الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ناصر دينيه دافع عن الدين الحنيف ووظف قدراته الفنية لتصحيح صورة الإسلام في الغرب

ناصر دينيه دافع عن الدين الحنيف ووظف قدراته الفنية لتصحيح صورة الإسلام في الغرب
21 يوليو 2013 22:37
حسام محمد (القاهرة) يعد المستشرق الفرنسي الفونس إيتين دينيه أحد أهم المستشرقين الذين اعتنقوا الإسلام، وقد حمل اسم ناصر الدين دينيه، وبعد إعلان إسلامه دافع بشكل كبير عن ديننا الحنيف، واجتهد بصفته أحد الفنانين الكبار في نقل الصورة الحقيقية عن الإسلام والمسلمين إلى الغرب. وقد أعلن إسلامه في الجزائر عام1927 م قبل وفاته بعامين بعد بحث وتفكير عميقين. ولد ناصر الدين دينيه في عام 1861 م لأسرة غير مسلمة، وتربى على عقيدتها نظرياً ومارسها عمليا، وقد أصيب بالحيرة والشك في أمر دينه، فعكف على البحث والتأمل، والتفكير في الكون، والنظر في النصوص المقدسة وفي العقائد التي يدين بها الوسط المحيط به، وقد أعاد النظر في كتبها بعد إعادة قراءتها بحثاً عن أدلة على المعتقدات، وانتهى بحثه وتأمله الى الحكم على أنها ديانة لا تتحمل البحث والمناقشة، فهي ضعيفة أمام الأدلة الأخلاقية والتاريخية والعلمية واللغوية والسيكولوجية والدينية. جوهر العقيدة وذات مرة وقعت بين يدي دينية إحدى المجلات الإنجليزية التي أثارت تساؤلاً: لماذا يتحول الأوروبيون إلى الإسلام؟، وأجابت المجلة على التساؤل بقولها: «لأن الأوروبي يبحث عن عقيدة سهلة معقولة وعملية في جوهرها، ولأن الإسلام عقيدة ملائمة لأحوال كل الشعوب، ولأن الإسلام عقيدة صحيحة ولا توجد فيها وساطة بين المخلوق والخالق»، وقد عاش دينيه في الجزائر، وخالط المسلمين وعايشهم وتناقش معهم، وبعد فكر وتأمل عميق توصل لعدة حقائق بشأن الإسلام، أبرزها أن الإسلام لا يقف عقبة في سبيل التفكير، وأنه صالح لجميع الشعوب والأجناس وصالح لكل أنواع العقليات، وأنه دين يلائم جميع ميلول معتنقيه على اختلاف مشاربهم، وأنه دين يخلو من الأسرار الخفية التي لا يقرها العقل. تقدير الإسلام وهنا بدأ صدر دينيه ينشرح للإسلام، ولكنه قبل أن يعلن إسلامه لجأ إلى المقارنة بين الإسلام والأديان الأخرى من أجل التأكد من سلامة اختياره، وتوصل من خلال هذه المقارنة إلى أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي لم يتخذ الإله فيه شكلاً بشرياً، بينما نجد الأديان الأخرى قد صورت الإله في صورة آدمية تنشر في نسخ كتبها المصورة القديمة وفي المتاحف المختلفة ومن بينها متحف الفاتيكان، حيث تفنن الفنانون في تصويره وتجسيده، فضلاً عن تقدير الإسلام للعلم والعلماء وللمرأة وكرامتها وحريتها، وتقديره للأخلاق النبيلة وللفروسية والشجاعة وللحضارة، وقد انتهت هذه المقارنة بين الإسلام والدين الآخر إلى الاختيار الشجاع للإسلام كدين وإلى الدفاع عن الإسلام سياسياً ودينياً. ومنذ إسلامه وحتى وفاته ظل دينيه يدافع عن الإسلام والمسلمين، وعمل على تصحيح صورة الإسلام والمسلمين لدى الغرب، وإظهار زيف الهجوم على الإسلام وتصحيح الأخطاء، وتقديم الإسلام للغرب وتوضيحه من خلال المقالات والمحاضرات والرسائل والكتب والأحاديث، وقد ركز على إظهار مدنية الشعوب الإسلامية وعدم توحشها وإنصافها بالوفاء وعرفان الجميل والكرم والشجاعة والفضائل المحمودة، وتوضيح فضل الحضارة الإسلامية على الغرب. أهل الفن ولما كان دينيه من كبار أهل الفن ورجال التصوير وصاحب اللوحات الكبيرة النفيسة التي تزدان بها جدران المعارض الفنية وتحتفظ بها متاحف العالم، فقد وظف قدراته الفنية في خدمة الإسلام والدفاع عنه، حيث أنه قام بتزيين الكتب التي ألفها بالعديد من اللوحات الفنية المعبرة عن الحياة الإسلامية والعربية، وهو ما يظهر في كتابه عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث زينه بالصور الملونة البديعة للمناظر الإسلامية ومشاهد الدين ومعالمه، وقد طبع الكتاب طباعة غاية في الإتقان والعناية جعلته تحفة من تحف الطباعة. وتوسع دينيه في استخدام الفن في بيان فضائل الشرقيين والدفاع عنهم، وله في ذلك لوحات تصويرية تشهد على إخلاصه للشرق وحبه له، وتزين عدد من لوحاته متحف لوكسمبورج ومن بينها لوحة شهيرة بعنوان «غداة رمضان»، وهو ما جعل الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق يصفه بقوله: كان دينيه فنانا يمتلك شعوراً دينياً، وكان الدين يغمره ويسيطر عليه شعور فني، وامتزج فيه الدين فكان مثالاً واضحاً للإنسان الملهم.. وكان صاحب طبيعة متدينة.. وكان كثير التفكير جم التأمل يسرح بخياله في ملكوت السموات والأرض يريد أن يخترق حجبه ويكشف عن مساتيره ويصل إلى الله. وتوفي ناصر الدين دينيه عام 1929 م، وطلب أن يدفن في القبر الذي شيده لنفسه في بلدة بو سعادة بالجزائر، وتم نقل رفاته من باريس التي توفي فيها إلى الجزائر تحقيقا لرغبته ووصيته. مؤلفات دينيه ألف دينيه بعد إسلامه العديد من الكتب القيمة، منها كتاب «أشعة خاصة بنور الإسلام»، و«ربيع القلوب»، و«الشرق كما يراه الغرب» و«الحج إلى بيت الله الحرام»، وقد أحدثت كتبه دوياً في دوائر المستشرقين في الغرب، وكان دينيه يردد دائماً مقولته المشهورة «لقد أكد الإسلام من الساعة الأولى لظهوره أنه دينٌ صالحٌ لكل زمان ومكان، إذ هو دين الفطرة، والفطرة لا تختلف في إنسان عن آخر، وهو لهذا صالح لكل درجة من درجات الحضارة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©