الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة تتحول إلى «أسيرة» داخل المطبخ في رمضان

المرأة تتحول إلى «أسيرة» داخل المطبخ في رمضان
22 يوليو 2013 22:00
بينما يقضى معظم الصائمين وقتهم بين الصلاة والعبادة، إلا أن «المحاشي» و»الهريس»، و»البرياني» و»الثريد» و»الحلويات» يسرق نهار وليل كثير من النساء اللواتي يقضين معظم وقتهن في إعداد الأكلات للأسرة الكريمة، وكأن شهر الصيام هو عبارة عن «مونديال» يتنافسن فيه على إثبات مهارتهن في الطبخ، رغم اعترافهن بأن المطبخ يحرمهن من متعتهن بأمور كثيرة في الشهر الفضيل. هناء الحمادي (أبوظبي) - تشرع معظم ربات البيوت في الإعداد لوجبة الفطور منذ منتصف النهار، بعد صلاة الظهر في أغلب الأحيان، بينما تجد النساء الموظفات أنفسهن مجبرات على مباشرة أشغال البيت إثر العودة من العمل حوالي الثالثة بعد الظهر، دون أخذ ولو قسط من الراحة أحيانا، بحكم قصر المدة التي تفصلهن عن أذان المغرب مقابل الكم الهائل من الأشغال التي يتوجب عليهن القيام بها، «فأحيانا يؤذن المؤذن لصلاة المغرب قبل أن تنتهى البعض منهن الإعداد لوجبة الفطور». مما يعني أن التعب خلال هذا الشهر يكون مضاعفا بالنسبة إلى هؤلاء السيدات، خاصة أنهن يقضين ما يعادل ست ساعات في العمل خارج البيت، لتستأنفن مباشرة بعدها العمل داخل المطبخ، مما يخلق إرهاقا كبيرا بالنسبة للعديد منهن، خاصة اللواتي يتحملن القيام بكل الأشغال بمفردهن في ظل غياب خادمة أو ابنة تستطيع المساعدة في أشغال البيت. حتى التفكير اليومي في الأطباق التي سيتم طهيها يشكل عبئاً على المرأة، فهي مطالبة بالتنويع والابتكار، خاصة خلال هذا الشهر. عبء كبير ويبدأ ماراثون إعداد الطعام عند علياء سالم، «موظفة وأم لخمسة أبناء»، مباشرة بعد عودتها من الدوام نحو الثالثة ظهراً، وهي إذ تشكو ضيق الوقت، وتقول:» المطلوب خلال أربع ساعات إعداد أصناف متنوعة من الطعام، بما في ذلك الشوربة والحلويات وغيرهما من المأكولات التي يشتهيها أفراد عائلتي خصيصاً في رمضان»، حيث إن أبنائي وزوجي غالباً ما يتذمرون إذا ما اكتشفوا اختفاء طبق مفضل لديهم من المائدة الرمضانية، إضافة إلى إصرارهم على وجود أصناف بعينها يومياً على سفرة الإفطار». بحسرة لافتة تقول علياء: «بالكاد أتمكن من أداء الصلوات المفروضة، ولا أجد أي وقت لقراءة القرآن، أو الذهاب إلى الصلاة». وتضيف:» أما بعد الإفطار، فأواصل رحلتي في المطبخ، خاصة مع عدم وجود خادمة، حيث أجد نفسي منهمكة في جلي الصحون، والنظافة، وتقديم المشروبات للجميع، ثمّ أذهب بعد ذلك إلى الفراش كالميتة». شعور بالذنب قد يكون الوضع مماثلًا عند مريم عبيد «ربة بيت»، وقد تشعر بالذنب بسبب تقصيرها في أداء عبادات شهر رمضان كما ينبغي، وتوضح: «أقضي أكثر من عشر ساعات في المطبخ في رمضان من أجل تحضير الكثير من وجبات الإفطار والسحور ولوازم تلك الوجبات من حلويات ومشروبات، وفي تلبية طلبات أفراد أسرتي التي لا تنقطع على مائدة الإفطار». تصمت مريم قليلًا، وتؤكد أن بداخلها رغبة وحب لأداء عبادات إضافية من أجل الثواب والأجر. إلا أنّها في ظل كل هذه الضغوط داخل المطبخ لا تستطيع قراءة القرآن والقيام بالعبادات المطلوبة. وتضيف:» ليس هذا فحسب، فأنا لا أتابع البرامج التليفزيونية في رمضان إلا لمعرفة طريقة عمل أصناف جديدة من الطعام والحلويات». وتعتبر عائشة عبد الرحمن، «موظفة حكومية وأم لثلاثة أبناء»، التي تقضي وقتها بعد العودة من الوظيفة الحكومية في المطبخ أكثر من 4 ساعات قبل الإفطار، أن المرأة هي الخاسر الأول في هذا الشهر الفضيل، إذ الكثير من النساء يتنازلن عن وقت عبادتهن لمصلحة إعداد الطعام للأسرة برغم وجود اليد العاملة من الخدم، لكن حبها للأجر ولتنفيذ طلبات أفراد الأسرة بإعداد أصناف معينة من الطعام لهم، يجبرها على الدخول إلى المطبخ، وتضيف: «هذه الأعباء الإضافية التي تتعلق بتحضير الطعام والتجهيز للولائم، تجعل الوقت ضيقاً وتحوّل التوازن ما بين العبادة وعمل المطبخ إلى مهمة مستحيلة لدى بعض النساء». وعن تجربتها في هذا السياق، تؤكد عائشة أنها تعمل جاهدة للاستفادة من وقتها في الشهر الكريم في العبادة وعدم السماح لوقت المطبخ بالتغلب على واجباتها الدينية المفروضة في هذا الشهر. أجر كبير وحتى تجد فرصة الاستفادة من شهر رمضان، تقوم سعاد المناعي، «ربة منزل»، بالتجهيز المبكر لإعداد مختلف أصناف المأكولات لأفراد أسرتها خاصة التي تأخذ وقتا طويلا في إعدادها مثل «الفطائر، والسمبوسة، والمعجنات» وتقوم بتخزينها في الثلاجة إلى حين استخدامها في شهر رمضان. ولا تخفي المناعي حقيقة أن أعباء المرأة تزداد في شهر رمضان، لافتة إلى أنها إذا لم تنتبه جيداً، فإنّ المطبخ سيسرقها حتماً، وستجد نفسها قد ضيعت عليها بركة الشهر الكريم». إلا أنّها تعود لتشير إلى أنها تعتقد بأن» النساء اللواتي يقمن بإعداد الطعام للصائمين لهن أجر كبير، فهذا نوع من العبادة في نظري». مع ذلك، تؤكد المناعي أنها تحاول قدر الإمكان تقليل الوقت الذي تمضيه في المطبخ، وتقول: «أسعى إلى استغلاله في البحث عن أفضل الطرق للعبادة والصلاة وقراءة القرآن». التخطيط للوقت على الرغم من معاناه الكثير من السيدات بعدم وجود الوقت الكافي للعبادة وقراءة القرآن الكريم في شهر رمضان، فإن البعض منهن نجحن في التوفيق بين المهمتين، إذ إن خبرة 14 سنة، جعلت فاطمة العلي تخطط للوقت، بحيث أصبح الوقت الذي تقضيه في المطبخ في رمضان تقريباً هو نفسه في الأيام العادية، ففي إمكانها، كما تقول، تحضير الطعام مهما كثرت أصنافه، في أقل وقت ممكن في هذا الشهر الكريم والتفرغ للعبادة. وتضيف: أقضي الفترة الصباحية في الصلاة وقراءة القرآن، وبعد صلاة الظهر، اتجه إلى المطبخ لإعداد وجبات رمضان، بالإضافة إلي التجهيز المسبق لبعض المعجنات والفطائر التي تم تخزينها في الثلاجة، وهذا التخطيط ساعدني كثيراً على اختصار وقتي في المطبخ، وترك لي فرصة الاستفادة من الشهر الكريم في العبادة والذكر. وتتفق في الرأي هدى منصور، موضحة عدم استعدادها لإضاعة نهار رمضان في المطبخ، مؤكدة أنها لن تغامر بوقت رمضان الثمين، كما تفعل بعض النساء اللواتي يبقين حبيسات جدران المطبخ، وتلفت إلى أن إضاعة الوقت والجهد في إعداد الموائد، وإغفال الذكر، والتضحية بالوقت لمصلحة إعداد الطعام، هي مشكلة كبيرة لابدّ أن تنتبه لها المرأة». وتقول عن تجربتها: «لا أجد عذراً لأي إمرأة تضحي بوقتها في شهر رمضان من أجل إعداد طعام الإفطار وتنسى عباداتها». وبالقناعة السابقة نفسها تتعامل مها فضل، «مدرسة متزوجة منذ 6 أعوام»، مع شهر رمضان على أنّه شهر عبادة فقط، ذلك أنها ترى أن التعاطي مع الشهر الكريم، على أنه شهر للأكل، هو من أكثر الأسباب التي تضيع على المرأة بركته، مؤكدة أن الوقت الذي يفقد في رمضان لا يمكن تعويضه، وتقول: «شهر رمضان ليس كباقي الشهور، إذ تضاعف فيه الأعمال الصالحات، وليس من الحكمة إضاعته في تحضير الوجبات والمشروبات». وتطالب مها ربات البيوت، بتغيير ثقافة الأسرة وتحديداً فيما يتعلق بربط الشهر الفضيل بالأكل»، مشددة على ضرورة فك الاشتباك بين رمضان والأطباق والوجبات والعصائر المختلفة. خاصة أننا قد نلقي بالكثير مما قضينا اليوم بطوله في تحضيره في سلة المهملات». فقدان القيمة الغذائية المعجنات والكبة والقطائف تأخذ وقتاً طويلاً في إعدادها، ولكن يمكن تحضيرها قبل فترة. فمثلاً، تحشى»السمبوسك»، ثم تدهن الحبات بزيت خفيف أو تلف بورق زبدة أو نايلون حتى لا تلصق وتجمد داخل الثلاجة في أكياس محكمة الغلق، ويتم إخراجها من الثلاجة قبل ساعة من القلي. وكذلك، لابدّ من مراعاة ترتيب هذه الأصناف، بحيث لا تلتصق عند التجميد ويصعب فكها. مع ضرورة تفقد أوقات تخزين الأطعمة والخضراوات داخل الثلاجة، حيث يفضل عدم تخزين الأطعمة المحتوية على البصل أو الملح أو البهارات لفترات طويلة، لأنّها تفقد قيمتها الغذائية». أفكار ذهبية لمطبخ رمضان يمكن تجهيز كمية من البصل، بحيث يفرم ويقلب في القليل من زيت الزيتون ويوضع في أكياس صغيرة في الفريزر، لتستخدم حسب الحاجة، كما يمكن أيضاً أن يبشر الجزر ونضعه في أكياس صغيرة للإستخدام في الشوربات وفي»سمبوسك» اللحم أو الخضار. كما يمكن توفير بعض الوقت بخلط بعض الفلفل الأخضر والكزبرة وقليل من البقدونس والبصل والثوم خلطاً خفيفاً في الخلاط الكهربائي ووضع الخليط في أكياس في البراد لاستخدامها لاحقاً في كثير من الطبخات، إذ إنها تعطي نكهة مميزة للأكل». وبخصوص الشوربات، فيمكن سلق كمية من قطع الدجاج أو اللحم حسب الرغبة، ثم تبهر وتملح، ثم توزع على علب عدة وتوضع في الفريزر، كما يمكن سلق العدس ويترك ليبرد ثمّ يضرب بالخلاط ويوزع في أكياس داخل الفريزر. وبالنسبة إلى بعض الخضراوات، مثل البقدونس والكزبرة والشبت، فيمكن تقطيعها ووضعها داخل علب حافظة في الفريزر للاستخدام لاحقاً، كما يمكن إعداد كمية من الثوم بعد تقشيره وفرمه في أكياس في الفريزر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©