الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثوار سوريا... تسليح ومأوى على الحدود التركية

ثوار سوريا... تسليح ومأوى على الحدود التركية
17 يوليو 2012
كان صانع القنابل يعرض مدفع هاون تقليدي الصنع، مصنوعاً من أنبوب وقطع معدنية. ويقول هذا العامل الذي كان يشتغل في مصنع سابقاً وتحول إلى قائد للمسلحين المعارضين لنظام الأسد ومقتن للأسلحة في قرية حدودية حيث يسير المقاتلون على ممرات وشعاب جبلية وعرة: "إن كل الأشياء التي نحتاج لصنعها، نبحث عنها في محرك البحث جوجل". في معظم الأوقات، تبقى الأسلحة مخبأة تحت سرير في البيت المستأجر حيث يعيش زعيم المتمردين بمعية زوجته وخمسة أطفال، من بينهم ولدان مراهقان انضما إلى مجموعته المسلحة.وعلى بعد أكثر من 30 ميلاً، يستلقي عبد الكافي أبو زيد الهزيل على فراش هوائي في الغرفة الخلفية لمنزل إسمنتي، مشلولاً بعد أن أصابت رصاصة عموده الفقري. ويقول الرجل الجريح، 32 عاماً، وهو يحمل سيجارة في يده، مستسلماً لقدره على ما يبدو: "إن العالم نسانا". المقاتلان يقدمان مثالاً آخر على كيفية عيش النزاع السوري في الدول المجاورة - ذلك أن كلا الرجلين يعيشان على الجانب التركي من هذه الحدود التي يتجاوز طولها 500 ميل. وقد تحول إقليم "هتاي" التركي خلال الأشهر الأخيرة إلى قاعدة لوجيستية ومتجر كبير للأسلحة ومركز للاستشفاء والنقاهة بالنسبة للثوار السوريين وأنصارهم - ناهيك عن مكان للمخططات السرية على خلفية تمويل الإسلاميين والشجار بين ميليشيا يبدو أنها لا تتفق سوى على الحاجة إلى خلع الرئيس السوري بشار الأسد. المقاتلون السوريون لا يستطيعون حمل الأسلحة بشكل صريح على التراب التركي، ولكن الأسلحة والذخائر تخبأ في منازل آمنة في هذه المنطقة التي تنتشر فيها غابات الصنوبر وبساتين الزيتون والرمان. المقاتلون والمدنيون الجرحى يُحملون على نقالات عبر الحدود من سوريا من أجل تلقي الرعاية الطبية. والمنشقون من الجيش السوري يتدفقون على المنطقة بعد هجر مواقعهم. ومع انضمام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان إلى الأصوات الداعية إلى استقالة الأسد، يبدو أن السلطات التركية باتت تغض الطرف عن ذلك. وعلى الرغم من أن الحكومة في أنقرة أعلنت عن حشد قواتها على الحدود منذ أن أسقطت بطاريات سورية مضادة للطائرات طائرةً تركية الشهر الماضي، إلا أن الجنود الموجودين هنا يبدون في الغالب مسترخين. المخيمات الممتدة على الجانب التركي من الحدود تأوي نحو 30 ألف لاجئ سوري، وخارج المخيمات البيضاء، تتنافس الأعلام التركية على لفت الانتباه مع الأعلام الثورية السورية بالأخضر والأبيض والأسود. وفي أحد المخيمات الحدودية خلال الأسبوع الماضي، كان بعض الشبان يغطسون في قناة زراعية كريهة الرائحة هرباً من القيظ الشديد. هذا بينما كان آخرون يتكدسون في منازل آمنة. وفي شقة مكتظة في الطابق الأرضي ببلدة "ريهانلي" التركية، الواقعة على الطريق الرئيسي إلى مدينة حلب السورية، كان رجال جرحى يستلقون على فرش على الأرضية بينما كان نشطاء المعارضة يحملقون إلى شاشات الحواسيب ويدردشون على موقع "سكايب". بعض السوريين من الذين فروا من القتال كانوا يسعون جاهدين لإيجاد الدعم والمساعدة لقضيتهم. والأمر يتعلق هنا في الغالب بتدافع وتنافس على الأسلحة والمال – اللذين يصعب الحصول عليهما. غير أن هناك الكثير من الإحباط في صفوف الثوار، المؤلفين من عشرات الميليشيات التي تحمل في الغالب أسماء تحيل إلى أبطال مسلمين وجوارح وأسود. وفي هذه الأثناء، ينشط "المبعوثون" والممثلون "اللوجستيون" لكتائب مختلفة في تركيا، حيث يبحثون عن كل شيء من الرصاص إلى المواد الغذائية إلى الإمدادات الطبية. وفي هذا الإطار، يقول متمرد سوري قوي البنية من محافظة حماه الواقعة وسط سوريا، والذي قدم نفسه بلقب أبي علي- وشدد،على غرار آخرين استُجوبوا، على أن يشار إليه بهذا اللقب لأسباب أمنية: "إنني في مهمة". وقد وافق على الحديث حين كان يأكل الكباب في مطعم بمدينة أنطاكيا التركية. أبو علي، 31 عاماً، وهو كهربائي يقول إنه جُرح مرتين خلال معركة في محافظة حماه، رفض الكشف عن تفاصيل مهمته. ولكن الحديث دار حول الأسلحة والمال -أو بالأحرى نقصها. وفي هذا الإطار، يقول أبوعلي، وعلى غرار آخرين، إن الميليشيات الوحيدة التي تتوافر على أسلحة وإمدادات كافية هي تلك التي تنتمي إلى الفصائل الإسلامية. ويشار هنا إلى أن الكثير من المتمردين السوريين هنا يعبِّرون عن إحباطهم من المنعطف الذي اتخذته الأحداث، ويقولون إن الإسلاميين يمثلون أقلية صغيرة فقط من مقاتلي المعارضة. المجلس الوطني السوري، وهو عبارة عن ائتلاف لمجموعات معارضة يوجد مقره في اسطنبول، يعترف بأنه تلقى نحو 15 مليون دولار، ولا سيما من أطراف تؤيد علناً تسليح المتمردين السوريين. ويقول محمد سارميني، المتحدث باسم المجلس إن هذا الأخير قام مؤخراً بدفع رواتب لكتائب الثوار من منطقة حلب تنتمي إلى "الجيش السوري الحر". ومن جانبه، يقول المتحدث باسم إحدى الحركات الدينية السورية: إن الحركة وفرت التمويل لـ"بعض" مجموعات المعارضة. وهذا الدعم محدود "وليس مبنياً على انتماءات حزبية"، يقول سالم متحدثاً من لندن، مشدداً على أن المال يأتي من تبرعات خاصة وليس من حكومات أو مؤسسات أو شركات. وبالقرب من مخيم سوري في قرية "باشن" الحدودية التركية، قال مقاتل طلب الإشارة إليه بلقب أبي ياسين إنه وزملاءه المئة ضمن كتيبة تدعى "الدرع الثوري" يتقاضون ما يعادل نحو 120 دولاراً في الشهر نظير خدماتهم خلال الثلاثة أشهر الماضية. وقال إنه يعتقد أن المال توفره دول خليجية. ويقول أبو ياسين، الذي قال إنه يقسم وقته بين القتال في سوريا والعيش مع عائلته في المخيم: "إننا كتيبة إسلامية، ولهذا نتلقى المساعدة". غير أن بعض المحللين يرون أن هذا التفوق من حيث التمويل يمكن أن يضع الفصائل الإسلامية في موقع موات لتقلد السلطة في حال أسقط الأسد. ويشار هنا إلى أن أحد الأسباب التي جعلت المساعدات الغربية بطيئة في الوصول هو الخوف في واشنطن وأماكن أخرى من بعض العناصر المقاتلة داخل المعارضة المسلحة. وهناك الكثير من الحديث حول رجال متخفين من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي. آي. إيه" يدققون في أهلية كتائب الثوار للاستفادة من أموال دافع الضرائب الأميركي. ويقول محمود شيخ الزور، وهو موظف مبيعات سابق للآليات الثقيلة في مدينة أطلنطا الأميركية آثر التخلي عن بيع آليات "كاتربيلر" والعودة إلى وطنه من أجل القتال: "إن الأمور غامضة هنا". وقد جاء محمود إلى تركيا، وعلى غرار آخرين، بحثاً عن المساعدة لكتيبته المعروفة باسم "البواسل". ويقول الزور إنه قام بالاتصال ببعض الأشخاص في واشنطن واسطنبول خلال الأيام الأخيرة، كما بعث رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى ممثل للسيناتور جون ماكين من ولاية أريزونا، والمعروف بموقفه الداعي إلى تسليح الثوار السوريين. ولكن الحرب ليست لعبة الفقراء. فقذائف "آر. بي. جي"، التي يستعملها الثوار بكثرة في القتال تباع بنحو 1200 دولار للقطعة الواحدة في السوق السوداء. وفي هذا الإطار، يصف الزور معركة اندلعت في الآونة الأخيرة وأخفقت فيها 13 ضربة مباشرة بواسطة قذائف الـ"آر بي جي" في وقف دبابة روسية من طراز تي 72 كان يستعملها الجيش السوري. وهو ما يعادل خسارة أكثر من 15 ألف دولار. وعلى قرية حدودية تبعد ببضعة أميال، يشتغل أبو عابد، صانع الهاون تقليدي الصنع، على بديل تقليدي الصنع للأسلحة "الحقيقية". ومنذ أشهر، يقوم زعيم الميليشيا هذا، الذي يقود مجموعة من المتمردين في محافظة اللاذقية السورية المجاورة، بصناعة أسلحة وقنابل بمنزله في التلال التركية التي تبعد بأقل من ميل عن الحدود. ويقول أبو عابد: "لقد سمعنا وعوداً بإرسال الأسلحة إلينا مراراً وتكراراً... ولكن لا يمكننا أن نستمر في الحلم بوصولها". باتريك ماكدونل الحدود السورية التركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©