قد تجبرنا الدنيا على الابتعاد والرحيل، ولكن هذا لن ينسينا أشخاصا عرفناهم وتعلّقنا بهم، وأماكن محفورة بداخلنا، فقلوبنا لاتزال معلّقة بمن نحب ونعشق فتبقى الذكريات مرسومة نتذكرها مع كل هبة نسيم تذكرنا بالماضي.
نكره مراسم الوداع، الذين نحبهم لا نودعهم، لأننا في الحقيقة لا نفارقهم، لقد خُلق الوداع للغرباء وليس للأحبة، ففي كل لحظة نلعن الوداع ألف مرة وننهال عليه باللوم والعتب، لأنه يحول دون بقائنا مع من نحب ومن نصادق، ولكن هل فكرنا يوماً بإلقاء اللوم على اللقاء، في دواخلنا بقايا راحلين وقلب ينادي الغائبين، لطفاً بنا فقد أرهقني الحنين.
لحظات الوداع لحظات شبيهة بالصدق، كثيفة الفضول، بالغة التوتر، تختزل فيها التفاصيل التافهة وتتعامل مع الجواهر، تتألق البصيرة وتتوهج الروح، وأسوأ الراحلين إنسان يرحل عنك، ولم يرحل منك، ساعتنا في الحب لها أجنحة ولها في الفراق مخالب وكم يمضي الفراق بلا لقاء ولكن لا لقاء بلا فراق.
![]() |
|
![]() |
وإذا فرقت الأيام بين المحبين فلا تتذكر لمن كنت تحب غير كل إحساس صادق ولا تتحدث عنه إلا بكل ما هو رائع ونبيل فقد أعطاك قلباً.. وأعطيته عمراً وليس هناك أغلى من القلب والعمر في حياة الإنسان، فأصعب شعور بالدنيا عندما نحب بشكل كبير ونطرد من قلب من نحب دون سابق إنذار.
![]() |
|
![]() |