الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التلفزيون يسرق الوقت وبرامجه تحتاج لمراقبة أسرية

التلفزيون يسرق الوقت وبرامجه تحتاج لمراقبة أسرية
22 يوليو 2011 19:52
مع الغرق في أجواء الإجازة المدرسية الصيفية، التي فرغت الطلاب من كل مسؤولية تجاه المذاكرة والقراءة وواجبات الحساب، بات التلفزيون الوسيلة الأكثر جذباً لهذه الفئة العمرية الباحثة عن التلقي السلبي حتى في الترفيه. والبرامج التي تبثها الشاشة الصغيرة، سواء الجادة منها أو المستهلكة، ليست مغناطيساً موجهاً للأبناء وحسب، إذ أن للأمهات والآباء حصتهم من الساعات الطويلة التي تقضى قبالة هذا الجهاز الأصم والذي لا يتوقف عن الثرثرة طوال اليوم. ما أن تنتهي السنة الدراسية، حتى يبدأ الملل يتسلل إلى البيوت. ويتحول التلفزيون فجأة إلى أفضل مصدر للتسلية ولقتل أوقات الفراغ، ويعود من جديد ليرسم جداراً متيناً بين أفراد الأسرة. والمعضلة الحقيقية أنه ما من بيت إلا ويضم أكثر من جهاز للتلفزيون موزع على غرف البيت. وكأن المسألة تتحول شيئاً فشيئاً إلى قضية شخصية تلبي رغبة كل فرد على حده، بمعزل عن محيطه الأسري. اختلاف الزمان قديماً كانت الأسر تتحلق عند المساء حول جهاز التلفزيون بقصد مشاهدة مسلسل اجتماعي أو فقرات فكاهية ترطب أجواء السهرة. وكان كل ما يعرض من برامج، يشكل مادة مناسبة للحوار بين الأهالي وأبنائهم وفيما بين الأخوان. فالأخ الأكبر يشرح للصغار عن الرسائل المفيدة التي يبثها هذا البطل الكرتوني أو ذاك، والأخوان الصغار بدورهم يطرحون الأسئلة التي تراودهم. وهم مضطرون للانصراف إلى ألعابهم عندما يقرر ذويهم مشاهدة ما لا يتناسب مع سنهم. أما اليوم فقد خمدت الحيوية في غرف المعيشة وحول شاشات التلفزيون، التي ما عادت تجمع الأسر وإنما باتت تفرقها. ومع رفاهية الوسائل الإلكترونية المتوافرة في كل بيت وتعدد أجهزة التلفزيون، بات الجميع منشغلين عن بعضهم، كل واحد يتابع ما يحلو له من أفلام ومسلسلات مدبلجة وفيديو كليبات، وقلة من يختارون القناة نفسها ليشاهدوا سويا ما تعرضه. والسبب برأي الأكثرية أنه “ما من اهتمام مشترك يؤنس لمة الآباء والأبناء”. وتعود ميرفت عبد الرؤوف بالذاكرة إلى أيام خلت عندما كان التلفزيون لا يبث برامجه إلا في فترة المساء، وتقول “كانت سنوات جميلة، وكنا منظمين في كل شيء. هنالك موعد للم شمل الأسرة على وجبات الطعام، وموعد لتبادل الأحاديث، وموعد لمشاهدة الشاشة الصغيرة”. وتذكر أن البرامج كانت وقتها موزعة لتتناسب مع مختلف الفئات العمرية، إذ أن البداية مع الرسوم المتحركة ومن ثم المسلسلات الاجتماعية، وبعدها نشرات الأخبار، وهكذا. “ولا أكشف سرا حين أقول إنه ما أن أصبحت التلفزيونات ومن بعدها الفضائيات تبث 24 ساعة، حتى اخترب حال الأسر. ولم يعد هنالك أي ضابط يجمعهم، فالكل يشاهد ما يشاء ساعة يشاء”، تقول عبدالرؤوف، وهذا برأيها سيف حاد يقضي على الحميمية الضرورية لتحقيق الألفة بين أفراد الأسرة الواحدة. وتقول، السيدة، وهي أم لأربعة بنات “بناتي الآن كبرن، ولم أعد أستطيع أن أرغمهن على الجلوس معي لمشاهدة البرنامج الذي يعجبني أو المسلسل الذي أتابعه. وأقصر الطرق لعدم إحراج إحدانا الأخرى، أن كل واحدة منهن تنصرف إلى مشاهدة ما ترغب فيه إما عبر جهاز آخر من أجهزة البيت، وإما عبر الإنترنت الذي يدخل هو الآخر ليفسد أي مجال للحوار بيننا”. نوعية البرامج تقول مريم التميمي “التلفزيون ليس العدو الوحيد للأسرة، مع أنه يسرق الكثير من وقت التواصل فيما بين أفرادها. وإنما هنالك ما هو أكثر خطرا، إذ أن أجهزة الكمبيوتر وما بداخلها من برامج إنترنت ويوتيوب وفايسبوك وسواها، تدخل المجتمع كاملا في متاهات الانغلاق على النفس، وعيش الخصوصية المطلقة”. ولكونها أم لولدين وبنت في سن المراهقة، فهي تحرص كل الحرص على مراقبة نوعية البرامج التي يشاهدونها. كما أنها تحاول دوما أن تتشارك معهم في الاهتمامات نفسها، تقول “لكن محاولاتي تبوء بالفشل أحيانا كثيرة”. والسبب برأيها أنه ما من برامج على الفضائيات موجهة للأسرة العربية بمختلف فئاتها العمرية. وتجد أن البرامج مقسمة إما إلى فقرات الترفيه المبتذل، وإما إلى العروض الكرتونية الخارقة، وإما إلى الأفلام والمسلسلات التي قد تعجب الأهالي ولا تعجب الأبناء أو العكس. وتعلق “لا ألوم الأبناء، لأنهم في سن معينة يحتاجون إلى نوع من الترفيه المحبب الذي يتناسب مع طموحاتهم وميولهم، لكن المشكلة في عدم قناعتي بما يمكن أن يطلعوا عليه من مضمون قد يكون غير مناسب دينيا وأخلاقيا واجتماعيا”. بلهجة أقل حدة يقول مصطفى حيدر، وهو أب لولد وبنت في المرحلة التعليمية الأولى “مع قناعتي التامة بأن التلفزيون يتسبب بالكثير من المشاكل الأسرية، ليس على الأبناء وحسب وإنما كذلك فيما بين الأزواج، غير أن المسألة تحتاج برأي إلى الحكم العقلاني”. ويشرح وجهة نظره، لافتا إلى أن هذا الجهاز الذي نتهمه بالسيطرة على الصغار، ليس وحده المسؤول عن انقسام أفراد الأسرة. ويشرح “الأمر يتعلق أولا وأخيرا بالإرادة الشخصية، وبضرورة توفير البدائل التي تقربنا من بعض كأزواج وآباء وأبناء. ولا يجوز أن نصب غضبنا على الشاشة الصغيرة ونحملها أكثر من طاقتها”. ويشدد على نقطة مهمة، مفادها أنه لولا التلفزيون لما تمكن أفراد الأسرة من الاطلاع على الكثير من الأمور الحياتية بنظرة عصرية. كما يعتبر أننا نتوجه دائما لانتقاض البرامج السيئة، ولا نقدم مديحا للفقرات الاجتماعية التوجيهية “التي تعين الأسر على التماسك، ونبذ العادات السيئة”. ويرى أنه “من غير المنطقي أن نرجع بعقليتنا إلى أيام خلت، لأنه لابد لكل جيل أن يعيش المرحلة الآنية. “ونخطئ حين نتراجع عن القيام بدورنا كأهالي، لأننا بذلك نكون قد سلمنا المهمة ليس فقط إلى التلفزيون وإنما إلى أمور كثيرة إلكترونية ورقمية وسواها”. البديل المتاح مع أن المراهقين ليسوا وحدهم المعنيين بمشكلة الهيمنة التلفزيونية، غير أنهم الأكثر اتهاما بانصرافهم عن أمور الأسرة واللجوء إلى ما تبثه الشاشة الصغيرة ليلا نهارا. ويذكر سعد إبراهيم (13 سنة) أنه يشاهد التلفزيون عدة ساعات في اليوم، ليس لأنه معجب بكل ما تقدمه البرامج، “وإنما لأنني لا أجد أمرا آخر أفعله من دون أن ألقى ممانعة من أهلي. فأمي تمنعني من الخروج ليلا مع أصحابي، وأنا لا أجد ما أفعله سوى الجلوس على الأريكة والتقليب بين القنوات”. ومن هواجسه أنه يرغب بالقيام بنشاطات تتناسب مع سنه، كالذهاب إلى النادي أو إلى المول، لكن والده يصر على اصطحابه بنفسه. “وهذا ما لا يعجبني لأنني لم أعد صغيرا. وأجد أن أفضل شيء المكوث بالبيت ومشاهدة التلفزيون”. الأمر نفسه بالنسبة لغنى الأمير (17 سنة) التي تجد أنه من البديهي مشاهدة التلفزيون بكثرة خلال إجازة الصيف. “فما الذي سنفعله، خصوصا أننا لن نسافر هذه السنة. في الصباح لا يمكنني الخروج مع أخواتي أو صديقاتي بسبب الحرارة، وفي المساء هنالك أماكن معينة مسموح لنا بها. وقد مللنا من تكرارها”. ولهذا السبب تجد نفسها ملزمة على متابعة المسلسلات التي تعرض في أوقات فراغها. أما عما إذا كانت تشاهد التلفزيون مع أفراد الأسرة، فتقول “ليس دائما، لأن كلا منا منشغل بأموره. أمي وأبي في العمل، وكل منهما يرجع إلى البيت في توقيت مختلف. كما أن البرامج التي تعرض لا نتفق جميعنا على مشاهدتها. فلكل منا ذوقه الخاص”. يوافقها الرأي جمعة أحمد (15 سنة) الذي يذكر أنه يستمتع بمشاهدة التلفزيون، ولاسيما البرامج الرياضية وعروض السيارات الجديدة وآخر الاختراعات التكنولوجية. ويقول “أتابع هذه البرامج باستمرار مع رفاقي الذين أدعوهم إلى البيت. وأحيانا عندما أمل من الجلوس في غرفتي، أتصل بأحد الرفاق وأذهب إليه لمشاهدة البرامج نفسها، أو اللعب بالألعاب الإلكترونية”. وبالنسبة له، فإن الإجازة مملة من غير تلفزيون، وهو لا يمكن أن يتخيل نفسه يمضي اليوم كله من دون أن يطلع على الشاشة الصغيرة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©