اضرب صفحاً

أن تصفح عن خطأ أو ذنب اقترفه أحد بحقك، فذلك يعني أنك بقلب يتسع للجميع، ولا ينتظر الهفوة من الآخرين، إنما هو مسامح صفوح، يتحمل الإساءة، لأن قلبه أبيض، ليس فيه حقد، أو حسد، أو ضغينة. دخل يزيد بن معاوية على أبيه مُغضباً فقال له: إن عبد الرحمن بن حسان يُشبِّب بابنتك رملة، قال: وما يقول فيها؟ قال: يقول: وهي بيضاء مثلُ لؤلؤة الغوَّ اص صِيغت من لؤلؤ مكنونِ قال: صدق، قال يقول: وإذا ما ناسبتها لم تجدها في سناء المكـــــــارم دُونِ قال: صدق أيضاً، قال: ويقول: ثم خاصرتها إلى القبة الخضراءِ تمشي فـــي مرمر مسنونِ قال: كذب، قال: هلا بعثت إليه من يأتيك برأسه؟ قال: يا بني لو فعلتُ ذلك لكان أشدَّ عليك، لأنه يكون سبباً للخوض في ذكر، فيُكثِرُ مُكثِرٌ، ويزيد زائد، اضرب على هذا صفحاً، واطو دونه كحشاً. وروي أنه لما شببَّ برملة قال الناس لمعاوية: لو جعلته نكالاً! فقال: لا، ولكن أداويه بغير ذلك، فلما وفد عليه - وكان يدخل في أخريات الناس - أجلسه على سرير معه وأقبل عليه بوجهه وحدثه، ثم قال له: ابنتي الأخرى عاتبة عليك. قال: في أي شيء؟ قال في مدحك أختها وتركك إياها. قال: فلها العُتبى وكرامة، أنا أذكرها. فلما شبب بها - ولم يكن لمعاوية ابنة غير رملة - علم الناس أنه كذب على الأولى لمّا ذكر الثانية. وصَفَحَ عنه يَصْفَح صَفْحاً: أَعرض عن ذنبه. وهو صَفُوحٌ وصَفَّاحٌ: عَفُوٌّ، والصَّفُوحُ: الكريم، لأنه يَصْفَح عمن جَنى عليه. واستْصَْفَحَه ذنبه: استغفره إِياه وطلب أن يَصْفَحَ له عنه. وأَما الصَّفُوحُ من صفات الله عز وجل، فمعناه العَفُوُّ؛ يقال: صَفَحْتُ عن ذنب فلان وأعرضت عنه فلم أُؤَاخذْه به؛ وضربت عن فلان صَفْحاً إذا أعرضت عنه وتركته؛ فالصَّفُوحُ في صفة الله: العَفُوُّ عن ذنوب العباد مُعْرِضاً عن مجازاتهم بالعقوبة تَكرُّماً. أبو العلاء المعري: اصفحْ، وجاهر، بالمرادِ، الفتى ولا يقولوا هو مغتابُ إن رابنا الدّهرُ بأفعالـــــــــــه فكلُّنا، بالدهر، مرتابُ فاعفُ، ولا تعتب عليه، فكـم أودى به عفوٌ وعتّابُ إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae