الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الأمن القومي العربي محاصر بأعداء الداخل والخارج

13 أغسطس 2006 01:39
القاهرة ـ محمد عزالعرب: اتسع مفهوم الأمن القومي أو الأمن الوطني في عصرنا ولم يعد قاصراً على حماية الوطن أو الأمة من عدو خارجي يتربص بجيوشه وأسلحته· وتجاوز مفهوم الأمن القومي ذلك بكثير فصار هناك أعداء في الداخل والخارج· ومن أعداء الداخل الإرهاب والفقر والأمراض واللاجئون والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والعمالة الوافدة وندرة موارد المياه وغير ذلك مما لا يمكن حصره· وفي ندوة ''مشكلات الأمن في الشرق الأوسط'' بالقاهرة قال الخبير الاستراتيجي د· قدري سعيد إن كلمة الأمن لم يعد معناها يقتصر على الأمن السياسي والعسكري أو أمن الدولة، بل أصبح يغطي مجالات اخرى متعددة مثل الأمن الاقتصادي والغذائي والصحي والبيئي ومعظم الامور المتصلة بسلامة حياة الانسان ورفاهيته لها جانبها الأمني، كما أن التطور في مجالات الاتصالات وثورة الإعلام أضافا بعداً آخر للأمن يتصل بحماية الهوية القومية· وأوضح أن اعتماد المجتمعات على نظم وتقنيات المعلومات بلغ درجة يمكن أن تهدد أنماط حياتها إذا لم يتم تأمينها خاصة في ظل اتساع نطاق الجرائم المرتبطة بهذا المجال كالتنصت وسرقة بطاقات الائتمان والسطو على البنوك الكترونياً والتزوير والتزييف والتهرب الضريبي، وسرقة أرقام الهواتف وتدمير الحسابات البنكية، والوصول للمعلومات الأمنية الحساسة والأسرار التجارية والاقتصادية وسرقتها· وأرجع اختلال التوازن العسكري في الشرق الأوسط إلى انفراد إسرائيل بامتلاك السلاح النووي، مما يشجعها على العدوان من دون أن تخشى عقاباً رادعاً، مضيفاً أن اسرائيل تزعم أن سلاحها النووي وظيفته دفاعية لردع العرب عن مهاجمتها، في حين انها رأت في امتلاك العراق لمفاعل نووي عملاً هجومياً ودمرته في عام ·1982 وأوضح أن الصراع بين الدول العربية وإسرائيل لا يقتصر على النواحي العسكرية بل أضحى الملمح الأساسي له البعد التكنولوجي المتعلق بإدارة صراع اجتماعي ممتد، مشيراً إلى أن العرب لم يخسروا عسكرياً في معركتهم مع إسرائيل ولكن لم يواكبوا تطور اسرائيل تقنياً في الأبحاث العلمية· وذكر أن احد المحاور الأمنية المهمة لمصر صوب الجنوب من حيث تأتي مياه النيل، والشاغل الأول لكل حكومة مصرية إدارة النهر وضمان عدم تهديد مياهه من أي أطراف، وشكلت القلاقل السياسية في جنوب السودان ومنطقة البحيرات العظمى مخاطر لمصر، كما أثار التقارب الاسرائيلي ـ الاثيوبي في بعض الفترات هواجس أمنية· الاعتماد المتبادل وقال إنه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ظهر محور أمني لمصر يتصل بعلاقة الاعتماد المتبادل مع دول الخليج والتي جعلت أمن الخليج واستقراره مصلحة قومية لمصر، حيث وفرت منطقة الخليج فرصاً واسعة للعمالة المصرية ومصدراً للدخل القومي من تحويلات العاملين، كما تحتل السياحة الوافدة من تلك المنطقة إلى مصر المرتبة الأولى من حيث عدد السياح ومستوى إنفاقهم مقارنة بالسياحة القادمة من مناطق العالم الأخرى، وتقدم دول الخليج مساعدات اقتصادية لمصر وتقوم بدور مهم في الاستثمار على أرضها· وقال د· محمد عبدالسلام -الخبير العسكري بمركز الاهرام للدراسات- إن هناك تهديدات غير تقليدية تواجه أمن الشرق الأوسط فيما يتعلق بالأرض والسكان والموارد، وهي متنوعة عابرة للحدود غير نظامية مثل مشكلات البيئة والفقر ونقص المياه والجرائم المنظمة وأمن المعلومات والإرهاب والهجرة غير الشرعية وتدفقات اللاجئين وانتشار الأوبئة· ويرى أن العامل السكاني من أهم مصادر التهديد التي تواجه أمن الشرق الاوسط، سواء بما يمكن أن يفرزه من مخاطر داخلية تمس استقرار الدول سياًسيا وأمنياً، أو بما يثيره من مشكلات بين الدول في ظل وجود تداخلات بين سكان المنطقة أو ما أدى إليه تصاعد الاهتمام بحقوق الإنسان في العالم، من ظهور مفاهيم وسياسات تتعلق بالتدخل الانساني مع الاتجاه أحياناً لفرض عقوبات على الدول· وأوضح أن مشكلة الأقليات في عدد من الدول العربية تم تسييسها على نطاق واسع، بينما ظلت الطبيعة التقليدية لها ''كمشكلة أغلبية وأقلية'' على ما هي عليه في بلدان الشرق الأوسط المجاورة كتركيا وايران واثيوبيا وبعض الدول العربية، وعلى الرغم من ما يضفيه وجود أقليات عرقية ودينية ولغوية من إثراء وتنوع في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العالم العربي لكنها كانت مصدراً للتوترات السياسية والعنف المسلح في حالات مختلفة· وأكد مشكلة اللاجئين من أهم المخاطر التي تواجه منطقة الشرق الأوسط حيث تشير الأرقام إلى أن العدد الأكبر من اللاجئين في العالم حالياً يوجد في الشرق الاوسط وهناك ظاهرة جديدة اتسمت بها أوضاع اللاجئين في الشرق الأوسط وهي تحول عدة ملايين من الأشخاص إلى لاجئين داخل بلدانهم ''لاجئ مدن'' خلافاً لما هو شائع عن هؤلاء الذين يضطرون للهرب بعيداً عن بلدانهم الأصلية بحثاً عن ملاذ آمن· وأوضح أن السياسات التي طبقتها دول المنطقة تجاه اللاجئين اتسمت بالتفاوت الشديد وعادة ما يتم التعامل معهم كأشخاص من الدرجة الثانية وأحياناً يتم عزلهم ووضعهم في مخيمات بلا احترام لحقوقهم الاساسية مؤكداً أن مشكلة اللاجئين تترك تأثيرات حادة على أمن واستقرار الدول التي يتوجهون إليها خاصة إذا كانوا بأعداد كبيرة ومن خلفيات طائفية وعرقية مختلفة· العمالة الوافدة وقال إن العمالة الوافدة من أهم مصادر التهديد التي تواجه دول الخليج حيث تشكل الغالبية بالنسبة لقوة العمل وباتت قضايا العمالة الوافدة أداة للضغط السياسي ووسيلة للتدخل في شؤون دول الخليج بدعوى انتهاكها لاتفاقيات العمل الدولية· وأكد أن الأمن مثل التنمية يمثل حاجة قوية ملحة، وبدأت منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الاخيرة إفراز تهديد أمني واسع النطاق وظهر في أحداث 11 سبتمبر 2001 وتمثل في الأعمال العنيفة التي قامت بها تنظيمات إرهابية تنتمي لدول في المنطقة ثم ظهور احتمالات انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط عبر برامج نووية سرية تعتمد على تخصيب اليورانيوم ووجود بعض النظم السياسية التي اعتبرتها الولايات المتحدة وبعض العواصم الأوروبية متطرفة· وذكر أن الدول العربية ليست من الدول المتقدمة ذات النواتج المحلية الاجمالية الكبيرة حيث يبلغ اجمالي الدخل المحلي للدول العربية 22 مرة اقل من نظيره في اسبانيا وثلث سكان المنطقة يعيشون على اقل من دولارين يوميا، ويجب زيادة النمو الاقتصادي في المنطقة اكثر من الضعف عن مستواه الحالي الذي هو دون 3 في المئة الى 6 في المئة على الاقل، وبامكان 6,1 في المئة فقط من السكان استخدام الانترنت وهو رقم اقل مما هو عليه في اي منطقة اخرى في العالم، بما في ذلك دول افريقيا جنوب الصحراء· واشار الى ان 40 في المئة من العرب البالغين -65 مليون شخص- اميون وسيدخل اكثر من 50 مليوناً من الشباب سوق العمل بحلول 2010 وسيدخلها 100 مليون بحلول 2020 واذا استمرت المعدلات الحالية للبطالة فسيبلغ المعدل 25 مليون عاطل بحلول عام ·2010 وقال إن معظم الدول العربية تعاني ندرة في المياه مع اعتمادها بنسبة 65 في المئة على الموارد المائية من خارج حدودها، متوقعاً زيادة عدد الدول العربية التي تقع تحت خطر الفقر المائي الى 19 دولة نتيجة لزيادة عدد السكان وقلة نصيب الفرد من الموارد المائية عن الف متر مكعب، وهو المعدل الذي حددته الأمم المتحدة لقياس مستوى الفقر المائي للدول· ويرى د· محمد عبدالسلام أن احد مصادر التهديد غير التقليدية التي تواجه منطقة الشرق الاوسط مجموعة من الامراض الوبائية مثل الايدز وانفلونزا الطيور والحمى القلاعية التي تظهر بشكل مفاجئ من دون مقدمات تتيح إشارات إنذار مبكر أو استعدادات مسبقة لاحتواء تأثيراتها وتداعياتها مضيفاً أن الأوضاع البيئية والكوارث الطبيعية في المنطقة تثير التشاؤم· وقال إن الحالة في الشرق الأوسط أشبه بـ ''فراغ إقليمي'' تتحرك على ساحته أطراف مختلفة بلا قواعد محددة، ولا يحمل المستقبل في مثل تلك الأحوال سوى سيناريوهات قليلة، فإما السير قدماً نحو مزيد من الفوضى أو بداية مستوى ما من إعادة البناء في المنطقة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©