الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«حصن كلباء» يحكي تاريخ مدينة جاورت البحر

«حصن كلباء» يحكي تاريخ مدينة جاورت البحر
23 يوليو 2011 21:18
مدينة كلباء، موطن التراث والبحر، والسفينة الراسية على سواحلها الزرقاء. كلباء أم القلاع وعطر الماضي والأبنية التي تعانق التاريخ بجمالها وزخرفتها وحسها المحلي الصرف.. كلباء غوص حقيقي حتى جذور أصالة الفن العربي الإسلامي حيث التخطيط والبناء. منذ القديم، حاول أهلها بناء وحدات دفاعية كالقلاع والحصون وتخطيط المباني كالبيوت فنسجوا حكاياتهم مع جدرانها التي ظلت صامدة مع الزمان، حيث بدت ضخمة تلك القلاع والحصون ككتلة دفاعية لقلعتها مواجهة الساحل، فمنها يسهل الاطلاع والدفاع من الجانب البحري والمحافظة على المنطقة لجوانبها الأخرى. تشمل منطقة كلباء القسم الساحلي المطل على مياه البحر والخليج العربي، وفوق ذلك الشريط الساحلي تظهر مباني مدينة كلباء وقراها المجاورة، يحتضن موقعها مجموعة من وحدات بنائية مختلفة في تخطيطها وعناصرها المعمارية الزخرفية وفي فتراتها التاريخية، كما تكمن في تلالها وأراضيها كنوز الماضي وما تركه سكان المنطقة. ذكرها ابن بطوطة كمدينة قائمة بكل كيان المدن المهمة، وأشار إليها ياقوت الحموي، ويمكن اعتبار موقع كلباء من الموانئ على ساحل البحر التي ترتبط مع الخطوط البحرية التجارية في الخليج والبحر. جاء ذلك في كتاب “المباني الأثرية في كلباء” للدكتور عبدالستار العزاوي الذي قدم تفصيلاً عن أهم آثار هذه المدينة واشتغل على أبنيتها بحس توثيقي عال. ومن معالم كلباء حصنها المسمى بـ “القلعة” الذي يقع على ساحل الخليج وسط مدينة كلباء حالياً، ويبدو تميز هذا المكان حيث لا وجود لحواجز طبيعية تحيطه. كذلك بيت الشيخ سعيد بن محمد القاسمي مقابل حصن كلباء من الجانب الشرقي، حيث المسافة بينهما تصل إلى حدود 50 متراً، تتألف قلعة كلباء من عناصر أساسية واضحة أهمها موقعها في مكان مكشوف يساعد حراسها على الاطلاع ومشاهدة أي حركة براً حيث الأرض المحيطة منبسطة وكذلك مراقبة البحر المكشوف أمامها، بسبب بنائها المرتفع على مصاطب يجعلها مسيطرة تماماً بالمشاهدة والنظر لأي مستوى مطلوب. وتوفر كتلة البناء المربع الصلد مأمناً لمن يحاول هدمها وتخريبها، كما أن ميلان بناء جوانبها، كما يشير الدكتور عبدالستار العزاوي يجعل القلعة في قسمها السفلي أكبر حجماً. وبالإضافة إلى كل ذلك فإن مواد بنائها من الجص بأحجار مختلفة مع مادة الجص كغلاف خارجي جعلها صعبة أمام محاولات تكسيرها، هذا مع وجود مسلك أو طريق واضح وسهل للاختراق والدخول أو الارتقاء إليها. بني برج القلعة في ركنها الجنوبي الشرقي والمربعة ذات الطابقين في وسط الكتلة “المصطبة” مرتفعة عالياً ما يعزز القلعة كبناء دفاعي لكثرة العناصر الدفاعية فيها، بالإضافة إلى وجود المزاغل التي تخترق جميع واجهات الجدران المحيطة بالمربعة. ولابد عند الحديث عن قلعة كلباء أن يتطرق الباحث إلى مسنناتها وأبوابها وشبابيكها وسلمها الداخلي وأنفها والبئر الموجودة فيها بالقسم الشرقي. يخترق جدار المربعة الشرقي للطابق الأرضي باب قوي من خشب مربوط بالمسامير يسمى “ابوكبة” مع وجود أضلاع صغيرة من الخلف لزيادة قوته، ولا يحتوي الطابق الأول على باب، بل يدخل له بواسطة فتحة السلم في سقف الطابق الأرضي من الزاوية الشمالية الشرقية، كما أنه لا توجد شبابيك في الطابق الأرضي للمربعة - بحسب عبدالستار العزاوي - بل إن وجودها في الطابق الأول صغير، لكنها تفيد الاطلاع والمشاهدة مما يجعل بناء المربعة مغلقة وصلدة الجدران، كما يلاحظ ذلك في جدران بدن البرج وتواجد الشبابيك للغرض نفسه. ويبدو أن بناء المربعة وسط الحصن (القلعة) ذات الطابقين جعل مبنى حصن كلباء “القلعة” محصناً وموقعاً دفاعياً يصعب التغلب عليه واختراق خطوط دفاعه كالبرج والمربعة المسيطرة تماماً في موقع دفاعي. خطط لبناء حصن كلباء كي يكون دفاعياً عسكرياً، وتشير إلى ذلك مجمل تفاصيله المعمارية وطريقة بنائه ومواده الإنشائية وهو في كل ذلك يحتوي على المصطبة الأولى، حيث بني فوق مصطبة مربعة ترتفع متراً و80 سم محاطة بجدران من الحجر وتتسع الساحة الشرقية من المصطبة أكثر من الساحات الجنوبية والشمالية والغربية. ثم تأتي المصطبة الثانية في القسم الوسط في نهاية المصطبة الأولى بهيئة مربع، وترتفع ستة أمتار و8 سنتيمترات وسطها مستو. وأحيطت المصطبة بالجدار الحجري بشكل مخروطي. وأهم معالم حصن كلباء الممر المنخفض الذي يتألف بمقدار متر واحد عن مستوى أرضية المصطبة العليا الثانية، وكذلك الساحة وهي القسم المكشوف للمصطبة الأولى وتقع شرقاً أمام المصطبة الثانية ومساحتها 360 متراً مربعاً ولها سلم في جانبها الشرقي. أما الوحدات الخدمية والعناصر المعمارية الموجودة في حصن القلعة فهي البرج في الركن الجنوبي الشرقي والمساند، أي الدعائم المائلة حول البرج من الخارج والمربعة وسط المصطبة الثانية والمخزن وهو غرفة خلف المربعة غرباً، والممر، وهو ممشى منخفض في الجانب الشرقي والبئر في الجانب الشرقي، والساحة أمام وحول المربعة والمخزن، والحمام وهو الزاوية في نهاية الممر شمالاً، والسلم الخارجي والستارة والمننات حول الساحة والأبواب والشبابيك الخشبية. في حصن كلباء برج يحتل الركن الجنوبي الشرقي، بني من الحجر والجص ويعتبر من الأبراج المتصلة وهو مدعوم بثلاث دعائم أو مساند من الخارج لتقويته، ويتألف البرج من العناصر التالية، أولها الكبس أو الدفن، وثانيها الطابق الأرضي، وثالثها الطابق الأول ورابعها النوافذ، وخامسها المزاغل العمودية، وسادسها المزاغل الدائرية، ثم السلم ثم الستارة والمسننات. أما الكبس أو الدفن فالمقصود به أن جوف البرج مدفون بالتراب لارتفاع أربعة أمتار تقريباً، وتتم عملية الدفن وملء بدنه بعد بناء الأسس والجدران وضبطها لمسافة صف أو صفين. أما الطابق الأرضي فبني بعد مرحلة الدفن وتظهر جدرانه بعرض 80 سنتيمتراً، حيث تفتح فيها المزاغل الدائرية التي يصل عددها إلى 9 مزاغل لجميع الجهات عدا القسم المواجه للممر الشرقي كما يورد الدكتور عبدالستار العزاوي، ثم يأتي الطابق الأول الذي يبدأ من سطح الطابق الأرضي، حيث تنفذ فتحة السلم للطابق الأرضي وارتفاع الطابق متران و60 سنتيمتراً وتتخلل جدرانه المزاغل الدائرية والعمودية، ويوجد شباك بمساحة 50X40 سم في جانبه الشرقي. يحتوي البرج على نوافذ في بدنه وعددها اثنتان ومقاس كل واحدة منهما 50X40 سم أيضاً. أما المزاغل الدائرية فهي 9 موزعة في الطابق الأرضي لجميع الجهات، في حين أن المزاغل العمودية في الطابق الأول موزعة كذلك، وهذه المزاغل تسيطر حسب مواقعها حول الدفاع والاطلاع على جوانب المنطقة المحيطة بالحصن شرقاً وجنوباً وغرباً. ومقاسات هذه الأخيرة 40 سم وعرضها 10 سم، وهي بذلك طولية ويعتمد سمكها على بناء الجدران. سلم البرج يوصل من الطابق الأرضي إلى سطح البرج والستارة العليا، ويقع في الجانب الغربي ويتألف من أخدود أو حفر بشكل مستطيل وستارة البرج جدار يحيط بالقسم العلوي لسطح الطابق الأول وسمكها 30 سم. بعد البرج تأتي المربعة في حصن كلباء والتي تقع وسط المصطبة الثانية المرتفعة ومن أهم عناصر المربعة، الطابق الأرضي والطابق الأول والجدران والسقف والمدخل والشبابيك والسلم والأنف والمزاغل العمودية والمزاغل الدائرية والستارة والمسننات. ويأتي الجزء الرابع من بدن حصن كلباء وهو المخزن الغرفة المستطيلة التي تقع بجانب غرفة المربعة، حيث يتألف المخزن من الجدران والمدخل والشبابيك والسقف والأرضية. ثم يأتي الجزء الخامس وهو الممشى الشرقي أو ممشى الحرس في الجهة الشرقية من الحصن ويكون أخدوداً منخفضاً عن مستوى المصطبة الثانية، ثم الجزء السادس البئر التي أعطت الحصن قوة معنوية في صمود الحرس المدافعين. ثم الجزء السابع الساحة التي توجد أمام حصن كلباء. والجزء الثامن الحمام ويعقبه السلم ثم الستارة والمسننات. وتزخر كلباء بمعلم آخر لا يقل روعة عن حصن كلباء، وهو بيت الشيخ سعيد بن محمد القاسمي، إلا أننا اكتفينا بالحديث عن حصن كلباء، عسى أن تسنح الفرصة ثانية للحديث عن معالم هذا البيت التراثي المهم في ذاكرة المكان.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©