الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصعب المواقف

24 يوليو 2011 19:47
لا أعرف كيف قادتني الصدفة، وأخذني الوقت، لأجد نفسي متورطاً في جدل ممتع ونقاش جميل مع مراهق مغرم بمنتديات وشبكات التواصل الاجتماعي على”الإنترنت”، وغيرها، والأجمل أن نجد من الأبناء في مثل هذه المرحلة السنية الشائكة، من يشغل نفسه في قضايا فكرية ناضجة، وتبني آراء ونظريات وفلسفات حياتية جادة ومضيئة. وجدت نفسي أمام امتحان صعب، مستمتعاً بكثير من الآراء التي ساقني إليها الحوار مع هذا الشاب، فسألني عن أصعب المواقف التي يمكن أن أواجهها، وأجبته بعفوية، وتصورت أنني أنقل إليه خبرتي وعصارة تجاربي، وبدوري رددت عليه سؤاله، وأجابني بأن هناك مواقف معينة تمر بحياة الإنسان، ويراها الأصعب، كأن تصبح كالأعمى الذي يتكئ على كتف شخص غريب لا يعلم ماذا سيكون نهاية الطريق الذي سيوصله إليه. أو عندما تصبح بطيبتك مكاناً يلقي عليه المستغلون جبروتهم وأخطاءهم لأنك طيب وستسكت ولن تواجههم. أو عندما ترى إنساناً ظاهره ملتزم وداخله مغتاب ومنافق، وقد نسي أن فوقه من يراه. وعندما يطاوعك الناس خوفاً منك ومن لسانك، وليس احتراماً لك. أو عندما تكتم أخطاء غيرك خوفـاً عليهم ووفاء منك لهم، وتصدم بأن أخطاءهم نُشرت بين الناس على أنها أخطاؤك أنت، أو حين تتحدث، وتتحدث ولا تعرف كيف يكون الإصغاء للغير. أو عندما ترى فلاناً يهلل متصنعاً الفرحة بقدوم شخص، وقد كانا معا قبل دقائق معدودة. أو عندما ينقلب شخص رأساً على عقب، وينسى ما كان يجمعك به من الود والمحبة، فتسأل نفسك: “أين تلك العشرة؟”، ولا تسمع غير صدى صوتك هو الذي يجيـب على تسـاؤلك، أو عندما تتعامل بطيبة واحترام مع الغير، وتجدهم يضعونك على قائمة الانتظار، وعندما يأتيهم الملل، أو يتذكرونك، أو يحتاجونك، يأتون ليبحثوا عنك، أو عندما نأخـذ أحكام ديننا متى شئنا، ونتناساها متى مـا تعارضت مع نزعات وهوى دواخلنا، وعندما نعبس وتمتلئ أعيننا نظرات غريبة عنـد رؤية وجه فلان، وعندما نـُسأل عن السبب نرد ونحن نستجمع ونستحضر كل نواقصه، وعلاته، وعيوبه، ونفتري عليه، ونفضحه بما ليس فيه. من جديد عاد صديقي وسألني:”أرجوك أن تجيبني: لماذا نبحث جميعنا عن الحب الحقيقي، وكيف لم يجده أحد منا؟ ولم نتسلى؟ ولم نخون؟. صمت لأتيح له فرصة الإجابة، وقال: نحن جميعا نرتكب الخطأ نفسه، وننتظر الطرف الآخر أن يأتينا هو بنفسه بصدقه، وبقلبه وبحبه ولا نبادر نحن بتقديم الحب الحقيقي؟ إن الموضوع برمته يتعلق بالأنانية المفرطة بدواخلنا، فكل منا ينتظر الصدق من الطرف الآخر في الوقت الذي يكون فيه غارقاً في الكذب والنفاق والأنانية. سبحان الله يدعون وينصحون الناس وينسون أنفسهم. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©