الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثرثرة الرجال "1"

16 أغسطس 2006 00:24
قديماً كانت تسود ثقافة عامة لدى المجتمع، مفادها أن أحد أهم مقومات الرجولة هو الامتناع عن ثلاثة أشياء هي: الشكوى والبكاء والثرثرة، باعتبار أنها صفات أنثوية إن صح التعبير، أما الرجل المتمسك بقوته وعزته وشهامته، فإن كرامته تأبى عليه أن يشكو ويبكي أو يثرثر، لتناقض هذه الخصال مع جوهر الرجولة، من منطلق أن الشكوى مذلّة وأن الرجولة عزة وأن الثرثرة إهدار للوقت وأن البكاء هو سلاح للضعفاء من النساء· لكن لا شك أن مجتمعنا شهد طفرة قوية تمثلت في تغيير المفاهيم الاجتماعية لدى العامة والخاصة على السواء، فكما أنه قلما تجتمع النساء ولا تكون الشكوى من الرجل هي القاسم المشترك في أحاديثهن، الزوج إما بخيل أو نكدي أو عصبي أو لا يشعر بها وبمتاعبها، وزميل العمل يرى أنه أحق بالترقية منها· ورئيس العمل لا يقدر مسؤولياتها خارج العمل· فللرجال أيضاً شكواهم من المرأة، بل نستطيع القول إن صوت الرجال الشكائين صار يعلو ويعلو، كما لم يعد يخفى على أحد انتشار نموذج الرجل الثرثار في العمل، الأبكم في البيت، وحدث ولا حرج عن إسراف الرجل في استخدام سلاح الدموع تارة فإن لم يجد فسلاح الحنجرة الصارخة تارة أخرى داخل البيت مع زوجته وأولاده والشارع، مع أي إنسان يعترض طريق سيارته أو مع زملائه في العمل فهذا وشى به وهذا يحاربه وذلك يكيد له· وربما يكون سبب هذه التظاهرة هو ارتفاع صيحات مساواة المرأة بالرجل، مما جعل الرجال بدورهم يطالبون بمساواتهم بالمرأة التي يسمح لها المجتمع بأن تشتكي وتبكي وتثرثر، مما يخفف عنها ضغوط الحياة واحتمال تعرضها للذبحات الصدرية وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم· وبنظرة سريعة على شكاوى الرجل من المرأة نجد أن إسراف الزوجة يكاد يكون الشكوى الأولى للأزواج على اختلاف مستواهم الاقتصادي، فزوج الطبقة المتوسطة يشكو زوجته التي تنفق كل دخله، فدائما لديها قائمة طلبات لا تنتهي: ملابس للأبناء·· مصيف·· هدايا ومجاملات وأهم شيء فاتورة الهاتف والمحمول، ولا تدعه يدخر درهماً من دخله يستطيع أن يفعل به أي شيء، ونفس الشكوى من رجل الطبقة الغنية الذي تتمسك زوجته بتغيير أثاث المنزل سنوياً وشراء سيارة آخر موديل عندما تظهر في الأسواق، وفيلا في أوروبا مع قضاء الصيف هناك، بينما يرى هو أنه يمكن الاستغناء عن بعض هذه الأشياء ووضع النقود فيما هو مهم ومفيد· والشكوى من تحرر المرأة أو الزوجة تتكرر في حالتين، الأولى عند أبناء الطبقة العليا، حيث يرى الرجل ان زوجته يجب أن تكون قدوة لبناته، ولا تُكثر من الأحاديث التليفونية مع الجنس الآخر، أو الجلوس مع مجموعة من النساء والرجال في النادي أو من خلال ممارسة المحادثات على الانترنت، في الوقت الذي لا يجد فيه حرجاً في القيام بنفس هذه التصرفات، أما الحالة الثانية فتكون فيها شكوى الزوج الذي تربى في بيئة بدوية عندما يتزوج من فتاة تعيش في الحضر ولها أصدقاء وزملاء من الجنسين، وتخرج للعمل، ولا تجد حرجاً في القيام ببعض الأعمال دون الرجوع إليه· ''لا تشعر بي'' هذه الصرخة يرددها الكثير من الرجال الذين يشكون من عدم تقدير زوجاتهم لطبيعة عملهم الذي يقتضي أن يقضي وقتاً طويلاً في العمل بعد العودة إلى المنزل، والزوجة تريد هذا الوقت لها وللزيارات العائلية وللتسوق والتنزه معها، بل إنه في الطبقات البسيطة يشكو الزوج نفس الشكوى عندما يعود إلى المنزل فيجد زوجته في اشتباك حاد مع جارتها بسبب لعب الأطفال مع بعضهم، وعندما تراه تطلب منه التدخل في الشجار، ويتدخل زوج الأخرى، وهكذا يتورط في شجار وخلافات ليس له يد فيها، في الوقت الذي يريد فيه العودة لمنزله للراحة· داليا الحديدي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©