السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علاقات «هشة» مغلفة بالود خارج نطاق القلب .. ما الحل؟

علاقات «هشة» مغلفة بالود خارج نطاق القلب .. ما الحل؟
11 أغسطس 2014 12:45
في كثير من الأحيان تضطرنا الظروف للتعامل بشكل مباشر ويومي مع أناس لا يتقبلهم القلب، ولا يستسيغهم الوجدان بحكم العمل أو السفر ضمن رحلة ذات طبيعة خاصة، أو من خلال الإقامة في مكان ما، أو بسبب المصالح الشخصية وظروف الحياة، رغم إشكاليات الحب والبغض التي تتنازع الناس جميعاً تجاه بعضهم بعضا، إلا أن الكره أو المحبة لهما أسبابهما دائماً، لكن كيف يتصرف البعض حين يجد نفسه أمام واقع محتوم يفرض عليه التعامل مع أشخاص لا يحبهم؟ وفي الوقت نفسه يضطر لإقامة علاقات معهم قد تبدو في ظاهرها مغلفة بالود والتقبل والصداقة، لكنها في الباطن تفيض بالبغض والكراهية وعدم الارتياح، وهو ما يوافق قول أبي الطيب المتنبي «ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى... عدواً له ما من صداقته بد». ليس هناك أصعب على المرء من اضطراره إلى مهادنة شخص ما ، نظراً لطبيعة الظروف المكانية أو العملية التي تجمعهما ببعضهما بعضا، لكن من هم هؤلاء الأشخاص؟! ولماذا لا تكون هناك مكاشفة في تلك الحالات الخاصة التي تعبر عن ظاهرة حقيقية لها وجودها الفاعل في المجتمع ؟وكيف يمكن التغلب على المشاعر السلبية تجاههم. مواقف إنسانية حول ظاهرة العلاقات المغلفة بالصداقة الظاهرية، والتي هي في حقيقتها تحمل العداوة والبغضاء يقول عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة الدكتور أحمد العموش: حياة الإنسان عبارة عن سلسلة من العلاقات المفروضة والاختيارية، ولكل واحدة منها إشكالياتها الخاصة، لكن تظل العلاقات التي تفرضها الظروف أشد تشابكاً، وأكثر زخماً في حياة الفرد سواء بالسلب أو الإيجاب، وإذا ما نظرنا إلى حالات البغض الباطنة في العديد من العلاقات، سنجدها جاءت نتيجة للمواقف الإنسانية التي تتولد من خبرات الحياة ،والدليل على ذلك أن الموظف الذي يتعامل مع من هو أعلى درجة منه في العمل بطريقة فيها الكثير من الاحترام المبالغ فيه -رغم أنه في الباطن لا يضمر له إلا مشاعر البغض- ليست سوى دليل على أن هناك طرفاً يشكل عبئاً نفسياً على الآخر الذي يحاول أن يتفادى هذا العبء بالمهادنة، وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة موجودة في كل مناحي حياتنا إلا أنه لا يجب أن يستسلم الفرد للمشاعر السلبية ويجعلها قوام علاقته بالآخرين. ويلفت العموش إلى أن إي إنسان تتوافر فيه إيجابيات وسلبيات، ومن الممكن أن يحاول الشخص المتضرر من عملية التعامل اليومي أن يسعى لإقامة علاقة واضحة ليس فيها أي نوع من المراوغة، وذلك باستثارة العوامل الإيجابية في الآخر، لأن الفرد لن يستطيع أن يلغي علاقات الجيرة أو العمل أو حياة قائمة داخل نطاق الأسر الكبيرة، التي تتفرع منها أسر صغيرة ،ويدخلها أشخاص جدد بحكم المصاهرة أو الواجبات المفروضة تجاه الأقرباء. صور يحكي إبراهيم عطية «موظف» قصته مع أحد زملاء العمل الذي يرافقه كثيراً في الأعمال الخارجية، والتي يتم تكليفهما بها من قبل الإدارة، وعلى الرغم من أن إبراهيم تلقى العديد من الإنذارات من قبل مديره، والتي توحي بأنه مقصر في عمله بسبب افتراءات هذا الزميل، إلا أنه حاول أكثر من مرة أن يُفْهِم مديره أنه ليس هو الذي يتسبب في الإهمال أو تأخير المطلوب منه، لكن علاقة مديره الطيبة بزميله جعلته في مستوى عال من الحماية، وهو ما أرغمه على أن يقبل بالأمر الواقع، ويفكر في مهادنة زميله الذي يراه سيف الشر المصوب دائماً نحوه، ويشير إلى أن العلاقة بينهما في ظاهرها الصداقة المحضة التي لا تخلو من الظرف والمداعبات اللفظية الشائقة، لكن عطية يضمر في نفسه كل مشاعر البغض لزميله الذي كثيراً ما جر إليه السوء، وجعله يعيش أكثر من مرة في حالة من الضيق والألم النفسي. رحلة علمية يعترف موسى فرحات بأنه اضطر في إحدى الرحلات الجامعية العلمية خارج الدولة إلى تحمل رئيس بعثته الذي لم يكن يجيد الابتسامة، أو حسن التعامل مع الآخرين، ويشير إلى أنه تعامل معه بمستوى من التقبل الجارف فيما يبدو له وللآخرين، لكنه كان يغلي بداخله فور الابتعاد عنه، ويلفت إلى أنه بسبب معاملته الطيبة لرئيس البعثة بدأ يطلب منه أن يسهر معه، فأضحيا يتناولان الوجبات الغذائية معاً ،على الرغم من أن فرحات لا يحبه ولا يطيقه . ويؤكد أنه اضطر إلى ذلك حتى لا تنخفض درجته العلمية في هذه الرحلة خصوصاً وأنه من الطلاب المشهود لهم بالكفاءة، ويسعى إلى أن يواصل مشواره العلمي من دون منغصات أو عقبات. ولا تنكر عبير حمادة أنها تعاملت مع زوجة أخيها بكثير من الرفق المودة الظاهرة ،حتى لا تغضب شقيقها الذي عنفها أكثر من مرة بسبب عدم تقبلها لزوجته، وتوضح أن القصة بدأت منذ أن تزوج شقيقها بجارة لها كانت لا تتوافق مع طباعها، ولا تجد نقاط التقاء مشتركة بينهما. وتؤكد أنه بعد أن صارت زوجة لأخيها اضطرت إلى أن تظهر أمام الجميع أنها تحبها وتحرص على صداقتها، إلا أنها رغم كل ما تبذل تظل العلاقة بينهما متوترة، وتشير إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى أن المرأة بطبيعتها لا تجيد إخفاء مشاعرها بالصورة التي تجعلها تظهر شخصية أخرى غير التي تسكنها. ضيق وعلى الجانب الآخر يتحدث جابر خليفة عن مأساته مع الآخرين، والتي تتمثل في أنه من الذين يجيدون مهارة كتابة الشعر والنثر معاً، ونظراً لأنه من أصحاب المواهب فإن هناك من يقصده بهدف مساعدته في تصحيح تغريداته على تويتر، أو ما يطرح من أفكار على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «الفيس فوك» وغيره، ونظراً لأن علاقة العمل جمعته ببعض الأشخاص الذين يعانون داء العظمة، ودرجته الوظيفية تعلوه، فإنه أصبح لا يستطيع الفكاك منه، لكونه يتصل به في ساعات متأخرة من الليل كي يصحح له ما سيغرد به، وهو ما جعل خليفه لا يظهر ضيقه من هذه التصرفات، نظراً لمكانة الطرف الآخر في محيط العمل، لكنه كان يود أن ينفجر ذات مره ويقول له «أنت شخص لا تطاق». مشاعر حقيقية يرى الدكتور أحمد العموش: إن الفرد الذي يرفض تصرفات الآخرين، وهو غير قادر على نقدها علانية يكون عرضة للكبت والضيق والانفعال، لكونه يظهر أمام الآخرين غير مشاعره الحقيقية، رغم أنه ليس مفروض عليه أن ينقدهم، لكن من المفترض أن يناقشهم، يلفت نظرهم إلى تصرفاتهم التي تسبب له الأذى، ويشير إلى أن الواقع يفرض على العديد من أفراد المجتمع أن يتعاملوا بشيء من الدبلوماسية مع بعض الأفراد المتسلطين، الذين يستمدون نفوذهم من مواقعهم العملية، أو مكانتهم العائلية، أو بحكم موقعهم في دائرة الجيرة أو العمل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©