توفيت أمي- رحمها الله- وأنا في الثالثة عشرة من عمري، كنت أدرس في بداية المرحلة الإعدادية، تركتني أنا وإخوتي الثلاثة، منهم اثنان أكبر مني والثالث أصغرنا آخر العنقود، بعد أشهر قليلة استشعرت أن أبي يبحث عن زوجة، لم أسترح لذلك، وهذا أمر طبيعي فلم أتخيل أي امرأة تحل مكان أمي مهما كانت، ولأنني صغيرة ومشغولة في دراستي لم أكن قادرة على القيام بمهام المنزل، وحتى لو كنت كذلك، فلن يثني ذلك أبي عن الزواج، لم يكن لي ولا لإخوتي رأي فيما أقدم عليه أبونا، صحيح أنه من حقه فهو في الأربعين من عمره، إلا أن أحزاننا على فراق ست الحبايب ما زالت حارة، ولا يمكن أن ننساها مهما مرّ من الشهور والسنين.
نحو الزواج
انتحيت جانباً وبكيت بحرقة ربما أكثر مما بكيت يوم وفاة أمي بعدما علمت أن أبي قد اتخذ خطوات جادة نحو الزواج، كان أكثر الأيام سواداً في حياتي كلها على الإطلاق، لم أكن قادرة على أن أعرف السبب وراء ذلك هل هو فقط فراق أمي، أم أنها غيرة على أبي أم المخاوف من المستقبل المجهول، أم هذا كله، ساءت حالتي النفسية وأحجمت عن تناول الطعام بلا قصد لأنني فقدت الشهية تماما، وللحقيقة فقد تأثرت حياتنا كلها ولم تعد إلينا الابتسامة منذ فارقتنا ودخلت مكانها الأحزان، وإخوتي ليسوا أحسن حالاً مني فكلنا في الهّم سواء.
![]() |
|
![]() |
«العين الحمراء»
![]() |
|
![]() |