الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شباب يبتكرون لغة «هجينة» تتوافق مع احتياجات عصر الرقمية

شباب يبتكرون لغة «هجينة» تتوافق مع احتياجات عصر الرقمية
23 يوليو 2011 19:49
لغة جديدة يصنعها شبان وشابات الجيل الجديد، بعيدة عن لغتنا العربية وبعيدة عن الإنجليزية نفسها في مواقع العبارات المستخدمة، ولا نعرف إذ كان ذلك ضياعاً أم صناعة جديدة للغة جديدة أقصى فيها الشباب أنفسهم عن الجيل القديم، ولم يتمكنوا من انتظار حلول أعجوبة واجتماع مجمع اللّغة العربية ليحسم أمرها، ويدخلها عالم التكنولوجيا وعلوم التواصل الحديث الذي يجمع بين الشباب من قارة إلى أخرى، وربما يوحّد مع الوقت لغتهم فتصبح لدينا لغة عالمية واحدة لن يفهمها إلا صانعوها. في العالم العربي، لغة عربية واحدة، ولهجات متعددة تحمل حرفا بالزائد أو حرفاً بالناقص، لها لحنها الخاص في كل لهجة فهنا تأتي الأحرف مضمومة بالضمّة، وهنالك مكسورة إلى حدّ الياء تدليلاً على عمق الكسرة، وهنا مفتوحة تمتدّ مع الألف. وهكذا تنساق عبارات جديدة تدخل إلى لساننا من عالم الكمبيوتر والتواصل الإنترنتي العالمي، إذ دخلت ومنذ البدايات في “التشات” (المحادثة) كلمات جديدة إنجليزية عرّبت بأذواق الشباب والجيل المواكب لهذه النهضة التواصلية على الصعيد العالمي. كلمات إنجليزية يستخدمها الشبان والشابات الذين يستخدمون الإنجليزية كتعبير جديد في مكان ما وظرف ما، ولكن مع العرب، يبقى الأصل الإنجليزي ويحوّر وفق اللهجات العربية المتعددة والمتنوعة. استخدامات جديدة “Delete him” عبارة تقولها أية فتاة حول العالم اليوم، لتقصد بها وهي تتحدث إلى صديقتها “اخرجيه من حياتك... فهو لا يستحقك”. وفي العربية تتنوّع هذه الكلمة بلهجات قائليها “دلّتيه... اعمليله ديليت”. أي امسحيه؛ فإما تبقى العبارة بالإنجليزية أو إذا استخدمت بكلمة عربية فهي تحوي المعنى ذاته في القصد، وهنا لا يكون في هذه الترجمة العفوية خيانة. فاستخدام لغة الإنترنت هذه يعبّر عن تحوّل عام في أذهان الشباب. ومن دفاتر الشباب التي تكتب علناً على صفحات “فيسبوك”. البرنامج الذي ابتكره مارك جوكربيرج، الطالب الخجول الذي لا أصدقاء له فبات الأكثر شهرة في العالم، وكتبت قصته ومثّلت فيلماً. من هذه الدفاتر عبارات من مثل “يا صديقي أنت روعة.. نو كومينت”، و”نو كومينت” بالعربية لا تعليق باتت تحمل معاني جديدة. ففي الغالب وليس دائماً، نجدها بعد التعليق. فحين نقول “أنت روعة” نكون قد علّقنا. ولكن باتت عبارة “نو كومنت” في قاموسنا اللغوي في الأحاديث العادية الشفوية كما هي حين نكتب على صفحات الإنترنت، فوضع عبارة “لا تعليق” كمفهوم هو التعليق بحدّ ذاته وإن لم يسبقها أي كلمة أخرى. يقول كميل صوايا، أب لفتاة في الثالثة عشرة من عمرها، وصبي أصغر سنّاً، ويقيم في العين، إنه أرسل ولديه للإقامة عند أهله في عطلة الصيف، وبعد أسبوع من التواصل معهما عبر الإنترنت والمحادثات الهاتفية، أرسلت له ابنته كريستينا رسالة مكتوبة بالأحرف الإنجليزية، وبين الأحرف أرقام اعتقد أنها جاءت خطأ في الطباعة، وحاول أن يفهم وسأل زوجته، ولم يتمكن كلاهما من حلّ لغز الرسالة، فاتصلا بابنتهما يستفهمان، فاستغربت عدم تمكنهما من قراءة أحرفها وأرقامها، وشرحت لهما ما كتبت. يقول صوايا “ربما لأني بعيد عن عالم التواصل الإنترنتي بكل أشكاله لم أفهم الرسالة، واكتشفت أن كل رسائل الشباب والصبايا تكتب بهذه الطريقة، فهل هي لغة جديدة ابتكروها ولم نتعلّمها بعد؟” ويضيف “اللافت في الأمر دخول الأرقام بين الأحرف؛ فرقم سبعة هو الحاء وثلاثة عين واثنان همزة وما إلى هنالك من الأرقام التي يعرف رموزها الجيل الجديد، ولكننا لا نفهمها. وقد علمت أن هذا الأمر قد بدأ منذ زمن”. ويتابع “كنت أسمع عبارات من ابنتي وابني لها علاقة بأوامر جهاز الكمبيوتر، ولكن ما أدهشني فعلاً أن هناك لغة جديدة تماما فيها من العربية ومن الإنجليزية ومن لغة الكمبيوتر نفسها، لها أفعالها وتصريفاتها. ولا أعرف إذا كان ذلك شيئاً مضحكاً، ولكنه غريب علينا نحن جيل الأربعين”. ما يواجهه صوايا مع ولديه، يواجه مازن قسطنطين، الذي يقول “بدأت الأمور معنا من استخداماتنا لعبارات عادية بالإنجليزية، نصرّفها أفعالاً وصفات وكل ما هنالك في اللغة، إلى أن وصلنا إلى اللغة الإنترنتية بامتياز، ولسنا وحدنا من يعايش هذه الحالة. أينما ذهبنا في العالم العربي نرى الإنجليزية وهي لغة عالمية من دون أي شك، والترجمة العربية، وكوننا شعوباً نتعلّم لغات غير العربية، بدأ الدمج بين اللغتين منذ زمن، ولكن اللغة الإنترنتية ما تزال في إطار التطور، لا نعرف من هو مبتكر هذه الكلمة أو تلك، ولكن ما نشهده يدفع بنا إلى الذهول، إذ كيف انتشرت هذه الكلمات، وباتت مفهومة تماماً ولا حاجة لقاموس لتفسيرها أو لترجمتها، كأن الشباب يكتبون اللغة بأنفسهم ويفرضونها فرضاً من دون قصد، بفعل الانتشار”. ويشير قسطنطين إلى الكلمات، التي شاع استعمالها في البداية بالإنجليزية الممزوجة بالعربية، ومنها “اعمل كونترول” وتعني اضبط الأمور أو الموقف، وفي المزاح عبارة “خود باركينج” أي “خذ موقفاً”. ويشير إلى أن “الجميع اليوم يستخدمون كلمة “شوبينج”، ولا نسمع عربياً يقول أنا ذاهب للتسوق”. لغة الرسائل عن العبارات المستخدمة والمستقاة من أوامر جهاز الكمبيوتر وطبيعة المحادثات السريعة التي ابتكرت لغة جديدة، يقول “اعمل شيفت من مكان لآخر، وهذه العبارة تُقال لشخص ننصحه بالانتقال من مكان إلى آخر، وعبارة “ضع سبايس بينك وبينه” أي دع بعض المساحة بينكما ويقصد بها ليحافظ كل منكما على مساحة الآخر وعلى حريته”. ويضحك وهو يستجمع أفكاره ليحدّد الكلمات التي يستخدمها بنفسه دون انتباه، ويقول “أقول أحياناً إذا نسيت موعداً أو أي شيء “الميموري عندي خربانة” أي أن ذاكرتي ليست نشيطة فنسيت، وفي غالب الأحيان إذا قال المرء كلمة “نسيت” يضيف عليها “كومبليتلي” أي نسيت تماماً، فيجيبني من أتحدث معه ببساطة “لا تهتم كنسلنا” من “كانسل” أي الإلغاء الإنجليزية المستخدمة في برامج الكمبيوتر وبرامج التواصل الاجتماعي الإنترنتي”. من جهته، يفكر مالك مشموشي جيداً قبل التحدث عن هذه العبارات التي دخلت اللغة العربية، ثم يقول “أسمع الشبان والشابات يتحدثون وأحياناً يقرأون لبعضهم البعض رسائل الهاتف أو رسائل “الإنبوكس”، وأندهش من لغتهم، وأحياناً لا أفهم كل شيء”. ويضيف “عندي مثال واحد حاضر في ذهني الآن، فقد أرسلت قبل اللقاء رسالة بالهاتف لأعرف كيف ألتقي بأصحابي هنا، فردّ عليّ صاحبي “أنا المطعم الفلاني”. يحضرني هذا المثال لأنني كنت دائماً أتلقى رسائل بالهاتف والبريد الإلكتروني فيها هذا الشعار، وكنت أعتقد أنها ضربة زائدة خلال طباعة الرسالة، إلى أن استوعبت أنها تعني كما تلفظ “آت” وهذا لا يعني أنني أو أن صاحب الرسالة آتٍ أي قادم”. ويرى نجاد الطويل، رئيس قسم اللغة العربية في مدرسة المواكب، أن التقليد الذي يسير به الشبان والشابات اليوم لا يقتصر على استخدام تعابير معينة بلغة ليست لغتهم، وإنما يمتدّ إلى طرق اختيار الثياب والمشية، وحركة اليدين والموسيقى التي يفضلون الاستماع إليها، وفي اللغة يلاحظ كيف يلحّنون في الكلمات ليقلّدوا الغرب حتى لو كانوا يستخدمون اللغة العربية في أحاديثهم. ويرى أن ضعف اللغة يضعف الأمم، وبالتالي ثمة حاجة ماسة إلى مواكبة التطور الحاصل في العالم وهذا الانفتاح في التواصل عبر تعزيز اللغة العربية، والتركيز عليها وجعلها المادة الأساسية في المدارس، وصولا إلى تعريب الكلمات الجديدة الداخلة إليها من لغات أخرى. ويقول “الأمر يحتاج عقد اجتماعات والبدء بالعمل على مستوى الحكومات العربية ليصار إلى التشديد على اعتماد اللغة العربية في المعاملات الرسمية وصولاً إلى تعزيزها في المدارس، وتعريب الجديد التقني الذي نستخدمه اليوم عبر اختيار كلمات سهلة على اللفظ وقريبة في لحنها من الأذن كي تعمّم وتنتشر”. وعن اللغة بشكل عام، يقول الطويل “ما يحصل ليس انتخاباً طبيعيا لبقاء اللغة الأجمل، إنما قوة وراء لغة تفرض اللغة، وقد اندثرت لغات قديمة جميلة جدا، ويجب أن نتنبّه لعدم اندثار اللغة العربية في المستقبل”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©