الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين.. ورقة المعادن النادرة!

19 يناير 2015 23:16
إن أكاسيد العناصر الأرضية النادرة ليست هي أكثر السلع جاذبية في العالم. فمن الصعب استخراج العناصر السبعة عشر التي تحمل أسماء غامضة من الأرض. ولكن الأمر الذي تفتقر إليه هذه العناصر يكمن في العلامة التجارية، وهي تعوض ذلك في المرافق وفي وجودها في كل مكان: وهي أيضاً ضرورية لمنتجات واسعة النطاق، مثل توربينات الرياح والهواتف الذكية وأنظمة الأسلحة ذات التقنية العالية، وحتى في بكرة الصيد. وعلى رغم أن الولايات المتحدة كانت يوماً ما مورداً أساسياً لأكاسيد العناصر الأرضية النادرة، إلا أن الصين صارت هي المصدر الرئيسي في العالم منذ التسعينيات. وهذا يجعل تلك العناصر أكثر من مجرد سلعة. وكما تثبت الأحداث الأخيرة، فإن هذه العناصر نافذة على فهم أنه، حتى في مواجهة العقبات، فإن الصين لن تتخلى عنها بسهولة. وفي عام 2013، قدمت الصين 86% من أكاسيد العناصر الأرضية النادرة، وفي السنوات الماضية خاصة لم يخفِ المسؤولون الصينيون خططهم لاستغلال قوتهم الاحتكارية المتراكمة. وفي 2009، أوضح مسؤول بارز في منغوليا الداخلية، وهي موطن أكثر المناجم إنتاجاً لأكاسيد العناصر الأرضية، لوكالة «شينخوا» للأنباء أن ضوابط التصدير بالنسبة لهذه الأكاسيد، التي تعود لعام 1999، كانت تهدف إلى «جذب المزيد من المستثمرين الصينيين والأجانب للمنطقة». وكانت هذه رسالة للشركات في جميع أنحاء العالم: إذا ما أردت ضمان استمرار الحصول على أكاسيد العناصر الأرضية النادرة، فإنه يجدر بك نقل مصنعك إلى الصين. وفي سبتمبر 2010، منعت الصين فجأة تصدير هذه الأكاسيد لليابان بعد قيامها باعتقال أحد صياديها في المياه التي تطالب بها كلتا الدولتين. ولم يتم استئناف التصدير إلا بعد الإفراج عنه. ولكن بالنسبة لليابان والولايات المتحدة، وهما من أكبر المنافسين الجيوسياسيين للصين، فالمعنى الضمني كان واضحاً: عندما يتعلق الأمر بالعناصر الأرضية النادرة، لا ترى الصين سبباً لفصل الأهداف الاقتصادية عن السياسية. وكما ذكرت وزيرة الخارجية في ذلك الوقت هيلاري كلينتون، فإن الضغط السياسي الذي مارسته الصين على اليابان كان بمثابة «صيحة إنذار». بيد أن هذه الصيحة جاءت متأخرة للغاية. فبحلول 2011، كان العديد من المستخدمين الأجانب للعناصر الأرضية النادرة قد نقلوا بالفعل إنتاجهم إلى الصين، كما ذكرت «نيويورك تايمز». وفي الوقت نفسه، ساعدت المخاوف والتوقعات في رفع الأسعار. وعلى سبيل المثال ارتفع سعر السيريوم، وهو من العناصر النادرة ويستخدم عادة في سبائك الألومنيوم والحديد، من 6 دولارات للرطل الواحد في 2008 ليسجل 77 دولاراً في أغسطس 2011. ولكن الطلب -السياسي والاقتصادي- على مصادر بديلة للعناصر الأرضية النادرة سرعان ما بدأ في تحويل السوق. وبدأت البدائل للأكاسيد الأرضية النادرة في الصين تظهر بسرعة، سواء عبر عمليات التدوير، أو من خلال اكتشاف مناجم جديدة، أو مواد بديلة أو حتى التهريب. ووضعت اليابان نصب عينيها هدفاً يتمثل في تأمين 60% من إمدادات العناصر النادرة من خارج الصين بحلول 2018. وفي منتصف 2011، ساعدت المصادر البديلة للعناصر الأرضية على انهيار أسعار العناصر الأرضية النادرة، التي لم تنتعش بعد تماماً حتى الآن. وقد أجبر ذلك الصين على تغيير مسارها، حيث رفعت القيود التي استمرت 15 عاماً على صادرات المعادن الأرضية النادرة، وفقاً لقرار منظمة التجارة العالمية. ولكن من السذاجة أن نتخيل أن الصين ستتخلى عن طموحاتها التجارية بسهولة. وفي الواقع، فإن إلغاء الحصص التصديرية لم يكن تنازلاً كبيراً في المقام الأول: حيث انخفض الطلب بصورة كبيرة إلى درجة أن الحصص لم تعد تشكل قضية. وفي الـ11 شهراً الأولى من عام 2014، بلغ حجم صادرات الصين من المعادن النادرة 24866 طناً مترياً. وعليه، فعندما حكمت منظمة التجارة في مارس 2013 بأن القيود على صادرات الصين من المعادن النادرة وغيرها من المعادن الصناعية تشكل انتهاكاً لقواعدها، لم تتقدم الصين بشكوى. من ناحية أخرى، انتقلت الصين إلى الخطة (ب)، التي تتمثل في تعزيز الصناعة في تكتلين مملوكين للدولة، وذلك بهدف معالجة إحدى المشكلات الرئيسية في السوق المحلي للصين، وهي انتشار المناجم الخاصة والمنقبين الذين بإمكانهم إمداد المهربين باحتياجاتهم. وكما ذكرت «وول ستريت جورنال» في ديسمبر 2013، فإنه حتى إذا لم تهيمن الصين على المعادن النادرة، فستستمر في السيطرة على تصنيعها. آدم مينتر * كاتب أميركي مقيم في آسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©