الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص سبيل استعادة الطبيعة وتحقيق استدامتها

الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص سبيل استعادة الطبيعة وتحقيق استدامتها
17 أكتوبر 2018 00:30

وجود دولة الإمارات ضمن النطاق الجغرافي لواحدة من أكثر مناطق العالم جفافاً، يعطي تصوراً للمختصين وحتى الأفراد العاديين عالمياً للطبيعة الصحراوية القاحلة للدولة، إلا أن وجود مساحات واسعة من الأشجار المحلية، وبالأخص المانغروف، وكثيراً من الأودية والمستنقعات المالحة والبحيرات العذبة، يثير تساؤلاً حول ماهية هذا المزج الطبيعي، وكيف استطاعت الإمارات المحافظة عليه وتنميته بشكل مستدام.
إلا أن هذه الهبة الطبيعية التي حظيت بها الإمارات، وعملت القيادة الرشيدة على المحافظة عليها وتنميتها منذ تأسيس الدولة وحتى الآن، تعرضت لفترات طويلة من سوء الاستخدام من قبل الأشخاص العاديين، ما سبب ضرراً واضحاً لها، وأحد الأمثلة الشاهدة على هذا الأمر «منتزه وادي الوريعة الوطني».
وإذا ما نظرنا إلى منتزه وادي الوريعة الوطني -محمية الأراضي الرطبة الواقعة بين جبال الحجر الصخرية- فسوف نرى أطيافاً من اللونين الأخضر والأزرق، وهي الألوان النادرة للواحات والنباتات التي تتغلغل بين المساحات الصحراوية المحيطة.
وتتمتع مساحة هذه المحمية الممتدة على 31 ألف فدان بوجود وفير للمياه العذبة، وتعد موطناً لأكثر من 300 نوع من النباتات و100 نوع من الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات، ولكن على الرغم من هذا المشهد الطبيعي الخلاب، إلا أن سلوكيات الاستخدام البشرية الخاطئة لحقتها بأشكال عدة بدءاً من الكتابات التي غطت جدرانها الصخرية، إلى الصيد غير المشروع للحيوانات، والحرائق التي أضرت بهذا الموئل الطبيعي. ولذا جاء تدخل صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، بإصدار قرار بمنح منطقة وادي الوريعة الحماية القانونية كأول محمية جبلية في دولة الإمارات.
ومنذ ذلك الحين، تم تحقيق خطوات كبيرة ومهمة من أجل صون تلك المنطقة، وتعزيز استدامتها على المدى البعيد عبر الحد من التهديدات الخارجية لنظامها الإيكولوجي، وكذلك المساعدة على تطوير قدرة الحكومة المحلية على إدارة المنطقة، وإعادتها إلى حالتها الأصلية.
ولطالما شكلت البيئة محطّ اهتمام أساسي لدى الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، حيث عرف عنه شغفه الدائم بالطبيعة والمحافظة عليها، وقد شكل ذلك مصدر إلهام للعديد من مشاريعنا البيئية المقامة حالياً في أرجاء الدولة كافة، وأنحاء مختلفة من العالم.
لقد احتلت دولة الإمارات مكانة رائدة في المنطقة نظراً لالتزامها البيئي واستثمارها في قطاع الطاقة المتجددة، وحرصها على استحداث وزارة متخصصة بشؤون التغير المناخي والبيئة، ووضع عمليات إعادة التأهيل البيئي للمناطق ذات التنوع البيولوجي الغني ضمن أولويات رؤى الدولة واستراتيجياتها.
وفي مثال منتزه وادي الوريعة الوطني، كان للشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، دور بالغ الأهمية في حماية التنوع البيئي والمحافظة عليه في وادي الوريعة. ففي عام 2014، أقيمت نشاطات أسبوعية مكثفة للتنظيف أطلقتها بلدية الفجيرة، وتم تنسيقها من خلال القائمين على منتزه وادي الوريعة الوطني، بالتعاون مع متطوعين من مختلف الهيئات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، مثل حديقة الحيوانات بالعين وشركة «دولسكو». وعلى صعيد آخر، تم إطلاق برنامج التعلم وأبحاث المياه بالتعاون بين جمعية الإمارات للحياة الفطرية والصندوق العالمي للطبيعة ومؤسسة Earthwatch. ويعمل البرنامج على مراقبة خزانات المياه العذبة، ورصد الحيوانات والحياة الفطرية بالكاميرات في وادي الوريعة.
إن نموذج الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص الذي قدمته حالة وادي الوريعة ومدى النجاح الذي حققته في حماية البيئة، يستدعي التوقف والتفكير في حتمية تطبيق هذا النوع من الشراكة والعمل الدائم على تنميته وتطويره، لنتمكن من تعزيز قدرتنا على حماية الموارد الطبيعية بشكل أكثر فعالية، عبر خلق منظومة متكاملة من دعم وتعزيز مشاريع حماية البيئة، سواء بالتمويل المباشر أو بتوفير موارد أخرى عدة، ومنها المعرفة والخبرات المتخصصة.
كما أن النجاح في إدارة هذه الشراكات من شأنه لفت انتباه الجهات التمويلية والاستثمارية إلى ما يمكن أن تحدثه من تغيير ومكاسب حال مشاركتها في مجال العمل البيئي.
ومن هذا المنطلق، يمكن للشراكة بين القطاعين العام والخاص، أن تفتح طريقاً مباشراً نحو التفكير في كيفية تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 بفاعلية، وتعزيز مساعينا الدؤوبة نحو استعادة بيئتنا الطبيعية، والمحافظة عليها بصورة دائمة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©