الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البحرين وبيروت كما رآهما «بطل» عبدالله المدني قبل عقود

البحرين وبيروت كما رآهما «بطل» عبدالله المدني قبل عقود
20 أكتوبر 2010 19:52
تحفل رواية عبدالله المدني بمشاهد يصف فيها المدن العربية في النصف الأول من القرن الماضي. هنا مشاهدات من البحرين القديمة: في رحلة عودتهما من بومبي توقفت السفينة هذه المرة، في البحرين التي كان من ضمن أمنيات محمد صالح ولطيفة أن يحلا بها ويتعرفا شخصياً على كل ما سمعاه عنها، من جمال وتحضر ومدنية وتقدم وانفتاح على علوم العصر واختراعاته وصراعاته. في البحرين، أقاما في فندق عبد النور البستكي. تسوقا بالقرب من باب البحرين، هو اشترى لنفسه قميصاً أبيض ماركة أرو من متجر خوشابي، هي اشترت لنفسها ساعة أنيقة مذهبة ماركة “فافر لوبا” من المتجر العربي الجديد. تنزها في حديقة عذاري، أكلا الكباب والتكة في مطعم أمين الشعبي. التقطا لأول مرة صورة فوتوغرافية تجمعهما معاً في ستوديو خلفان. ذهبا بالصورة إلى فنان يدعى عزيز نور لتلوينها يدوياً، قهقها حينما مرا على متجر غريب متخصص في الترويج للزواج، ويرفع فوق جداره شعار “حصنوا بناتكم وأولادكم بالزواج”. عبرا جسر الشيخ حمد إلى المحرق لشراء الحلوى البحرينية المعروفة، من أجل تقديمها كصوغة لأهلهما في الشارقة. زارا العديد من أقاربهما من العوائل البحرينية ذات الأصول الهولية في فريجي العوضية والفاصل، ومنطقتي الحورة والقضيبية بالمنامة وفريجي ستيشن والشيوخ بالمحرق. وبيمنا كان محمد صالح يبحث عن الغريب والجديد ليضيفه إلى تجارته أو يدخن القدو في مقهى معرفي الشعبي، كانت لطيفة تتسوق في سوق الذهب والصاغة أو تتردد على مكتبة الهلال للحصول على آخر أعداد مجلتي “الكواكب” و”المصور”، وشراء الجديد من الكتب عن زعيمها المحبوب جمال عبد الناصر وثورته وإنجازاته، أو تجلس أمام التلفزيون في غرفتها الفندقية للاستماع لما كانت تبثه محطة التلفزيون أرامكو من الظهران كل مساء من برامج متنوعة، ولا سيما أفلام السينما المصرية التي كانت قد قرأت عنها دون أن تراها. وفي نص آخر من الرواية نقرأ المشهد التالي: في طائرة “الكوميت النفاثة” التابعة لشركة “طيران الشرق الأوسط/ الخطوط الجوية اللبنانية” جلست “لطيفة” بجانب النافذة لتمتع أنظارها من الجو بمنظر بلدها “الشارقة”، فيما قبع “محمد صالح” إلى جوارها وهو في حالة قلق مما سينتظره. قرأ “دعاء السفر”، وتمتم ببعض الآيات القرآنية، قبل أن تطلب منه “لطيفة” مشاركتها في إلقاء نظرة على الشارقة من الجو. بدت الشارقة لهما، بعد هنيهات من شق الطائرة لعنان السماء، مثل سمكة ضخمة ملقاة على ساحل البحر. أما “الخور” المتخلل من البحر إلى اليابسة، والأمواج المتكسرة على الشاطئ بزبدها الأبيض فقد بدت أشبه ما تكون بزعنفة تلك السمكة الكبيرة. حينما دخلت طائرتهما أجواء بيروت النائمة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، أعادا النظر من خلال النافذة. هالهما سحر المدينة وجمالها من الجو. كانت مثل فتاة جميلة ترتدي أبهى الحلل، وقد وضعت ساقيها في مياه البحر الزمردية، بينما رأسها يتوسد الجبال المكسوة بالخضرة وأشجار الصنوبر والأرز. قال محمد صالح لنفسه، في محاولة لطرد وساوسه ومخاوفه: “أول عمل سأقوم به في بيروت هو الاتصال بصديقي القديم سمير لأتعرف إليه وجهاً لوجه، من بعد أن عرفته بواسطة الورق والمراسلات”. كان هذا ما قام به فعلاً بمجرد أن وضع قدميه في فندق “السان جورج”، الذي كان وقتذاك من أفخم فنادق العاصمة اللبنانية، وملتقى للسواح، والأثرياء، والطبقة المخملية، والدبلوماسيين، ومراسلي الصحافة الأجنبية، ومكاناً أيضاً لتجمع جواسيس المخابرات العربية والغربية والشرقية. تفاجأ سمير باتصال صديقه القديم محمد صالح، لكنه لم يدّخر وقتاً لرؤيته. سارع إلى ارتداء ملابسه، وأدار محرك سيارته “البيجو” البيضاء، منطلقاً من مكان سكنه في “الأشرفية” إلى فندق “السان جورج” على بعد نحو أربعة كيلومترات، مجتازًا بأقصى سرعته مناطق “الحرش” و”المزرعة” و”الرملة البيضاء” و”الروشة” و”الحمام العسكري”. في بيروت، وبترتيب من سمير، شاهدا صخرة الروشة الشهيرة. تبضعا من أسواق “الحمراء” و”الطويلة” و”سُرسُق”. تجولا في “ساحة الشهداء”. سهرا في منطقة “الزيتونة”. وفي الأيام التالية أخذهما سمير إلى “مغارة جعيتا” العجيبة. طاف بهما على الجامعة الأميركية في “شارع بلس”. استضافهما على الغداء في “مطعم الإسطنبولي” للمشويات. صعد بهما إلى “جبال فاريا” لمشاهدة الثلوج والتزحلق على الجليد. أخذهما إلى “حريصا” لركوب “التلفريك”، وإلى “بعلبك” لرؤية أعمدتها الرومانية الخالدة. شكر الزوجان سمير كثيرا على حسن استقباله وكرمه وضيافته، ولأنه أزاح عنهما بعض القلق مما قد ينتظرهما في القاهرة من متاعب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©