أكدت مصادر رسمية وأخرى ناشطة في قطاعات الصناعة والنقل والخدمات والشحن أن الانخفاضات المتتالية في أسعار الديزل في دبي والإمارات الشمالية تسهم في تخفيض تكاليف التصنيع وأعمال النقل المحلي بشكل خاص، كما تسهم مع عوامل أخرى بينها انخفاض أسعار المواد الخام في انخفاض أسعار بعض المنتجات الصناعية التي تعتمد على الديزل كمكون رئيسي بنسب وصلت إلى 30%، في الوقت الذي انخفضت فيه تكاليف النقل بين إمارات الدولة بنسب تجاوزت 25% و35%·
وأشارت المصادر نفسها لـ''الاتحاد'' إلى أن تكاليف ممارسة الأعمال نتيجة لانخفاض أسعار الديزل وعوامل عديدة أخرى شهدت انخفاضاً وتغييرات، ليس بسبب الديزل فقط بل لمدخلات وعناصر أخرى، وفقاً لمتابعات دائرة التنمية الاقتصادية في دبي على سبيل المثال· ولفتت المصادر إلى أن قطاعات نقل أخرى ظلت على أسعارها دون تغيير، خاصة بالنسبة لرسوم النقل في المدارس، وبعض النقليات عبر الحدود في ظل التراجع النسبي في بعض الواردات، كما لم ينعكس ذلك بشكل مباشر على أسعار بعض السلع الغذائية، في الوقت الذي انخفضت فيه تكاليف التشغيل والنقل، فيما عدا التخفيض في أسعار الخبز، نتيجة انخفاض التكاليف ومكونات الإنتاج، والديزل على اعتبار أنه عامل تشغيل للأفران والمخابز·
وشهدت الفترة من 29 يوليو 2008 وحتى يوم الخميس الماضي انخفاضاً في أسعار الديزل لدى محطات شركات اينوك وايبكو وإمارات من 19,25 درهم للجالون إلى 10,15 درهم للجالون بانخفاض 9,1 درهم، وبنسبة 47,2%، وأجرت الشركات الثلاث التي تبيع المحروقات في دبي والإمارات الشمالية تخفيضات على سعر الديزل وصلت إلى 15 مرة·
مستوى التكاليف
يشير علي إبراهيم نائب مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية للشؤون التنفيذية إلى أن انخفاض أسعار الديزل أحد المؤشرات على تحديد مستوى التكاليف في القطاعات التي تعتمد عليه في قطاعات النقل والتشييد، وبالتالي فإن انخفاض أسعار الديزل يقلل من التكاليف، والدائرة تتابع هذا عن كثب ضمن حساب تكاليف ممارسة الأعمال في دبي·
وأضاف أن الدائرة تتابع تكاليف ممارسة الأعمال، والتي تتوقف على العديد من العناصر وبنود التكاليف والرسوم، ومدى توافر شبكات الخدمات في مختلف المؤسسات والدوائر، موضحاً أن التكاليف أحد عناصر الميزات التنافسية في دبي، بما في ذلك خدمات الطيران على سبيل المثال، مؤكداً أن الديزل عنصر من عناصر مختلفة، إلا أن الانخفاض في الأسعار الذي شهده في الشهور السابقة يسهم في تخفيض مقابل في التكاليف، خاصة بالنسبة للنقل والصناعات التي تعتمد عليه، وتكاليف الوقود بصفة عامة·
النقل والشحن
ومن جانبه قال منصور عبدالغفور رئيس اللجنة الوطنية لوكلاء الشحن والإمداد: لاشك أن هناك متغيرات في السوق خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة انخفاض أسعار الديزل، وبدأت الشركات تتجاوب مع الأسعار الجديدة، من خلال تخفيض أسعارها بنسب مختلفة وصلت إلى 20% وأكثر من ذلك في بعض المناطق بين إمارات الدولة، إلا أن هناك قطاعات أخرى لم نشهد انعكاساً عليها نتيجة تراجع أسعار الديزل، خاصة المواد الغذائية، والتي انخفضت أسعارها أيضاً علاوة على تكاليف النقل والشحن·
وأضاف: أن قطاع النقل هو الأكثر استخداماً للديزل، ويمثل أحد أهم عناصر التكاليف، ندرك جيداً مدى الصعوبات التي تواجه القطاعات الاقتصادية المختلفة بسبب الأزمة المالية العالمية، وانخفاض العوائد بسبب تراجع حركة التجارة، إلا أن قطاع النقل محل اتهام بسبب عدم تخفيض أسعاره بالشكل الذي يتلاءم مع تراجع أسعار الديزل، الأمر الذي يتطلب دراسة لعناصر التكاليف بشكل واقعي، وتحديد مستويات أسعار الخدمات في ضوء ذلك، وبمستوى معقول للمستهلك·
ويشير سعيد الصغير رئيس مجموعة شركات الصغير إلى أن الديزل يمثل نحو 17% على الاقل من تكاليف صناعة مثل البولسترين، ومع الانخفاضات المتتالية في أسعاره بدبي انخفضت حصة الديزل إلى 12% أو 13%، وهو ما انعكس على السعر مباشرة، من خلال تخفيض أسعار البيع، كما أن انخفاض أسعار المواد الخام بنسبة وصلت إلى 50% أدى إلى انخفض أكبر في التكاليف·
وقال: الديزل يمثل عصب العديد من الخدمات والصناعات، خاصة النقل والأعمال اللوجستية للمواد الغذائية، وارتفاعه أو انخفاضه يؤدي إلى العديد من المتغيرات، ومع السعر الجديد للديزل انخفضت تكاليف النقل بنسبة وصلت إلى 30%، ونتوقع مزيداً من الانخفاضات مستقبلاً، ونأمل أن تتجاوب قطاعات أخرى مع ذلك بنفس القدر الذي كنا نشكو فيه من ارتفاع السعر·
حركة التجارة
وقال أحمد عبد الرازق مدير عام شركة مالترانس للشحن: في الفترة التي شهد فيها الديزل ارتفاعات قياسية، ارتفعت أسعار النقل المحلي والشحن بشكل كبير، إلا أن الصورة في الفترة الأخيرة شهدت تغييرات كلية، ليس بسبب انخفاض أسعار الديزل فقط، بل نتيجة عوامل عديدة منها انخفاض حركة التجارة والشحن، والناجمة عن تداعيات الأزمة المالية العالمية·
ويشير إلى أن أسعار النقل البري انخفضت بنسب تراوحت بين 10% و15%، منوهاً إلى أن الشحن عبر الحدود يتوقف على عناصر أخرى متعددة، منها حركة التجارة والركود الاقتصادي، وعوامل أخرى، إلا أن تكاليف الشحن عبر الحدود حالياً أقل من مثيلاتها في العام الماضي·
وأشار هاني الصغير مدير التشغيل في المصنع الوطني للبولسترين الى أن التراجع في أسعار الديزل وأية مدخلات أخرى من الأمور الهامة التي تقلل من التكاليف الكلية للإنتاج، والديزل أحد أهم المكونات في القطاع الصناعي، وتمثل نسبة تختلف من صناعة إلى أخرى، موضحاً أن انخفاض أسعار الديزل وأسعار المواد الخام، وبعض الأمور الأخرى مثل الشحن، كانت السبب في تخفيض أسعار منتجات المصنع من البولسترين بنسبة وصلت الى 30%·
وأوضح أن التعامل بشفافية مع السوق أمر في غاية الأهمية خاصة مع وجود بدائل لمنتجات صناعة البولسترين، ولكي تكون للصناعة قوة تنافسية، لابد من مراجعة التكاليف وتحديد الاسعار في ضوء ذلك، وهو ما نقوم به، لافتاً إلى أن الديزل عنصر مهم في التكاليف، ولكنه ليس الوحيد، مشيراً إلى أنه ورغم ارتفاع أسعار المواد الخام بواقع 100 دولار في الطن مؤخراً، لم نقم بتعديل الأسعار·
وتوقع هاني أن تشهد أسعار الديزل مزيداً من الانخفاض في الشهور المقبلة، وهو ما يعزز من المنافسة للقطاع الصناعي المحلي، مع المنتجات الأخرى، كما قمنا بتخفيض اسعار النقل ايضاً، إلا أن هناك مستوى سعر لا يمكن النزول عنه، لافتاً إلى أن التراجع في المواد الخام خلال الشهور الاخيرة مع الانخفاض في اسعار الديزل لعب دوراً في تخفيض التكاليف·
وأشار إلى أن سعر طن المادة الخام في صناعة البولسترين تراجع من نحو 2000 و1900 دولار للطن إلى 850 و950 دولاراً، إلا أن السعر ارتفع مؤخراً إلى ألف و1100 دولار، وذلك بسبب قيام شركات بغلق أبوابها في آسيا ومناطق أخرى·
وقال هاني يبقى التأكيد على أن الصناعة بحاجة إلى آلية ثابتة وواضحة لتعزيز مكانتها عالمياً، مقترحاً قيام لجنة من وزارة الاقتصاد وجهات أخرى، ببحث مختلف مكونات الصناعة الوطنية، وتوفير آلية لتعزيز قدراتها، مشيراً إلى أن الديزل على سبيل المثال، لا يمكن تعميم التعامل بأسعاره بنفس القطاعات الأخرى، وكذلك الطاقة بمختلف أنواعها، وكذلك تأجير الأراضي، فنحن بحاجة إلى منظومة صناعية متكاملة·
عدد اليوم
