الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كلينتون في مصر... توازنات سياسية دقيقة

17 يوليو 2012
التقت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، يوم الأحد الماضي بالمشير حسين طنطاوي بعدما اجتمعت في اليوم السابق مع محمد مرسي الرئيس المنتخب حديثاً، وذلك في أول زيارة تقوم بها إلى البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق والحليف الوثيق للولايات المتحدة. وتأتي هذه الزيارة لتكشف عن لعبة التوازن الدقيق التي يتعين على أميركا إقامتها في مصر، حيث يتصارع كل من الرئيس المنتخب مرسي، أحد أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" التي كانت دائماً محط شك لدى الساسة الأميركيين، والجيش الذي يتلقى مليارات الدولارات كمساعدات من واشنطن. وفي تصريح موجز أدلت به كلينتون خلال لقائها بالرئيس مرسي الذي دام حاولي الساعة قالت الوزيرة إن الولايات المتحدة "تدعم الانتقال التام للسلطة إلى المدنيين مع كل ما يترتب على ذلك"، مضيفة أنها "تعمل على دعم رجوع العسكر إلى دور يقتصر على حماية الأمن القومي"، لكنها أيضاً أشادت بالجيش لتنظيمه انتخابات حرة ونزيهة، ولعدم إطلاقه النار على المصريين خلال الانتفاضة التي أطاحت بنظام مبارك في السنة الماضية، مقارنة في هذا السياق بين الانتفاضة المصرية والثورة السورية حيث "يقوم الجيش هناك بقتل شعبه". ويبدو أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تولى قيادة البلاد منذ سقوط مبارك قام بمحاولة أخيرة للاحتفاظ بالسلطة قبل تسليم زمام الأمور إلى الرئيس المنتخب ومرشح "الإخوان المسلمين" في الشهر الماضي. فبعد قرار المحكمة الدستورية العليا التي يعتبرها المراقبون "منحازة" إلى المجلس العسكري يقضي بحل البرلمان المنتخب، أصدر الجنرالات تعديلات دستورية على الدستور المؤقت تحد من صلاحيات الرئيس وتضيف إلى سلطة المجلس العسكري في انتهاك واضح للتعهدات التي قطعها الجيش على نفسه بتسليم السلطة للمدنيين خلال الشهر الجاري. غير أن رد مرسي جاء سريعاً منذ الأسبوع الأول له في المنصب، حيث أمر بإعادة عقد جلسة للبرلمان رغم قرار المحكمة بحله، وإن كان قد عاد ليتراجع عن قراره بعدما أكدت المحكمة قرارها السابق بحل البرلمان وعدم جواز انعقاده، وتستعد المحكمة الدستورية خلال الأسبوع الجاري النظر في قضية حل الجمعية التأسيسية التي اختارها البرلمان الذي يهيمن عليه "الإخوان المسلمون"، وهو الأمر الذي إنْ حدث سيجعل مسألة كتابة دستور جديد ودائم لمصر موكلة للجنرالات دون غيرهم. ورغم المساعدات المالية التي تقدمها واشنطن لمصر والمقدرة بحوالي 1.3 مليار دولار سنوياً وجدت الولايات المتحدة نفسها غير قادرة على التأثير في قرار الجنرالات وذلك طيلة السنة الماضية الحافلة بالأحداث والتطورات المهمة. ففي الوقت الذي تحدثت فيه كلينتون خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة عن ضرورة إنهاء الدور السياسي للجيش، إلا إنها أوضحت أيضاً بأن أميركا لن تتدخل في صراع السلطة الجاري حالياً في مصر، وقد عبرت عن هذا الموقف قائلة "...هناك المزيد من العمل ينتظر مصر، وفي جميع الأحوال أعتقد أن مسألة البرلمان والدستور يجب أن تحل بين المصريين"، موضحة أن مثل هذه الأمور ليست مقتصرة على مصر، بل توجد في العديد من حالات الانتقال الديموقراطي التي شهدتها دول أخرى في العالم. ويذكر أن وزيرة الخارجية كلينتون، هي أكبر مسؤول أميركي يلتقي بالرئيس مرسي منذ الإطاحة بمبارك، حيث كان المسؤولون الأميركيون في السابق يتفادون الاجتماع بأعضاء "الإخوان" المسلمين، عدا النواب البرلمانيين منهم بصفتهم التشريعية وليس التنظيمية، أو السياسية، وأصرت كلينتون خلال زيارتها على تأكيد العلاقات الشاملة والمستمرة التي تجمع الولايات المتحدة بمصر التي كانت طيلة السنوات الماضية حليفة لأميركا في الشرق الأوسط، لا سيما في مجال الحفاظ على السلام مع إسرائيل. بيد أن مساعي كلينتون لبناء علاقة عمل جيدة مع مرسي قد تدفع العلاقات الأميركية المصرية قدماً بعد انطواء صفحة النظام السابق قوبلت بغضب بعض القوى المصرية التي قالت إن واشنطن تدعم "الإخوان المسلمين" وتساعدهم في السيطرة على جميع فروع السلطة، وقد نظم هؤلاء مظاهرات منددة بزيارة كلينتون خارج فندقها في القاهرة، وخارج مقر الرئاسة عندما كانت تتباحث مع مرسي. وعن هذا الموضوع يقول "عماد جاد"، المحلل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والعضو السابق في البرلمان عن حزب "المصري الاجتماعي الديمقراطي": "نحن نعتبر السياسة الأميركية متحيزة لصالح الإخوان المسلمين في علاقتهم مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، نحن نريد عودة بعض التوازن إلى المؤسسات، وما يحاول مرسي القيام به هو الاحتماء بالولايات المتحدة لعزل الجيش وبسط سلطته على السلطتين التشريعية والتنفيذية في مصر". وبالنسبة للذين يتبنون هذا الرأي يستشهدون بالتحذيرات الأميركية إلى المجلس العسكري وحثه على تسليم السلطة إلى مدني منتخب، لا سيما التصريحات الأميركية التي أدلى بها مسؤولون في الفترة بين إجراء الانتخابات الرئاسية وإعلان فوز مرسي عندما بدا للأميركيين وكأنه تم تأجيل النتيجة عمداً، كما أن حقيقة إصدار مرسي لدعوته بانعقاد البرلمان المنحل بعد لقائه بمساعد وزيرة الخارجية الأميركية، "ويليام بيرنز"، عمقت هذا التصور، هذا في الوقت الذي يصر فيه المسؤولون الأميركيون أن ما يريدونه هو ببساطة نقل السلطة في مصر إلى هؤلاء الذين اختارهم الشعب في انتخابات حرة ونزيهة. كريستين تشيك القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©