الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين آدم وحواء

17 أغسطس 2006 00:35
كانت بداية البشرية رجلاً وامرأة وستنتهي بنهايتهما معاً، وما خلق الله آدم حتى يعيش وحده الى لحظة الممات، إنما أكمل مسيرته الحياتية بأن خلق حواء لتشاركه رحلة الحياة وهي رحلة شاقة ومتعبة لا يستطيع الرجل وحده أن يشد الرحال الى مسالكها وأن يمخر عبابها إذ لابد من امرأة تقف وراءه تشد من أزره وتقوي عضده وحتى يصل المركب الى الآخر لابد من عنصرين: البحر والهواء، فالبحر يحمل والهواء يدفع·· إن علماء الاجتماع عندما يتحدثون عن الوضع الحياتي الذي يكتنف سكان الأرض ويخوضون في المشاكل التي تواجه البشرية فإنهم بذلك يعنون الرجل والمرأة على حد سواء لأن الهيكل الاجتماعي على وجه البسيطة يتكون أساساً وسطحاً وجدراناً من الرجل والمرأة وتسرب الخلل الى أي من العضوين حتماً يؤدي الى إرباك الهيكل واهتزازه، فلكل من الكائنين متطلباته وتأثيراته على الحياة الصاخبة وهما العمودان اللذان تدور حولهما الأحداث وهما البطلان الأوحدان على مسرح الحياة، فلا هذا يستطيع العيش بمفرده ولا ذاك يتنازل عن نصفه الثاني، وما انجذب الطرفان الى بعضهما البعض إلا تلبية لنداء الفطرة واستجابة لوحي الغريزة، وإذا كان الرجل والمرأة في احتياج دائم الى بعضهما البعض فهما في أيامنا هذه أشد احتياجاً وتعاونا بعدما تضخمت متاعب الحياة وتعددت صعابها وتنوعت مهامها وبات كل منهما يرزح تحت وطأة إحباطية تنشب مخالبها في النفس الآدمية الضعيفة· إذاً لابد من الشراكة في مواجهة الحياة ولابد من أن يمنح كل منهما الآخر الدافع للاستمرار في الخضم المائج، فكل منهما محتاج الى الآخر احتياج الصحارى الى الماء وكل منهما يحن الى الآخر حنين الأم الى الأبناء، فهل يليق بعد ذلك أن نقيم السدود بين العنصرين ونعلي من شأن هذا ونسقط من شأن ذاك؟ وهل كان لآدم أن ينجب لولا حواء؟ وهل كانت حواء أن تنجب لولا آدم؟ إذاً لابد أن يجتمعا معاً حتى يتحقق مبدأ التكاثر· يقول الله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)· والسكن في هذه الآية ليس سكناً جسدياً فقط، إنما هو سكن جسدي ومعنوي وإذا كان الله جعل بين العنصرين مودة ورحمة فهذا يتمثل أكثر ما يتمثل في الحياة الزوجية وهل الحياة الزوجية إلا شركة مساهمة رأسمالها المودة والرحمة· لقد أقام القرآن دولة العدالة بين الرجل والمرأة في أحلى صورها وأبهى جوانبها وحرم التعدي على حدود هذه الدولة· وما رجح القرآن طرفاً على طرف وما فضل عنصراً على عنصر، بل إنه أعلنها صريحة مدوية في سمع الزمان والمكان عندما قال (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)، وإذا كانت المشيئة الإلهية وهبت الرجل قدرات ما لم توهبها للمرأة فبالمثل أيضاً وهبت للمرأة ما لم توهبه للرجل، فأعطى آدم أشياء سلبها من المرأة وأعطى المرأة أشياء سلبها من الرجل· انظر الى الطفل إذا بكى طويلا أترى الرجل يتحمل بكاءه كما تتحمل المرأة، وانظر الى سعي الرجل في مناكب الأرض، أترى المرأة تتحمل السعي كما يتحمله الرجل، ولكن مع هذا وذاك نرى كلاً من الرجل والمرأة قد اشتركا في عنصر الإنسانية وشملهما التكريم والأجر والجزاء وهما يحملان معاً على عاتقهما مسؤولية تبليغ الأمانة التي عجزت الجبال على حملها والتبليغ هنا يكون وفق قدراتها الخاصة وإذا كانت الجاهلية قد استحت بالأنثى فإن الإسلام قد استحى فيها·· أي استحى فيها الذل والهوان وأبى الا أن يرفعهما الى منزلة عليا حتى إذا قرأنا آيات الكتاب العزيز وجدنا قوله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه) وهما الأم والأب، ثم خص الأم بكلام دون الأب فقال (حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين)·· إذاً فنحن نعيش في جو إسلامي عادل يضع آدم في كفة ويضع حواء في كفة ويمر الزمن دون أن ترجح كفة على كفة وكيف ترجح إحداهما وأمامنا قوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فلا رجحان إلا لمن رجحت كفته في التقوى وما سوى ذلك فإن الوجود يحلو بالرجل ويزداد حلاوة بالمرأة وعلى دروب الخير دوماً نلتقي· أحلام سعيد حمدون - أبوظبي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©