الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«كونتينر».. صراعات إنسانية في حياة اللاجئين

«كونتينر».. صراعات إنسانية في حياة اللاجئين
17 أكتوبر 2018 02:29

نوف الموسى (دبي)

أتفهم جيداً الدور الفعلي للندوة التطبيقية المصاحبة للعروض المسرحية، في مهرجان دبي لمسرح الشباب 2018، وما تثيره على مستوى قراءة النص، والمحاولة الضمنية لتصحيح مسارات العروض عموماً، وأحياناً أخرى كما يطلق عليها المسرحيون، محاولة في خلق مفاتيح جديدة، تعمق إسقاطات العرض التي قد تكون خطيرة، إذا ما تم استخدامها جزافاً أو بشكل تجريبي بحت، دونما دراية بطبيعة تلك الرموز ودلالاتها، وربما ما صاحب مسرحية «كونتينر» للمخرج الشاب خميس الشحي، والمؤلف عباس الحايك، مساء أول من أمس، من اختلاف لوجهات النظر، حول الشكل المسرحي لقضية «اللاجئين»، ولحساسية الطرح عربياً وعالمياً، واحتماليات وجهات النظر السياسية والاجتماعية والفكرية والإنسانية، طالب المسرحيون المخرج خميس بالوعي حول ما يطرحه، من وجهة نظره الخاصة، بعد الاطلاع المتمعن بأبعاد القضية ككل، وهنا يجدر الإشارة إلى مسألة دقيقة في الأعمال الشبابية، وهي الآلية الأكاديمية والعلمية لتفكيك النص، ومدى ارتباطه باستمرارية الشباب المسرحيين، والسؤال، مالذي يحدد المعيار الواضح للإخراج في التجارب الأولى؟!
برغم الانسجام الذي قدمه الممثلون المنفردون والجوقة، في منتصف الحكاية المسرحية، إلا أن بداية العرض كما وصفه المسرحي محمد العامري بـ «المرتبك»، كان ملحوظاً، والذي يسهل تعريته، منوهاً حول فضاءات استخدام 3 أشكال لـ «الكونتينر»، وهي مجسمات تعبر عن صناديق التخزين ونقل البضائع، استخدمها المخرج لتعبر عن بيت اللاجئين وسجن الاستجواب ومكان العمل لشخصية الزوج (الصيدلية) التي قدمها الممثل الشاب خميس اليماحي، تشاركه سماح الغربي في دور الزوجة، من دخلوا في منطقة صراع، حول من السبب لم وصولوا إليه، والتي انتهت عند اللحظة التي اختار فيها الزوج الفرار بألمه، والزوجة بالرجوع إلى موطنها، ولا يمكن في هذا الصدد تهميش أثر فعل الصوت الحيّ للعرض، باستخدام الجوقة، من شكلوا عنصراً رئيساً لتحريك المشهد وربطه بالسينوغرافيا التي بحث عن كيفية أن يصبح الشخص إنساناً لاجئاً؟، و«ما هي جذور تلك الدوافع؟»، التي قد يختلف ويتفق عليها كثيرون.
أبدى المسرحي حسن رجب استغرابه حول إصرار الشباب للخوض في قضايا غير شبابية، منوهاً إلى مسألة الخلط في المدارس المسرحية في العرض، مستعجباً أن المخرج خميس عمد إلى الاشتغال على كل العناصر في تصميم الإضاءة والديكور والأزياء والمكياج والمؤثرات الصوتية، دونما مساعدة أو الاستعانة بالمشرفين الفنيين في «مسرح بني ياس». وفي هذا الصدد، بالتحديد، فإن ما طرحه المسرحي حسن رجب، يتيح لنا مناقشة المسارات الشبابية في المهرجان بشكل عام، فهناك مجموعة تعتمد اعتماداً كليّاً على المشرفين المسرحيين، لإخراج العمل، مما يشكل سؤالاً: هل هذا يدعم مسألة «التَعلم»، من جهة أخرى، فإن هناك مجموعة ثانية، تأتي دونما متابعة مستمرة من المشرفين، وهو ما يطرح سؤالاً أيضاً، هل تساهم مغامرة الشاب لوحده، في استمراريته؟
غياب التأسيس الأكاديمي والعلمي يلعب دوراً جوهرياً في مشهدية تشكل الشباب، لأن فضاءات التجسيد الحيّ لديه تُبنى على فرضيات وتجارب طوال الوقت، وتشكل له مع الزمن منطقة أمان، كتلك التي تحدث بالمخرجين الملتصقين جداً بالمشرفين، برغم أهمية ذلك، لكن الإشكالية أن الشباب لا يتم تأهليهم لمرحلة الاستقلالية الفكرية، والدليل أن أغلب العروض المسرحية تعكس رؤى المشرفين، وتشبه أشكالهم المسرحية، وأصبح الأمر مكشوفاً للمجتمع المسرحي، والذي بدوره خلق مساراً منزوياً، شباب يغامرون ويواجهون دونما تدرج في التعلم، وإنما قناعة تامة بأنهم يدركون ما يفعلون، والسؤال الفعلي في هذه المرحلة: كيف يمكن خلق مساحة متزنة، تقبل حضور المساريين، وفي الوقت نفسه، تدعم بيئة الإبداع المسرحي التي تستدعي حالة من التحرر، وفي الوقت نفسه تتطلب حالة من الالتزام والتقيد!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©