الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مأساة غزة ومواقف الغزيين في استطلاعات الرأي

10 أغسطس 2014 01:24
إثر بدء التطبيق الهشّ لوقف إطلاق النار في غزة الأسبوع الماضي، عاد الآلاف من النازحين الغزيين إلى بيوتهم للوقوف على حجم الأضرار والكوارث التي حلّت بهم. وسارعت الوكالات والمؤسسات الصحفية المتخصصة لإجراء استطلاعات الرأي حول موقفهم من الحرب الهوجاء، التي أدت إلى هذه المأساة المروّعة. وأظهرت تلك الحوارات، إلى جانب عمليات سبر آراء سابقة، أن إسرائيل تعيش معضلة حقيقية. ومن وجهة نظر إسرائيل، والتي تبيح لها الاستعداد الدائم لردع كل من يهاجم مدنها وحواضرها، فإنها تمتلك الحق في مواصلة حصار القطاع. لكنّها عندما تفعل ذلك، فإنها تضعف من غضب الفلسطينيين على فصائلهم المسلحة التي تتسبب في حدوث التوتر الدائم، وتقوي من غضبهم على إسرائيل. ويمكن القول إن هذه المواقف تصبّ في مصلحة «حماس» على المدى البعيد. وتم إنجاز أحدث تلك الاستطلاعات في منتصف يونيو الماضي من طرف «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، وتوصل إلى أن 70 بالمئة من الغزيين يعتقدون أن على حماس «التقيّد بوقف إطلاق النار مع إسرائيل». فيما يرى 88 بالمئة منهم أن من واجب السلطة الفلسطينية التي رحبت مؤخراً بانضمام «حماس» إلى حكومة وحدة وطنية جديدة، أن ترسل سياسيين وضباط أمن إلى غزّة لاستعادة مقاليد سلطتها الإدارية على القطاع. ورأى 57 بالمئة أن على «حماس» القبول بقرار الحكومة الفلسطينية الاعتراف بدولة إسرائيل ونبذ العنف والتطرف. وتحتكم تقديرات أخرى إلى بيانات صادرة عن «المركز الفلسطيني للسياسات وبحوث سبر الآراء»، تشير إلى أن تأييد الغزيين لحركة «حماس»، والذي سبق أن تراجع من 45 إلى 24 بالمئة بعد سيطرة الحركة على مقاليد الحكم في القطاع عام 2006، ارتفع مرة أخرى إلى 40 بالمئة بعد فرض الحصار على القطاع عام 2007. واستنتج اثنان من محللي تلك البيانات أنه «إن كان هناك ثمة من سبب لإظهار حركة حماس في وضع أقوى وتحظى بدعم شعبي أوسع في غزة بأكثر مما كانت تحظى به قبل فرض الحصار، فذلك لأن شعبيتها مستمدّة أصلاً من الغضب الفلسطيني على السياسات الإسرائيلية المجحفة». ونعرض هنا لخلاصة ما أوحت به تلك الاستطلاعات. لقد أدى الهجوم الإسرائيلي الأخير إلى دفع بعض الفلسطينيين المعتدلين إلى الانضمام لـ«حماس» وحمل السلاح، وذلك لأنه من البديهي أنك لو رأيت عائلتك وأقاربك يقتلون، أو شاهدت منزلك يتهدم، فإن أبسط ما يمكن أن تقتنع به هو أن «الفاعل ابن حرام»، وكائناً من كان ابن الحرام هذا يجب التصدي له. وقد أكدت العديد من استطلاعات الرأي هذه المواقف من معظم الغزيين. وكان رجل من الذين استطلعت آراؤهم يشير بأسى إلى منزله المتهدّم متسائلاً : «هل تمتلك حماس طائرات نفاثة قاذفة للقنابل والصواريخ؟ وهل يمكن لصواريخها فعل هذا بموطنها؟». وقالت أم فقدت إبنها ذي الـ11 ربيعاً: «لم أؤيد في يوم من حياتي حماس. لقد كانت لعائلتي مشاكل معها، وقتل رجالها إبن أخي. لكن، وبعد هذا الذي حدث، أصبحت من مؤيديها». ومن النتائج الخطيرة للعملية الإسرائيلية أنها دفعت المعتدلين الفلسطينيين إلى جادّة العنف. وقالت امرأة من رفح لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية: «لقد خلقتم هنا جيلاً تملؤه الضغينة والكراهية. فهل تظنّون أن هذا الجيل سوف يشعر بالخوف بعد هذه الحرب الظالمة، بعد أن رأى الصواريخ، وهي تحصد الأبرياء في الشوارع؟ إنه جيل جديد لم يعد يعرف ما يعنيه الخوف». ونقل معلقون عن طفل في الرابعة من عمره دعاءه الذي نطقه بملء الفم وباللهجة الدارجة: «الله ينتقم منّك يا إسرائيل». ويشير ثالث الاستنتاجات المستخلصة من استطلاعات الرأي إلى أن الغزيين يرون أن هذه الحرب انطوت على خسارة كبيرة بالنسبة لهم. وبينما تسميها «حماس» انتصاراً، فإن المدنيين الغزيين الذين تم استطلاع آرائهم يرون عكس ذلك. وقال غزي: «لقد ضربتنا إسرائيل بعنف لا مثيل له هذه المرة». وقال آخر: «لقد دمر الإسرائيليون منشآتنا. والشيء الوحيد الذي كسبناه من هذه الحرب هو الدمار ولا شيء غير الدمار». وتساءل ثالث: «كيف يمكن أن يكون هناك رابح مع كل هذا الذي حدث؟». واتفقت آراء معظم أولئك الغزيين، الذين كانوا يحصون موتاهم وينقلون جرحاهم ويعاينون الدمار الهائل الذي حلّ بهم، على أن هذه الحرب هي الأكثر تدميراً لغزة. وبعض الناس يلومون «حماس» على هذه المأساة. وقال رجل وهو ينظر إلى بيته المهدّم، والذي تنبعث منه سحابة دخان سوداء: «هذا ما ربحناه من حماس وإسرائيل على حد سواء. فبيتك يتهدم بعكس إرادتك، ويطلبون منك أن تموت بعكس إرادتك». وأضاف أنه غاضب لأن «حماس» لم توافق على الاقتراح المصري الأول لوقف إطلاق النار. ولو وافقت لوفر الغزيون ما بين1600 و1700 شهيد والكثير من الدمار الذي حل بهم. أما فيما يتعلق بموقف إسرائيل، فلو أنها رفعت الحصار عن القطاع وفتحت حدوده، فسوف يحتفل الغزيون بهذا الانتصار، وقد يصفقون لـ«حماس» ويقدرون لها مبادراتها القتالية. وإذا لم يتم فتح الحدود، فإن ذلك سيدفع المزيد من الغزيين للتطرف والثورة. تلك هي الخلاصة التحذيرية المهمة التي يمكن استقاؤها من الاستطلاعات فيما يتعلق بالتداعيات السياسية للحصار. وسوف تكتسب «حماس» بميلها الواضح نحو العنف، من الدعم لو استمر الحصار أكثر مما ستكسب لو حدث الانفراج. ولو كنت صانع قرار إسرائيلي، لأمعنت النظر مطولاً فيما قاله التاجر الغزاوي «أبو محمد» لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز» من أن هذه الحرب إن لم تنتهِ بإنهاء الحصار فسوف تكون بلا سبب ومن دون نتائج. وأضاف: «عندما تتعامل مع القنابل فإنك تموت في الحال، وربما يكون هذا أفضل من الموت ببطء تحت الحصار». ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©