة 1993 وتنسب إلى الكاتب جورج أرويل، وتمنح لأفضل كتابات مميزة في وضوح “اللغة العامة” ومصداقيتها، وتعتبر أبرز جائزة إنجليزية للكتابات السياسية بما ينسج مع طموح آرويل “بتحويل الكتابة السياسية إلى فن”، وهي تتوزع على ثلاث فئات: واحدة للكتب، واحدة للصحافة، وثالثة للمدونات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©