الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«مصدر للاستثمار» تستقطب فرصاً واعدة في التقنيات النظيفة

«مصدر للاستثمار» تستقطب فرصاً واعدة في التقنيات النظيفة
24 يوليو 2011 20:40
بقلم الدكتور سلطان أحمد الجابر الرئيس التنفيذي لـ “مصدر” تقف دولة الإمارات العربية المتحدة على عتبة مرحلة مهمة لتعزيز قدراتها في قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة وتحقيق عائدات مالية مجدية من خلال الاستثمار في هذا القطاع الذي يحظى بفرص أكيدة للنمو المستقبلي. وترافق التقدم الهائل في تكنولوجيا وبرمجيات الكمبيوتر في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي مع ازدهار كبير للاستثمار في قطاع المعلوماتية، حيث شهدت “سيليكون فالي” في ولاية كاليفورنيا الأميركية نمواً كبيراً، أصبحت معه عاصمة عالمية لتقنية المعلومات، وشهدت تلك المرحلة بروز شركات مرموقة تحظى بانتشار واسع اليوم، مثل “آبل” و”سيسكو” و”جوجل” و”أوراكل” و”إنتل”، والعديد غيرها من الشركات التي ساهمت في دخول العالم عصر ثورة المعلومات وقدمت أرباحاً كبيرة للمستثمرين فيها. وعلى نحو مماثل، توجد اليوم آفاق عالمية واعدة لنمو وازدهار قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة يمكن لأبوظبي تحقيق منافع كبيرة منها، وبما أن التمويل يقدم عادة للشركات التي لا تزال في مراحلها الأولى ولديها فرص كبيرة للنمو، سيكون لرأس المال الاستثماري دور كبير في تشجيع وحفز الابتكار في مجال التقنيات النظيفة. واليوم، هناك آلاف الشركات الناشئة التي تأسس العديد منها مؤخراً على أيدي رواد أعمال طموحين، والتي تسعى إلى تطوير حلول تكنولوجية لتوليد الطاقة على نحو أكثر استدامة، وتعزيز كفاءة التصنيع، وخفض مستويات التلوث والنفايات إلى أقصى حد ممكن، إضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية التي نتسبب بها في منازلنا وسياراتنا وأماكن العمل. وتحتاج أنشطة الأبحاث والتطوير في هذا القطاع إلى رؤوس أموال كبيرة مع مستويات نسبية من المخاطر. وفي ضوء التحول الذي يشهده العالم نحو اعتماد مصادر جديدة للطاقة، ستشهد الشركات الناجحة المختصة بالقطاع معدلات نمو مرتفعة فيما تسعى إلى قيادة العالم نحو تقنيات المستقبل. وإلى جانب رأس المال، يحتاج رواد الأعمال إلى التمويل والدعم الإداري من أجل تحسين وتسويق منتجاتهم وخدماتهم وتأسيس شركات قادرة على الاستمرار في ظل احتدام المنافسة في الأسواق العالمية، ومن خلال مساعدة هذه الشركات على النمو والازدهار، سيحقق رأس المال قيمة إضافة للمستثمرين. والواقع أن الاستثمار في الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة قطع أشواطاً كبيرة في مختلف أنحاء العالم، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2020، ستصل قيمة الاستثمارات في القطاع إلى نحو 600 مليار دولار أميركي، وذلك مقارنة بـ 150 مليار دولار في عام 2007. وبفضل الموقع الجغرافي والمناخ الذي تتمتع به منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإنها تمتلك إمكانات كبيرة لاستغلال مصادر الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة ونشر استخدامها على نطاق واسع، إلا أن توظيف رؤوس الأموال الاستثمارية لا يزال حتى الآن في مراحله الأولى في هذه المنطقة عموماً. ومن خلال رؤيتها الاستراتيجية المستقبلية، أدركت القيادة الرشيدة في أبوظبي أهمية الاستثمار في الشركات المختصة بالقطاع، سعياً إلى إيجاد الحلول المنشودة، فضلاً عن إمكانية تحقيق عائدات جيدة من هذه الاستثمارات، وتجلّى ذلك من خلال تأسيس “مصدر” كمبادرة متكاملة لتطوير ونشر وتسويق حلول الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، تضم بين وحدات أعمالها وحدةً متخصصة بالاستثمار في تطوير التقنيات الجديدة هي “مصدر للاستثمار”. ويعد نمو قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة نتيجةً حتميةً لمجموعة من العوامل، أهمها زيادة عدد سكان العالم ومتطلباتهم من الطاقة، واستنزاف الموارد الطبيعية، وارتفاع القلق بشأن الوضع الذي آلت إليه البيئة، إضافة إلى استمرار المنافسة بين الشركات العالمية التي تسعى لتحقيق أكبر الأرباح بأقل الموارد. تحويل التحديات إلى فرص وفيما تشكل هذه العوامل تحديات بالنسبة للعالم، إلا أنها تقدم فرصاً مجدية لشركات التكنولوجيا النظيفة، كما أنها تفسح آفاقاً واسعة للأعمال بالنسبة للمستثمرين. وتتمثل مهمة “مصدر للاستثمار” في تحديد الشركات التي تتمتع نماذجها التقنية والإدارية والاستثمارية بفرص واعدة للنجاح، ومن ثم توفر لها الموارد المالية والإدارية التي تحتاجها لتحقيق النمو والتوسع والنجاح. وعلى مدى السنوات الخمس الأخيرة، أرست “مصدر للاستثمار” علاقات متينة وطويلة الأمد مع مؤسسات مالية عريقة مثل “كريدي سويس” و”دويتشه بنك”، وهي تدير حالياً صندوقين للاستثمار في شركات التقنيات النظيفة، وتسهم هذه الصناديق في عكس المفهوم الذي كان سائداً في السابق بإرسال الأموال الخليجية لإدارتها في الخارج، إذ أصبحت رؤوس الأموال العالمية تأتي إلى المنطقة لتجري إدارتها من أبوظبي. وتدير “مصدر للاستثمار” حالياً رؤوس أموال يبغ حجمها 540 مليون دولار لبعض من أعرق المؤسسات العالمية، وتمتلك الوحدة فريق عمل تمتع بكفاءات ومهارات رفيعة المستوى وتتمحور جهوده حول الإجابة عن السؤال الأهم بالنسبة للمستثمرين، ألا وهو تحديد شركات الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة التي ستكون ناجحة في المستقبل. منهجية العمل تقوم “مصدر للاستثمار” بإجراء دراسة للشركات المرشحة للاستثمار فيها، وتستمر هذه الجهود الدؤوبة على نحو يومي حيث يزيد عدد الشركات التي تمت دراستها على عدة آلاف. وعندما يتم اتخاذ قرار الاستثمار في شركة ما، تشارك “مصدر للاستثمار” في إدارة جميع أوجه نشاطها وتساعدها في تطوير نماذج العمل والهيكلية التنظيمية وإدارة المبيعات بما يعزز قيمتها السوقية، وفي النهاية، تسعى لتأمين خروج مربح منها. وتركز الوحدة على الاستثمار في الشركات التي تجمع بين تحقيق أفضل العائدات للمستثمرين وتوفير الحلول التكنولوجية لتحديات الطاقة والمساعدة في المحافظة على البيئة، ومن الشركات التي استثمرنا فيها: “هليوفولت” التي طورت طريقة جديدة لإنتاج ألواح شمسية رقيقة للغاية وبسرعة كبيرة، و”دوراثيرم” التي تمتلك تقنيات ومرافق تشغيلية متطورة لمعالجة وتدوير النفايات النفطية والمحفزات الكيماوية المستهلكة من شركات الصناعات الثقيلة مثل بناء السفن، حيث تكتسب هذه الصناعات أهمية خاصة بالنسبة لنا في أبوظبي، ويزيد عدد الشركات التي استثمرنا فيها حتى الآن على اثنتي عشرة شركة، جميعها تتميز بالديناميكية والطموح وتختص في ابتكار تقنيات المستقبل. إن التزام أبوظبي إزاء الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة يسهم في تطوير صناعة جديدة، فضلاً عن إرساء مكانة راسخة لدولة الإمارات العربية المتحدة في هذا القطاع الذي تشهد الاستثمارات فيه نمواً كبيراً، وعلاوة على ذلك، فقد أصبح فريق من جيل الشباب أبناء الدولة يمتلك مهارات استثمارية عالمية المستوى، إضافة إلى معرفة كبيرة في كيفية رصد وتحديد وتنفيذ وإدارة الاستثمارات في مختلف أنحاء العالم، ونتطلع إلى انضمام المزيد من أبناء الإمارات إلى هذه المهنة التي تبشر بآفاق واعدة، ففي ضوء حتمية نمو قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة بمعدلات كبيرة، سيكون الفوز من نصيب أول المبادرين لتطوير القدرات والاستثمار في هذا المجال. ولا تقتصر الفوائد التي يحققها الاستثمار في الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة على جني العائدات المالية، بل تتعداها لتشمل توفير الحلول التي تحتاجها البشرية من أجل تلبية متطلبات النمو المستقبلي، لذا، فإن الخيار الأمثل هو المضي قدماً في دعم نمو هذا القطاع الصاعد بقوة والذي سيعتمد العالم عليه في المستقبل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©