الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البنوك المصرية تعيد فتح ملف رجال الأعمال المتعثرين

البنوك المصرية تعيد فتح ملف رجال الأعمال المتعثرين
24 يوليو 2011 21:06
عادت قضية التعثر المصرفي والصراع بين البنوك الدائنة وكبار عملائها المتوقفين عن السداد تطل برأسها من جديد على ساحة التمويل في مصر خلال الأسابيع الأخيرة‏.‏ ويبدو أن حالة “التباطؤ الاقتصادي”، التي ألمت بالبلاد منذ أحداث ثورة ‏25‏ يناير ولاتزال تمسك بخناق العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية المؤثرة، لعبت دوراً حاسماً في الدفع بملفات التعثر المصرفي مرة أخرى لتدخل دائرة الصراع من جديد بين البنوك والعملاء، الأمر الذي ألقى بظلال سلبية على سوق التمويل بصفة عامة في وقت تبدو فيه الشركات في أمس الحاجة للتمويل بعد أن بدأت تعاني نقصاً حاداً في السيولة خلال الأشهر الأخيرة لذلك كان مفاجئاً للجميع أن تنفجر ملفات واتفاقيات التسوية التي كانت البنوك الكبرى قد أبرمتها في توقيتات سابقة مع عدد كبير من العملاء المتنوعي النشاط هذه الأيام، حيث كانت العناوين الأبرز في هذه الملفات المتفجرة تسويات أحمد بهجت مع بنكي مصر والأهلي ورامي لكح مع بنك مصر وحسام أبوالفتوح مع بنك القاهرة وإسماعيل أبوالسباع مع عدد من البنوك أبرزها بنك مصر‏.‏ وتؤكد فاطمة لطفي العضو المنتدب لبنك “عودة”، أنه من الطبيعي أن تظهر في هذه الفترة حالات تعثر مصرفي أو تتجدد أزمات الشركات التي كانت قد أبرمت معها تسويات في وقت سابق؛ لأن ظروف السوق غير مواتية، ولكن الأمر يتوقف بالدرجة الأولى على ضرورة التوصل إلى منطقة مشتركة تجمع مصالح هؤلاء العملاء والبنوك؛ لأن آي بنك ليس من مصلحته خروج عميله من السوق أو إفلاسه، وبالتالي يجب أن يتفهم كل طرف ظروف وأوضاع الطرف الآخر ويتوافر نوع من حسن النية، بحيث يتم تجاوز هذه المرحلة. وأشارت لطفي إلى أن معظم البنوك المصرية أثبتت قدرة عالية على التحمل في ظروف سلبية والوقوف بجانب عملائها، ولاتزال تتمتع بسيولة عالية ورغبة في ضخ تمويل للشركات، ولكن يبقى على الطرف الآخر الالتزام بما تم الاتفاق عليه في وقت سابق ولا يتعلل أحد بارتفاع الفوائد أو فرض غرامات تأخير، فهذه أعراف مصرفية مستقرة يعلمها هؤلاء العملاء عندما وقعوا على اتفاقيات تسوية والا يحق لهم الآن إعادة الأمور إلى المربع صفر ولكن يمكن إجراء نوع من إعادة الهيكلة أو تأجيل سداد أقساط وغيرها من الآليات التي يمكن أن تتبعها البنوك وبموجبها تمضي التسويات القديمة في طريقها. ورغم اختلاف الظروف والملابسات والقدرة المالية وحجم الأصول بين هذه الحالات الأربع، وكذلك شروط ومناخ إبرام تسويات كل منهم مع البنوك الدائنة، فإن هناك عدداً من القواسم المشتركة بين هذه الحالات، منها أن هذه التسويات جميعها تم توقيعها قبل عدة سنوات وأحدثها اتفاقية تسوية رامي لكح، وقد كانت الأمور تمضي في هدوء بين البنوك والمدينين إلى أن انفجرت أحداث الثورة وبعدها بقليل بدأت عمليات توقف عن السداد أو إخلال ببنود التسويات، ثم تصريحات متضاربة تخرج من البنوك الدائنة وكل عميل، حيث يحمل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية انهيار اتفاقية التسوية‏.‏ ويجمع هؤلاء العملاء على أن هناك نوعاً من الإجحاف قد جرى في عملية تقييم الأصول، وأن هناك تضخماً مبالغاً فيه في حجم المديونيات نتيجة احتساب غرامات تأخير وفوائد متراكمة عبر سنوات، الأمر الذي جعل سداد هذه المبالغ كافة التي تطالب بها البنوك يعني بوضوح خروج هؤلاء العملاء المدينين من السوق بصفة نهائية، أي أن تلك التسويات ـ سواء تم الالتزام بها أو خرق بنودها من جانب بعض الأطراف ـ لم تمنح هؤلاء العملاء أي فرصة أو منفذ للبقاء في السوق ولو بحجم أقل أو في نشاط واحد‏.‏‏ أما الملمح المشترك في هذه الملفات الأربعة، فهو تعلل الجميع بأن البنوك كانت وراء تعثرهم؛ لأنها دفعتهم دفعاً إلى حالة الإفلاس عبر العديد من الآليات كان أبرزها حرمان شركات هؤلاء المدينين من الحصول على أي تمويل مصرفي لتعويم أنشطتهم والعودة مجدداً للسوق أو حتى البقاء فيها لأطول فترة ممكنة فمنذ توقيع اتفاقيات التسوية امتنعت البنوك الدائنة ـ ومن خلفها بقية البنوك ـ عن مساعدة الشركات المدينة على الحصول على أي سيولة حتى ولو كانت متحصلة من بيع أصول تابعة لهذه الشركات تسبب في سرعة اختناق العديد منها، ووصل الأمر إلى عجز بعض هذه الشركات عن سداد أجور العاملين لديها أو شراء مواد خام ومدخلات لضمان استمرار العملية الإنتاجية، وبالتالي عجل ذلك بوصول الشركات إلى نقطة اللاعودة وعدم التزامها بسداد أقساط التسوية لتعود الأوضاع بينها وبين البنوك الدائنة إلى المربع صفر‏.‏ وساهم في الإسراع بتفجير هذه الملفات الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي تقف في خلفية المشهد ليس بالنسبة لهؤلاء العملاء فحسب بل للعديد من الشركات التي بدأت تواجه صعوبات في سداد التزاماتها للبنوك لسبب جوهري يتعلق بعدم قدرتها على تصريف منتجاتها في السوق سواء كانت هذه المنتجات سلعا أو خدمات نظرا لحالة الكساد وتوقف المستهلكين عن الشراء‏‏ وتجلى ذلك بوضوح في قطاع الإنشاءات على سبيل المثال، حيث وجدت الكثير من الشركات العاملة في هذا القطاع نفسها أمام مأزق شديد الصعوبة فلا هي قادرة على استمرار تمويل مشروعاتها وهي في منتصف مراحل التنفيذ ولا هي قادرة على تصريف منتجاتها للحصول على سيولة تساعدها على اجتياز المرحلة وفي نفس الوقت لا هي قادرة على سداد التزامات قروض سبق لها الحصول عليها ولا الحصول على تمويل جديد نتيجة سياسات التشدد الائتماني التي اتبعتها غالبية البنوك بعد الثورة ومن ثم وجدت هذه الشركات نفسها في العراء ووجدت أسس دراسات الجدوى التي بنت عليها مشروعاتها تنهار‏.‏ ويمكن القول إننا بصدد فصل جديد في دراما التعثر المصرفي في مصر بدأ يفجر ملفات تسويات قديمة، إلا أنه سوف يستقبل في الفترة القادمة المزيد من الملفات الجديدة، حيث بات من المؤكد أن شركات عديدة سقطت أو أوشكت على السقوط بسبب الظروف الراهنة. ويؤكد جلال الزوربا، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، أن الرؤية متفائلة لمستقبل الاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة بعد إنجاز عملية التحول الديمقراطي بنجاح وعودة الهدوء والاستقرار الأمني للبلاد وهي الرؤية التي تجمع عليها دوائر التحليل العالمية كافة ومن المفترض أن تدفع البنوك الى الوقوف بجانب عملائها لأن المتعثر اليوم قد يكون ناجحاً ومحققاً لأرباح ضخمة غداً، وبالتالي سوف تكون البنوك الدائنة أول المستفيدين في حالة تجاوز الظروف الاستثنائية.‏ وقال إنه يجب أن تدرك البنوك أن هناك أوضاعاً اجتماعية سوف تنتج عن إبرام أي تسويات غير منصفة للعملاء تتمثل في تسريح عمالة أو خفض أجور ومزايا أونقص إنتاج بعض السلع والخدمات من السوق نتيجة خروج بعض اللاعبين أوإفلاس شركات وهي آثار اجتماعية لم تعد البلاد تستطيع أن تتحملها في الفترة المقبلة مما يلقي على كاهل البنوك نوعا من المسؤولية الاجتماعية لا سيما مع تحسن أوضاع المراكز المالية لمعظم وحدات القطاع المصرفي وسد فجوة المخصصات في الكثير منها‏.‏ وأجمع خبراء اقتصاديون ورجال أعمال على أن حالات التعثر الجديدة سوف تكون مختلفة عن حالات التعثر القديمة، حيث يبدو واضحاً تأثير ظروف السوق وحركة الاقتصاد الكلي على ظهور حالات التعثر الجديدة لا سيما بعد الثورة وذلك مقارنة بأسباب يتعلق بعضها بالفشل الإداري وبعضها بالفساد السياسي كانت تقف بوضوح وراء حالات التعثر القديمة ومن ثم يجب التعامل مع المتعثرين الجدد على اعتبار أنهم ضحايا ظروف سوق وبلد يمر بثورة استثنائية في تاريخه أكثر من كونهم جناة واهدروا أموال البنوك التي هي في الأصل أموال مودعين‏.‏ ويشير هؤلاء إلى أن التجارب أثبتت فشل الرؤية القديمة في معالجة ملفات التعثر وبالتالي يجب اعطاء الشركات المتعثرة الجديدة فرصة البقاء حية بدلا من سياسة إطلاق الرصاص عليها عبر تسويات مجحفة أو لا تراعي كافة ظروف وأوضاع هذه الشركات‏.‏
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©