السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الأدب الافتراضي.. حقيقة أم وهم؟

الأدب الافتراضي.. حقيقة أم وهم؟
19 يوليو 2015 21:22
رضاب نهار (أبوظبي) كل شيء حولنا يتحوّل إلى الفضاءات الافتراضية، علاقاتنا، مشاعرنا، أحلامنا، مشاكلنا وحتى آدابنا وفنوننا. فقد وضعتنا وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة أمام ظاهرة أدبية جديدة. أطلق عليها كثيرون مصطلح «أدب الفضاء الافتراضي» في محاولة للدلالة عليه بهيئته المختصرة والمعاصرة، والتي لاقت هجوماً نقدياً من البعض في الوقت الذي رحبّ بها آخرون معتبرينها كشفت الستار عن إبداعات جيل كامل من الشباب العربي، واستطاعت أن تؤسس لفضاء معرفي ثقافي. ويحيل كاتب السيناريو السوري فؤاد حميرة المسألة، إلى أن الناس كانوا مكبوتين سنوات طويلة، وفجأة وجدوا أنفسهم أمام مساحة للتعبير والكتابة. كذلك فإن هذه المواقع الافتراضية تعفي الكاتب من تكاليف الطباعة وتختبر فشله أو نجاحه جماهيرياً ونقدياً ربما، قبل الدخول في معمعة النشر. وفي النهاية كل ما يتم تقديمه متروك للاختبار والتصفية والفرز عبر الزمن. المهم أن يكون لدينا كم تراكمي يتحول فيما بعد إلى نوع، مشيراً إلى أنها ظاهرة طبيعية بالنسبة لمجتمع خرج لتوه من زنزانات الصمت، حيث سنتعثر كثيراً ونتلعثم كثيراً حتى نتعلم النطق الصحيح. ثم يضيف: «ورداً على أن هذه الكتابات والخواطر صارت تجمع في كتب متحولة إلى دواوين شعرية ومجموعات قصصية وأحياناً إلى روايات، أؤكد أن الأمر لا يختلف عن السابق كثيراً. فلطالما قرأنا كتباً لا طعم ولا لون ولا رائحة لها. لكنها وجدت ونشرت». العديد من إيجابيات هذا الفضاء، تشير إليه الكاتبة الإماراتية لولوة المنصوري، مبينةً أن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت فرصة لصقل الأقلام التي تحمل في جوهرها أكثر من مجرد إبداع، فتنذهل وتندهش من بعضها كيف وأن صاحبها لا زال في الظل في حين أنه في مقدوره منافسة أقلام عريقة ومتأصلة في الضوء. وتضيء على أن العالم الافتراضي قد أتاح إمكانية الوصول لكافة القراء خارج نطاق المؤسسات الروتينية الضيقة، فانطلق أدب حر في التعبير والمكاشفة والنقد في السياسة والدين والأدب والفكر بكافة مجالاته، إلا أن هذا التنفيس بات عشوائياً ومقلقاً ومتخفياً في أغلب الأحيان تحتل أسماء وهمية مستعارة أو منتحلة.. ومن زاوية أخرى تقول المنصوري: «الأدب الافتراضي تنقصه المصداقية والحقوق الفكرية ويبدو فيها الكاتب الحقيقي متردداً أكثر من واثق عند نشر أعماله ونتاجه وتعبه الروحي والإبداعي، فالمكان غير مهيأ بعد لاحتضان الأقلام بأمان وضمان للحقوق. كذلك قد يجد كاتب افتراضي نفسه محاطاً بأسماء شبه وهمية تصفق له وتدعي الإعجاب والتشجيع فيبني أسسا تمكنه في الأدب على عدد ما تحوز به صفحاته من علامات إعجاب، وبالتالي يكون البناء ذاتياً متضخماً بالانبهار في الأنا، دونما ارتكاز حقيقي رصين.. ناهيك عن كون هذه الفرصة التي قادت الشباب إلى حرية التعبير في مكان واحد غير حقيقي شجعت على الاكتفاء الذاتي وتفضيل العزلة والكتابة عن المواجهة والمداخلات المباشرة في المشهد الثقافي، فكثير ممن هم يتقنون الكتابة جيداً إلا أننا نصطدم عند لقائهم بظهور علامات التلعثم الزائد والخجل والزهد في الكلام وعدم القدرة على التعايش والتكيف مع جو الندوات والأمسيات الواقعية». من جهتها تعتقد الكاتبة اليمنية لارا الظراسي، أن الفضاء الافتراضي الأزرق، أعطى الكتّاب الجدد والشباب فرصة حقيقية لإيجاد أرضية من القراء والمتابعين. فتقول: «هذا الفضاء حررنا من قيود وسائل الإعلام التقليدية التي كانت تراهن على وجوه معينة استحوذت على الضوء الإعلامي. الفضاء المفتوح هو الجواد الذي أنقذنا من الموت الإعلامي التقليدي». وتشير إلى أن الأسباب السابقة هي التي دفعت العديد من الشباب لعرض كتاباتهم ومواهبهم على مواقع التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتويتر وغيرهما. ولا بد من الإشارة إلى أن هذه النتاجات الإبداعية قد وجدت استحسان القراء مما حفّز دور النشر إلى الالتفاتة لجيل بأكمله أثبت أن لديه ما يقوله، ومحاولة استقطابه إلى عالم الكتاب الورقي المطبوع. ومما سبق نجد أن القضية، تحتاج فعلاً إلى تراكم زمني وكمي لنستطيع استبيان ملامحها بوضوح. ولتتوجه الأنظار النقدية بجدية إلى الفضاءات الافتراضية، وتتناول ما يكتب على «حيطانها» من مواد، فنتمكن من تحديد قيمتها الأدبية والفنية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©