يبدو أن شركة كوكاكولا باتت تشهد أوقاتاً سعيدة ومزدهرة في الصين رابع أكبر سوق لها في العالم، حيث أعلنت الشركة الأميركية الأسبوع الماضي عن نتائج قوية في الربع الرابع بمساعدة من الزيادة بمعدل 29 في المائة في مبيعات العلب في الصين وبشكل جعلها السوق الأسرع نمواً بالنسبة للشركة·
وذكر مختار كينت الرئيس التنفيذي لشركة كوكاكولا أن منتج الشركة الرئيسي (مشروب الكوكاكولا) أصبح فيما يبدو سلعة أساسية يمكن تحمل كلفتها من قبل كافة المستهلكين الصينيين· وبرغم ذلك فإن مسألة إقناع السلطات الصينية بـ''ابتلاع'' أو الاستحواذ المقترح لأكبر شركة مصنعة للعصائر في بكين ربما تبرهن على أنها مهمة شائكة تنطوي على العديد من العوائق والصعوبات· فقد مرت فترة تقترب من الستة أشهر منذ أن أعلنت شركة كوكاكولا عن خطتها الرامية لتملك مجموعة هيويوان الصينية للعصائر، الشركة المسجلة في هونج كونج والتي لديها حصة تبلغ 42 في المائة في سوق العصائر المحلية·
كما تعتبر عملية التملك المقترحة التي تنتظر المصادقة من الجهات التنظيمية الاتفاقية الأكبر من نوعها التي تواجه رقابة لصيقة بموجب النظام الصيني لمكافحة الاحتكار الذي تمت مراجعته مؤخراً قبل أن يتم تزويده بالمزيد من البنود المتشددة في أغسطس الماضي·
لذا فإن ما ستقرره بكين والطريقة التي ستتبعها في اتخاذ مثل هذا القرار بات يحظى باهتمام متزايد من أولئك الذين يسعون الى تقييم رغبة الصين في القبول بعمليات الاستحواذ الأجنبية على أكبر علاماتها التجارية المحلية·
وحتى الآن فإن وزارة التجارة المعنية بالإشراف على القوانين المضادة للاحتكار ترفض التعليق على ملف عملية الاندماج باستثناء التصريح الشفهي الذي أدلت به في السابق الذي أشار إلى أن الصفقة قد دخلت المرحلة الثانية من عملية التقييم·
ولكن هذا الغموض والنقص في الشفافية قد أثار حفيظة بعض أصحاب العلاقة مع الصفقة الذين وصف أحدهم العملية بأنها أشبه بـ''لعب الكرة في نفق مظلم''·
وفي الوقت الذي توقعت فيه مصادر لصيقة بالموضوع بأن قرار وزارة التجارة النهائي بما في ذلك الرفض أو القبول إلا أن الوزارة حتى لو وافقت على الصفقة فإنها من المؤكد سوف تضمنها العديد من الشروط· ويعتقد البعض كذلك أن تحقيقات وزارة التجارة في الموضوع ربما تأخرت من قبل جهة حكومية أخرى منافسة في بكين أو بسبب نقص في أعداد البيروقراطيين الفنيين المؤهلين لتفسير والتعامل مع القوانين الجديدة·
أما البعض الآخر من المحللين فيعتقد أن وزارة التجارة الصينية ربما آثرت الانتظار حتى تشهد تناغماً وتحسناً في العلاقة الصينية مع الإدارة الجديدة في واشنطن قبل أن تفرج عن الصفقة· ولكن مهما كان السبب فإن القلق والمخاوف في تنامٍ وازدياد، إذ أن الصفقة أصبحت متوقفة منذ الثالث والعشرين من مارس الماضي وهو الموعد الذي أصبحت بعده شركة كوكاكولا تمتلك حق التفاوض على شروط الصفقة، ولكن هذه الاحتمالات أصبحت تثير المخاوف في أوساط الكونسيرتيوم البائع الذي يتألف من زهاو اكزينلي صاحب مجموعة ساهيو يوان ورئيس مجلس إدارتها الذي يمتلك حصة بمقدار 36 في المائة في الشركة وشركة دانوني الفرنسية (23 في المائة) بالإضافة الى مكتب واربورج بينكوس الأميركي للتمويل الذي يمتلك حصة (6,8 في المائة)·
وكانت شركة كوكاكولا قد عرضت مبلغ 12,20 دولار هونج كونج نقداً مقابل السهم، أي ثلاثة أضعاف السعر الأخير الذي أغلق عليه سهم شركة هيويوان تقريباً قبل الإعلان عن الصفقة· علماً بأن الصفقة تم الإعلان عنها في أوائل سبتمبر الماضي، أي قبل أسبوعين فقط من التراجع الذي شهدته الأسواق العالمية وانخفاض توقعات النمو بعيد انهيار مصرف ليمان براذرز· لذا فقد بات المراقبون في الأسواق يعتقدون بأن المخاوف بشأن الموافقة على الصفقة هي التي ساهمت في الانخفاض المفاجئ لسعر سهم شركة هيويوان في الأسبوع الماضي· ويذكر أن سهم الشركة ظل محتفظاً بقوته بمبلغ يتراوح ما بين 10 و11 دولار هونج كونج·
وعلى كل، فإن الرفض الكامل للصفقة سوف يشكل مفاجأة كبرى، ليس فقط لأن شركة كوكاكولا تمكنت من بناء إرث كبير من المصداقية والاحترام في نفوس واضعي السياسات في الصين في السنوات الأخيرة، وإنما لأن الشركة كانت من ضمن الشركات الأولى التي دخلت إلى الصين عندما فتحت أبوابها مجدداً في حقبة التسعينيات، بالإضافة إلى أن كوكاكولا كانت أحد كبار الرعاة للألعاب الأولمبية التي نظمت في بكين وأحد رعاة معرض إكسبو شنغهاي الذي سيقام العام المقبل·
عن ''فاينانشيال تايمز''
عدد اليوم
