الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«ذات موعد» تعالج «الفراغ العاطفي» وتداعياته الصادمة

«ذات موعد» تعالج «الفراغ العاطفي» وتداعياته الصادمة
10 أغسطس 2014 01:30
صدرت حديثاً عن دار «كُتّاب» للنشر والتوزيع في دبي رواية «ذات موعد»، للكاتبة الإماراتية الشابة نجلاء سلطان العبدولي. وتتألف الرواية من مائتين وإحدى وثمانين صفحة من القطع المتوسط، موزعة على ستة وعشرين فصلاً. تعالج فيها الكاتبة موضوعة الفراغ العاطفي، الذي يؤسس لعلاقات أسرية هشة، في سياق الاشتباك بين البداوة بالمعنى القبلي التقليدي، وبين معطيات الحداثة وتأثيرها على البنية الاجتماعية والاقتصادية، ومدى انعكاس هذا الاشتباك على العلاقات الإنسانية، وتمظهراته بالسلوك الفردي من خلال العمل والحب والزواج والأسرة والأبناء، والذي يؤدي في الغالب إلى ما يمكن أن نسميها تداعيات ثقافية صادمة وغير محسوبة، قد تخلخل النسيج الاجتماعي، وربما تهدده بالتفكك والانهيار، بعد أن ظل متماسكاً لسنوات طويلة بفضيلة الترابط الأسري في الإطار القبلي. الرواية تحكي قصة شهاب الأربعيني المدير الناجح بكفاءته، المُهاب بسطوته أو كارزميته الشخصية في إدارة مؤسسة كبيرة ومعروفة، «إنه رجل ترتعد له الفرائص عندما يتحدث (. . . ) كانت تسمع عنه وعن فن إدارته، التي أخذ عليها جوائز تَمَيُز كثيرة». ولكنه فاشل بامتياز في علاقته الزوجية، دون أن نعرف سبباً مقنعاً، سوى فتور العلاقة بين الزوجين، فهو يريد أن تحبه لأنه يظن أنه قدم لها كل أسباب ذلك، بدءاً من الوجاهة الاجتماعية كونه شخصية عامة تحتل صوره صفحات الجرائد والمجلات، وصولاً إلى البحبوحة والرفاهية والرحلات. وهي بالمقابل لم تجد فيه الحب، الذي شب في مخيلتها المراهقة مع صديقه منصور، الذي كان يحضر إلى بيت أهلها بغرض الدراسة استعداداً لامتحانات الثانوية مع شقيقها ذياب، فيجري تصويرها ـ على مدى فصول الرواية ـ متوترة وتقف على حافة الانفجار متى ما نطقت بكلمة لأتفه الأسباب. ما جعل زواجهما ينتهي إلى نتيجتين: النتيجة الأولى جعلت الزواج الذي دام عقدين يقتصر على إنجاب وحيدتهما العشرينية ريم، التي تتشبه بوالدها في كل حركاته وتصرفاته حتى نفوره من أمها، حيث لا نلمس أدنى تماس بين الأم وابنتها الوحيدة، رغم كون الابنة فنانة تمارس الرسم وتتذوقه، ومع ذلك لم يسهم الفن في تشذيب شخصيتها، حيث ترتبط بصديقتها جميلة ابنة منصور - صديق والدها الوحيد - بعلاقة تبدو وكأنها غير سوية، «ألم تنسي شيئاً اليوم قبل أن تنتهي مكالمتك معي؟ -لا. - القبلة! ابتسمت جميلة في حياء، ثم أدارت عينيها في رحلة استطلاعية أمنية ثلاثية الأبعاد، ثم عادت وطبعت قبلة سريعة على وجنتي ريم، ما جعلها تفرد كتفيها أكثر، وترفع ذقنها للأعلى وتمشي خطوات من ثقل قوتها ترتج لها أطرافها الأنثوية. مدت يديها لتشبك أصابعها في أصابع جميلة، ضغطت عليهما أكثر إلى أن وصلتا». النتيجة الثانية جعلت فتور العلاقة الزوجية يبرر العلاقة التي يقيمها شهاب مع شيخة ذات الخامسة والعشرين من عمرها، التي اقتنعت حالما التقته بعد أن فصلها دون أن يدعها تكمل تدريبها للحصول على وظيفة تحول دون بيع جسدها لعلاج جدتها بعد أن تخلى عنها والداها، «وتأكدت أن الرجال عازمون على تدميرها منذ أن ولدت، وأنهم تكاتفوا جميعاً حتى يجعلوها تعمل حين ينام الناس، وتنام حين يفيقون»، فتقرر الانتقام بعد أن وقع في شباكها، وتنجح بتدمير حياته، حالما عينها مجدداً سكرتيرة شخصية له، ما يسر لها أن تجعله يوافق على استقالته دون علمه، وأن تبيع البيت الذي اشتراه لها، بعد استنزاف مدخراته، فتوارت عن الأنظار و«اختفت تاركة له سراباً وبقايا ذكريات والكثير من الذنوب، وأخذت معها وقاره وسمعته، وصديقه وزوجته، وحتى وظيفته وأمواله». ولم يتوقف خراب «الفراغ العاطفي» عند حدود الزوج والزوجة، وإنما تخطاهما إلى ريم، التي وجدت نفسها مع صديقتها جميلة في سهرة مشبوهة، داهمتها الشرطة، وانتهت بفضيحة وقطيعة بين أسرتي منصور وشهاب. ما يعني أن انفتاح المرأة على عصرها – بالمعنى الثقافي - ارتد وبالاً على الواقع الاجتماعي بغياب الحب، رغم كل المعطيات الحداثية، التي أتاحت للمرأة أن تكون متعلمة وفنانة كما هو حال ريم وجميلة. ولكن من دون أن تتمكن الرواية من رصد تفاصيل هذا الاشتباك، وترجمة تداعياته على شخصيات الرواية وأحداثها، سواء بلغتها السردية، أو بمحمولاتها الرمزية الدالة على مؤشراتها السلبية أو خلاصاتها الثقافية روائياً، التي يُفترض أن تنطوي على إقناع المتلقي وكسب تعاطفه، وهو الشرط الرئيسي للعبة الروائية بالمعنى الفني. هذا فضلا عن انتفاء الإقناع جملة وتفصيلاً بواقع شيخة، التي أرادت الكاتبة أن يتكاتف الجميع ليجعلوها «تعمل حين ينام الناس، وتنام حين يفيقون»، من أجل علاج جدتها الثمانينية في مستشفى قطاع خاص، لأن والديها – أحدهما الجدة أمه - تخليا عنها، في مجتمع الشارقة - مسرح الرواية – أو الإمارات عموماً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©