الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إزالة «الطرفة الانتباهية» تضع العلماء على سكة علاج الأمراض الدماغية

إزالة «الطرفة الانتباهية» تضع العلماء على سكة علاج الأمراض الدماغية
17 يوليو 2012
استخدم علماء أميركيون برنامجاً تدريبياً بسيطاً لسبر أغوار ما كان يُعتقَد سقفاً أقصى أو حداً أساسياً للدماغ البشري، وهو قدرته على رؤية شيئين اثنين خلال عرضهما بتواتر سريع في أقل من نصف الثانية. وتشير النتائج التي توصل إليها هؤلاء العلماء إلى إمكانية إيجاد علاجات جديدة لأولئك الذين يصابون بقصور الانتباه بعد تعرضهم لإصابة في الدماغ، أو خلال مراحل تطور أحد أمراض الشيخوخة والأمراض العصبية. كما أن من شأن هذا الاكتشاف مساعدة الأشخاص الذين يتمتعون بمعدلات انتباه طبيعية على تدريب أدمغتهم لرؤية العالم وفهمه بشكل أفضل. وقبل نحو عشرين سنةً، أجرى علماء تجارب أظهرت أن البشر ضُعفاء وسيئون جداً في رؤية شيئين اثنين عندما يظهران منفصلين خلال أقل من نصف ثانية. فإذا دخل سائق ما إلى مسارك أو حارتك فجأةً من اليسار هرباً من صدم سائق دراجة دخل عليه مساره من اليمين، فإنه من المحتمل جداً أن رد فعلك سيكون بطيئاً أو دون السرعة المطلوبة نظراً لأنك ببساطة لا ترى بوضوح تام جميع هذه الأحداث السريعة التي تعاقبت حولك. وهذه الظاهرة يُطلق عليها “الطرفة الانتباهية”. وسميت كذلك لأنه خلال الفترة التي يركز فيها الشخص على الشيء الأول يمر الشيء الثاني في غفلة منه عندما يرتد إليه طرفه وترمش عينه. وقد عمل العلماء مذاك بكد وجد لتقليص الفترة الزمنية للطرفة الانتباهية أو إزالتها جملةً وتفصيلاً بهدف جعل أدمغتنا قادرةً على معالجة الصور التي تلتقطها العينان على نحو أكثر فعاليةً وإنتاجيةً. لكن جهودهم هذه لم تتكلل في العقود السابقة إلا بقدر محدود جداً من النجاح. وها هي ثلة من العلماء تتمكن أخيراً من إزالة هذه الطرفة الانتباهية بعد إجراء سلسلة دراسات تكللت بدراسة حديثة نُشرت في العدد الأخير من مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم. وشارك في هذه الدراسة باحثون من جامعة بوسطن وجامعة براون وجامعة هارفارد. إذ طلبوا من المشاركين في الدراسة رؤية سلسلة أحرف بيضاء على نحو سريع فوق خلفية سوداء لشاشة حاسوب. وخلال كل تجربة على حدة، كان الباحثون يُقحمون رقمين ضمن سلسلة الحروف المعروضة. وفي بعض التجارب، تمكن بعض المشاركين من رؤية الرقمين الإثنين اللذين فصل بين عرضهما 200 ميلي ثانية، في حين تمكن آخرون من رؤية الرقمين بعد عرضهما ضمن الحروف والفصل بين عرضهما بمدة 500 ميلي ثانية، أي ما يعادل نصف ثانية. ولكن العلماء استخدموا بعد ذلك تقنية تدريب ذكية. إذ حولوا لون الرقم الثاني إلى الأحمر فصار من الناحية البصرية ملحوظاً وبارزاً أكثر من غيره، وفجأة بدأ الأشخاص المشاركون جميعهم يرونه ضمن الحروف. ولعل الدليل الحقيقي الذي يبين أن هذا التدريب نجح في إزالة الطرفة الانتباهية جاء بعد انتهاء التدريب، وذلك حين غير الباحثون لون الرقم الأحمر إلى أبيض مرةً أخرى. إذ بعد يوم واحد فقط من التدريب، أصبح المشاركون قادرين على رؤية الرقم الثاني حتى عندما فُصل عرضه عن سابقه بمدة 200 ميلي ثانية، ناهيك عن رؤيته عند عرضه بفاصل زمني عن سابقه يبلغ نصف ثانية. وعندما جلب الباحثون المشاركين مرةً أخرى بعد مرور بضعة أشهر، وجدوا أن آثار التدريب ظلت موجودةً. إذ بعد ثلاثة أيام فقط من التدريب مع الأرقام الحمراء، بدا جلياً أن أدمغتهم غيرت طريقة تصورها للعالم البصري. فما الذي فعله التدريب في الواقع بهذه الأدمغة؟ استخدم الباحثون اختبارات تصوير مقطعي بالرنين المغناطيسي ليُظهروا أن التغيرات حدثت على الأرجح في مناطق المستويات العليا بالدماغ مثل الناصية (المنطقة الأمامية في الدماغ). ويفترض الباحثون أن هذه التغيرات لم تُبدل نوع المعلومة البصرية التي وصلت إلى الدماغ، بقدر ما سمحت للمشاركين بتغيير انتباههم من هدف واحد إلى هدف آخر على نحو أسرع. وإذا كانت هذه التجارب المختبرية قابلةً للترجمة إلى واقعنا اليومي، فإن ذلك يعني -يقول الباحثون- أن الأشخاص الذين يعانون من قصور الانتباه أو من اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة، أو إصابات دماغية، أو أمراض عصبية يمكنهم في القريب العاجل أو الآجل أن يستعيدوا قدراتهم الطبيعية التي كانوا يتمتعون بها على مستوى الانتباه قبل إصابتهم بالمرض. عن “لوس أنجلوس تايمز”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©