الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هجمات النرويج... صدمة ما بعد الكارثة

24 يوليو 2011 21:39
مع مصرع 92 شخصاً، وإيداع قاتل مشتبه به في السجن، تحول معظم النرويجيين الذين كانوا يحاولون جاهدين فهم مغزى الهجوم بالقنابل على قلب أوسلو، وإطلاق النار على معسكر للشباب هناك، إلى الحديث بشكل متكرر يوم السبت الماضي، عن المثال الوحيد الذي يشابه ما حدث عندهم وهو ذلك الخاص بالهجوم بالقنابل على مدينة أوكلاهوما الأميركية عام 1995. فهناك شبه كبير بين ما حدث هنا في أوسلو، وما حدث هناك في أوكلاهوما في ذلك العام: الافتراض السريع بأن مسلمين هم الذين يقفون وراء الهجوم وهو الافتراض الذي سرعان ما تبين خطؤه في الحالتين. فالنرويجيون باتوا متأكدين الآن -كما فعل أيضاً أقرانهم الأميركيون في ذلك الوقت- بأن المسلمين أبرياء، وأن الذي قام بالهجوم هو شاب أبيض مسيحي نرويجي يبلغ من العمر 32 عاماً، تبين أنه كثيراً ما كان يهاجم في السابق سياسة التعددية الثقافية التي تتبعها بلاده، وأنه هو المشتبه به الرئيسي وربما الوحيد في ارتكاب أعمال القتل التي حدثت يوم الجمعة الماضي في أوسلو وفي جزيرة قريبة منها. وتبين أن اسم هذا الشاب هو "أندرس بيرينج بريفيك" وقد اعترف بالفعل بإطلاقه النار. وأوردت صحيفة نرويجية خبراً مفاده أنه كان قد اشترى في الآونة الأخيرة كمية كبيرة من السماد الذي يمكن تحويله إلى متفجرات، وهو ما يشبه تماماً ما فعله مفجر قنابل أوكلاهوما "تيموثي مكفاي" عام 1995. ووفقاً لكتابات على الإنترنت كان من الواضح أنه هو الذي دونها بنفسه كان "بريفيك" يعيش على هامش التيار اليميني النرويجي المتطرف، الذي كان قد شهد أفولاً متواصلاً خلال العقد الأخير. وتلك المدونات تشجب الساسة النرويجيين بشكل عام، وتتهمهم بخيانة الأمة، ولكنها لا تكشف عن أي ميول للعنف. وكانت النرويج التي لا يزيد عدد سكانها عن 4.5 مليون نسمة، قد غرقت في الحزن يوم الجمعة الماضي بعد أن لقي ما يزيد عن 80 مراهقاً كانوا يشاركون في معسكر لحزب العمل الحاكم على جزيرة "أوتويا" مصرعهم رمياً بالرصاص. وقد حل هدوء ثقيل قاتل بأوسلو بعد التفجيرات التي وقعت في قلبها، وطالت مقر رئيس الوزراء وعدداً من المباني الحكومية، وأسفرت عن مصرع سبعة أشخاص وإصابة عدد كبير آخر، إلى درجة أن الصوت الوحيد المسموع كان صوت عمال النظافة وهم يزيلون أكوام الركام والزجاج المكسور. وكان منظر التدمير صادماً لسكان المدينة الهادئة عادة، التي يفتخر سكانها بكونها مقراً لجائزة نوبل للسلام أكثر من أي شيء آخر. وقال رئيس الوزراء النرويجي "ستولتنبيرج" الذي زار الناجين من مذبحة الجزيرة بصحبة بعض أفراد العائلات التي فقدت أبناء لها "من المبكر الآن القول كيف سيغير هذا العمل المجتمع النرويجي"، وأضاف "ستولتنبيرج": "ولكن من المؤكد أن هؤلاء الذين يريدون إخافتنا لن ينجحوا في ذلك". كما زارت العائلة المالكة مواقع الانفجار، وفي المساء قامت الملكة "سونيا" مع ابنها ولي العهد "هاكون ماجنوس" وعائلته بزيارة كاتدرائية "لوثيران" حيث أدوا صلاة صامتة. وعندما غادروا مقر الكاتدرائية بعد الصلاة القصيرة كانت الجماهير التي تجمعت خارجها لمشاهدة العائلة المالكة في حالة من الصمت المطبق هي أيضاً. وقالت إنجر مارجريث اريكسن (71 عاماً) من سكان أوسلو: "يمكننا ترميم المباني... أما الأطفال الأبرياء الذين قضوا في الحادث فقد..." ولم تستطع إكمال العبارة حيث اختنق صوتها بالبكاء. وفي لقاء بالتلفزيون الرسمي وصف الناجون من المذبحة على الجزيرة مشاهد الخوف والرعب فقالوا إن المهاجم الذي كان يتنكر في زي رجل شرطة، طاف بأنحاء الجزيرة، وهو يحمل بندقيتين ثم بدأ في إطلاق النار على أي شخص يراه واستمر على ذلك لمدة 90 دقيقة كاملة دون توقف. وقالت مصادر الشرطة إن بعض المراهقين ممن كانوا مشاركين في المعسكر، قد غرقوا وهم يحاولون السباحة من الجزيرة إلى العاصمة. وحسب الأرقام التي أعلنت عنها الشرطة، فقد لقي 85 من الموجودين بالجزيرة مصرعهم ولا يزال البحث جاريّاً عن 4 مفقودين. وعلى رغم أن الشهود قد أكدوا أن إطلاق النار قد استمر لمدة ساعة كاملة أو أكثر قبل أن يصل رجال الشرطة إلا أن مصادر الشرطة أكدت هي الأخرى أن رجالها قد وصلوا إلى مسرح الحادث بعد أربعين دقيقة من البدء في إطلاق النار. وبعد القبض على "بريفيك" اقتاده رجال الشرطة إلى البر في قارب صغير. وقال "أندرس نوربيرج" 34 عاماً الذي يعيش في منطقة قريبة من الجزيرة: "أعتقد أن الكثير من الناس يشعرون بقدر من الراحة، لأن من قام بهذه الجريمة البشعة شخص معتوه وليس مجموعة إرهابية ولا تنظيم القاعدة ولا شيئاً من هذا القبيل". وتوافقه "سيرجيد سكياي تجنسفول" التي جاءت لمشاهدة آثار الدمار في أوسلو حيث عقبت على ذلك بقولها: "إذا ما قام أشخاص مسلمون بعمل شيء سيئ، فإننا نقول عادة انظروا ماذا يفعله المسلمون أو أن المسلمين هم من يقوم عادة بهذه الأشياء... أما إذا ما قام شخص أبيض بروتستانتي بعمل شيء سيئ، فإننا عادة ما نصفه بأنه مجنون.. والحقيقة أننا في حاجة إلى إعادة النظر في هذا الأمر". وتضيف "تجنسفول" وهي تعمل في محطة الإذاعة الحكومية الرسمية "إن. آر. كيه" التي تبث من مبنى قريب من موقع الانفجار إنها قد اعتقدت في البداية أن الصوت الذي سمعته هو صوت رعد... وبعد ذلك فكرت أنه ربما يكون بسبب انفجار موقد غاز أو ما شابه ذلك. وبعد ذلك أدركت أن الصوت ناتج عن انفجار قنبلة، وتقول وقد ظهر الخوف على ملامحها "عندما تفكر في أن الانفجار قد حدث في نفس المنطقة التي نتردد عليها يوميّاً... وعندما تفكر أن أي شخص منا كان يمكن أن يكون من ضمن القتلى لابد أن ينتابك شعور بالذعر... وليس هذا فحسب فقد كان من الممكن أن أذهب أنا شخصيّاً إلى هناك لاحتساء مشروب مع أصدقائي كما أفعل عادة.. فهذا هو المكان الذي أذهب إليه عادة". ويل أنجلوند ومايكل بيرنباوم - أوسلو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©