السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

فوسبيري يطلق «وثبة الظهر»

فوسبيري يطلق «وثبة الظهر»
16 يوليو 2012
نيقوسيا (ا ف ب) - قلب الطالب الأميركي الممشوق القوام ريتشارد “ديك” فوسبيري موازين الوثب العالي ومعادلاته المتعارف عليها وتقنياته المعتمدة، فقد تخطى العارضة مرتقيا على ظهره ومسجلا رقما جديدا مقداره 2,24 م خلال دورة مكسيكو 1968، مسطرا نقلة جديدة في التطور الرياضي، فبعد يومين فقط من قفزة مواطنه بوب بيمون التاريخية في الوثب الطويل ضج ملعب الازتيك مرة أخرى أمام قفزة جديدة، حيث ذهل المتفرجون عندما شاهدوا فوسبيري يقفز في مسابقة الوثب العالي وظهره إلى العارضة بينما كان سائر المتسابقين يثبون بالعكس! وكان من الممكن أن تبقى هذه التقنية الجديدة تجربة جهيضة لو لم يصل صاحبها إلى مبتغاه: النصر، وارتفاع 2,24 م كان كفيلا بادخال قفزة فوسبيري التاريخ لتبقى فيه. والحال أن الشاب الأميركي ابن المهاجرين الانجليزيين ما كان ليحقق ما حققه لولا عناده، وهو كان خلال تدربه في الجامعة يرفض القفزة الأمامية ويصر على القفز بطريقة المقص. وفي سن التاسعة عشرة كان يتخطى ارتفاع مترين بانتظام، ومع ذلك لم يكن مدربه يهتم به كثيرا، فقد كان غير مؤمن بإمكان تحويله بطلا. حل فوسبيري خامسا في بطولة الجامعات الأميركية عام 1967 محققا 10ر2 م، ثم تأهل لأولمبياد مكسيكو بقفزة ارتفاعها 21ر2 م ما جعله أحد المرشحين بقوة لإحراز الميدالية الذهبية. وفي الألعاب الأولمبية التي كانت خروجه الأول من الولايات المتحدة حقق فوسبيري 24ر2 م بعيدا أربعة سنتيمترات من الرقم العالمي للسوفياتي فاليري بروميل، لكنه تخطى الرقم الأولمبي للبطل السوفياتي، وعندها فقط اقتنع الجميع بأن فوسبري مشروع بطل كبير، والغريب أن فوسبيري لم ينظر إلى الرياضة إلا كهواية ووسيلة ترفيه. وبقي البطل الذي ابتكر تقنية جديدة تحمل اسمه، فيما كان كإنسان عادي يجهد لتخطي نوبة كآبة أصابته وليعود ليستقر في ولاية ايداهو مع زوجته وولدهما ليعمل مهندس طرق وجسور، وهو فوت فرصة العودة والمشاركة في دورة ميونيخ 1972، فانتهت مسيرته الرياضية لتبقى قفزته مستمرة، علما أنه بتواضعه الجم يقول إنه لو لم يبتكر وثبة الظهر لكان أحد سواه فعل ذلك بالتأكيد. أعاد فوسبيري “اختراع” الوثب العالي، خلال قفزته الثورية فبدت كل حركة في جسده وأطرافه تفصيلا قائما بذاته، وحين هم بالانطلاق أشرت حركة انقضاضه على استخدام طريقة المقص العادية، لكنه فجأة استدار وأصبح ظهره إلى العارضة. لم يفوت فوسبيري مناسبة خوضه مسابقته الدولية الأولى، فقلب الموازين. كان يعتقد أن المدرسة السوفياتية (الوثب والبطن إلى العارضة) هي الأفضل، خصوصا أنه كان مجهولا قبل عام من ألعاب مكسيكو حيث تطورت أرقامه تصاعديا: 18ر2 م و20ر2 م و22ر2 م ثم 24ر2 م وهو رقم قياسي أميركي، وحطم النظريات الراسخة. في مكسيكو، كان يوري دياتشكوف مبتكر أسلوب المقص الذي اعتمده أفضل المدربين في العالم، شاهدا على وثبة فوسبيري، فالتقط صورا كثيرة بكاميرته لحركاته مبديا استغرابه وإعجابه في آن. في البداية، اعتبر دياتشكوف الأسلوب الجديد ملفتا للنظر ممتعا للعين والمتفرج، واستدرك مضيفا: “لكنه أسلوب شخصي بالدرجة الأولى ولا أظن أنه سيؤثر على مستقبل هذه اللعبة”، غير أن اعتقاده كان خاطئا. فور عودته إلى موسكو، انكب دياتشكوف على دراسة الظاهرة الجديدة، لكن الأهم أن هذه الوثبة أعطت الولايات المتحدة لقبا غاب عنها منذ عام 1956، وسريعا أصبح لفوسبيري مقلدون. بعد سنوات من اعتزاله وقد أصبح رئيسا للاتحاد الدولي للاعبين الأولمبيين، ذكر فوسبيري أنه كان في صغره يثب بالطريقة التقليدية (المقص) “ووجدتها غير فعالة فأحببت التغيير في إحدى المنافسات ووجدت هذه الطريقة الجديدة مريحة في تجاوز العارضة وارتفعت خلالها 15 سنتم، وقد كنت اللاعب الوحيد الذي يستخدم هذه الطريقة في أولمبياد 1968، وكان الصمت يعم الميدان بسبب الطريقة الجديدة التي وجدت بعدها ترحيبا وتشجيعا كبيرين في الألعاب”. وأضاف: “اللاعبون الآخرون احترموا طريقتي لكن لم تكن لديهم الشجاعة لتطبيقها حتى حققت الرقم القياسي، فتجرأ بعدها كثيرون على اعتمادها، وحاليا أنظم دورات في أميركا ومختلف بلدان العالم للاعبين والمدربين، وأشرف على ثلاثة معسكرات تدريبية في الصيف أحاول من خلالها أن أزرع في اللاعبين الصغار متعة الرياضة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©