الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

باحث أميركي يؤكد: إدارة بوش أقحمت نفسها دون مبرر في الحرب ضد لبنان

11 أغسطس 2006 00:33
نيويورك - أحمد كامل: ألقى استاذ العلاقات الدولية في جامعة ميريلاند ستيت الاميركية ستيفن ماكوي محاضرة مسهبة عن تداعيات العمليات العسكرية في اسرائيل بدعوة من معهد بروكينز للدراسات السياسية، وعُرف ماكوي في عالم المعلقين والتحليلات السياسية في الولايات المتحدة بانتقاده الحاد لسياسة ادارة الرئيس بوش تجاه الشرق الأوسط وتحذيره من ''كارثة كامنة'' ستنتج عن دعم الإدارة لأكثر السياسات الاسرائيلية شططاً· وأتت محاضرة ماكوي - ثم المقابلة التالية التي اجريناها معه - وسط ظاهرة عامة من ''الاحتجاج الاكاديمي'' ان جاز التعبير على موقف الادارة الاميركية مما يحدث في لبنان، أي احتجاج العاملين في مراكز الدراسات والدبلوماسيين والعسكريين السابقين، وهي احتجاجات أخذت تتعالى بصورة تدريجية منذ بدء تلك العمليات في 12 من الشهر الماضي ولاسيما بعد مذبحة قانا، وفيما يلي نص الحوار الذي ركز على استطلاع رأي البروفيسور ماكوي في سياسة الادارة الاميركية إزاء ما حدث في لبنان: كيف ترى تطورات موقف إدارة الرئيس بوش من أحداث لبنان؟ لا يختلف اثنان في واشنطن حول مدى التخبط الذي اتسمت به مواقف الادارة ازاء هذه المأساة، والدليل الأوضح على ذلك هو إعلان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس خلال زيارتها الاخيرة لإسرائيل انها ستطلب وقف اطلاق النار في مجلس الأمن بعد ثلاثة أيام من عودتها ثم إلغاء الرئيس بوش لذلك· العنصر الأهم ولكن العنصر الأهم هو انه لا ينبغي على أي إدارة أميركية ان تقحم نفسها في نزاع من هذا النواع في الشرق الأوسط، لقد حددت الادارة الحالية منذ اللحظة الأولى ما ينبغي ان تكون عليه الأهداف الاسرائيلية في لبنان، اي نزع سلاح حزب الله ووضع قوات دولية على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية وإقامة منطقة عازلة على الشق اللبناني من هذه الحدود·· ولم يكن هذا هو الخطأ الجسيم الوحيد، ذلك ان الادارة جعلت من أهدافها هذه اهدافاً بعيدة المدى·· وليس بوسعك أن تضع اهدافاً بعيدة المدى أمام عملية هي في نهاية المطاف عملية تكتيكية مهما كان حجمها، إذ ان اسرائيل لا تريد ولا تستطيع ان تكرر ما فعلناه في العراق، أي دخول لبنان وتغيير نظامه السياسي· فضلاً عن ذلك فإن الادارة تطوعت - على نحو مجاني تقريبا - بالظهور علناً لتأييد كل ما تفعله اسرائيل·· وحين اتضح أن اسرائيل ترتكب مجازر حقيقية في حق المدنيين اللبنانيين بدا ان سياسة البيت الابيض هذه ترتد الى صدر الإدارة، إذ روعت مشاهد الضحايا الرأي العام الأميركي، وبدأ الجميع يوجهون بالتالي انتقادات الى سياسة الرئيس ومواقفه· تحديد الأهداف اذا عدنا الى قضية تحديد الأهداف، ما هي في تقديرك الاهداف التكتيكية المناسبة كما ينبغي أن تراها الإدارة واسرائيل ؟ لقد ظهر بعد أيام فقط من بدء العمليات ان هناك خللاً عميقاً في الافتراضات الاميركية والاسرائيلية عن نتائج المواجهة وان تعريف نجاح العملية على نحو ما وضعه الاسرائيليون والبيت الابيض هو تعريف يجعل تحقيق هذا النجاح امراً مستحيلاً تقريباً· فمثل هذه المواجهات التي تخاض بين جيش نظامي وقوات حرب العصابات تستمر سنوات، ولم يشهد تاريخ حروب من هذا النوع نهاية سعيدة خلال أسابيع أو حتى شهور·· وحين يكون الحديث عن الشرق الأوسط فإن الأمر يزداد تعقيداً، إذ تكون العناصر في العادة بالغة التشابك وذات صلة بأمور خارج نطاق المواجهة في ذاتها· مثل ماذا في هذه الحالة بالذات ؟ مثلاً هناك قضية الحصة السياسية الممنوحة للشيعة في لبنان، لقد مر اتفاق الطائف وفق صيغة معقدة، فقد سمح السوريون لحزب الله بحمل السلاح مقابل حصوله على حصة محدودة من مقاعد البرلمان ومقابل منع الشيعة عددا من المقاعد لا يتناسب مع عددهم، ووافق الشيعة على ذلك باعتبار ان السلاح سيوفر لهم الحماية اذا لم يتمكنوا من الحصول على قدر أكبر من سلطة الدولة· نزع السلاح ويعني ذلك أن طرح قضية نزع سلاح حزب الله تتطلب إعادة النظر في الحصص الطائفية التي أقيم البرلمان اللبناني على أساسها، أو بالأحرى إعادة صياغة النظام السياسي في لبنان، وليس بوسعك أن تطلب من حزب الله ترك سلاحه والحفاظ على التركيبة الحالية في نفس الوقت، واذا ارغمت حزب الله بالقوة على نزع سلاحه، أي إذا ما تحقق هدف الإدارة المعلن منذ 12 يوليو فإن هذا سيخلف لنا وضعاً سياسياً غير مستقر، أو - بكلمة أخرى - متفجر، إذ لن يلبث الحراك السياسي لهذه الطائفة الكبيرة أن يسفر عن عودتها الى السلاح مرة أخرى ولكن على حساب السلطة السياسية في بيروت، وربما عبر تكبيد هذه السلطة خسائر مباشرة أي انك في النهاية ستضع لبنان على حافة مرحلة من الاضطرابات المتزايدة والكبيرة، ويعني هذا كله ان المطالبة بنزع سلاح حزب الله تعني من الوجهة العملية اسقاط اتفاق الطائف· هل يبقى السلاح اذاً ؟ كلا·· ان مبدأ سيطرة الدولة - أي دولة - على أراضيها هو واحد من أسس السيادة الوطنية، وطالما لم تبسط الدولة اللبنانية سيادتها على كل أراضيها فإن سيادتها ستظل منقوصة، ولكن نزع السلاح هذا هو عملية وليس لحظة، اي انه يأتي عبر حوار وطني واسع في لبنان، ولا أشك للحظة ان وصول هذا الحوار الى هدف نزع سلاح حزب الله سيكون متزامناً مع وصوله الى أحداث تعديلات ملموسة على النظام السياسي في لبنان· القوة المجردة ما هو الحل اذاً ؟ قبل ان يبحث أي شخص عن الحل عليه ان يدرك أن القوة المجردة لن تصل به الى شيء، أي عليه ان يستبعد بعض الخيارات وان يفتح رأسه لخيارات أخرى، وليس ثمة حل بدون صفقة تكاملة تبدأ من خروج القوات الاسرائيلية من مزارع شبعا ومناقشة الصيغة السياسية اللبنانية والاتفاق على التعديلات التي ينبغي أن تجرى على هذه الصيغة ووضع قضية نزع سلاح حزب الله ونشر قوات دولية في هذا السياق، بدلاً من ذلك أمامك سنوات من العمليات العسكرية التي قد تبدأ حيناً وتهدأ حيناً آخر· وحتى في حالة مزارع شبعا فإن على الأمم المتحدة أن تحصل من سوريا على إقرار بأنها ليست جزءاً من أراضيها حتى يمكن نقلها الى السيادة اللبنانية، وعليك أن تتصور وضعاً تسيطر بموجبه قوات دولية على مزارع شبعا وتعطل فيه دمشق عملية نقلها الى السيادة اللبنانية، إن حزب الله سيجد مبرراً لابقائه على سلاحه، ومن ثم استمرار الاشتباكات والعمليات العسكرية، وهكذا فقد كان على الإدارة ان تواجه منذ لحظة مبكرة احتمال التفاوض مع السوريين· قلت على شبكة التلفزيون العامة ولمحطة ''سي· بي· ان'' إن الحرب الاسرائيلية في لبنان اساءت للولايات المتحدة في الشرق الأوسط بأكثر مما يتصور الأميركيون هل لك ان توضح ذلك وتوضح ايضا اذا كان يمكن لواشنطن تجاوزه ؟ انه امر واضح وانت تعرف ربما أكثر مني في هذا السياق، ويكفي ان تقرأ صحيفة عربية أو تتحدث مع شخص من الشرق الأوسط لتعرف ولا أعتقد ان بوسعنا ان نحسن من صورتنا في الشرق الأوسط طالما بقيت إداراتنا منحازة بصورة كاملة لاسرائيل·· لقد اعطيناها شيكاً على بياض وسندفع نحن الثمن·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©