الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مصير الأميركيين ذوي الأصول الكوبية في مرحلة ما بعد كاسترو

10 أغسطس 2006 01:04
في اعتراف شهير للزعيم الكوبي فيدل كاسترو قال فيه: إن ثورته بحاجة إلى عدو، أو إلى ''ثورة مضادة'' كي يتسنى لها البقاء والازدهار· وعليه فقد تمكن الأميركيون الكوبيون من تحديد هويتهم اجتماعياً وسياسياً على امتداد ما يقارب نصف القرن من الزمان، بصفتهم معارضين و''أعداء'' ثابتين لنظام فيدل كاسترو· وبسبب ميلهم إلى تعريف أنفسهم بصفتهم منفيين وليسوا مهاجرين، فقد اكتسبت قصة الأميركيين الكوبيين هؤلاء لنفسها قوة وجاذبية كبيرتين· وبسبب الحرمان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي تعرضوا له، وبسبب معاناتهم الأسطورية فقد تمكنوا من الصعود إلى قمة السلم الاجتماعي الأميركي في وطنهم البديل أميركا، محققين لأنفسهم نجاحات باهرة في الوقوف ضد القهر والطغيان في وطنهم الأم· لكن وفي الأسبوع الماضي، فقد تناقلت الوكالات والقنوات والصحف، أنباءً عن اعتلال صحة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، أثارت الاهتمام بما يمكن أن تكون عليه كوبا ما بعد كاسترو· ويتبع هذا السؤال ويستصحبه سؤال آخر لا يقل إلحاحاً حول المصير الذي يؤول إليه الأميركيون الكوبيون فيما لو فتحت الجزيرة أبوابها المغلقة في وجوههم مجدداً؟ فعلى رغم ميل معظم الكيانات والجماعات العرقية الثقافية إلى تعريف نفسها باعتبارها كيانات متفردة، إلا أنه يحلو للكوبيين-لا سيما الأميركيون منهم- تعريف أنفسهم على أنهم مجموعة شديدة الخصوصية والاستثناء· وتتحدد هذه الخصوصية بأيديولوجية ''المنفى'' التي يتمسك بها الأميركيون الكوبيون، أي أنهم مجموعات أرغمت على مغادرة وطنها من قبل حكومة ونظام سياسي ذي توجهات فكرية وسياسية معارضة لما يؤمنون به، على حد تحليل لـ''يساندرو بريز''، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة فلوريدا العالمية· ونتيجة لهذا التفرد المدعوم بكراهيتهم المريرة لنظام كاسترو، وبحقيقة إعلان الولايات المتحدة نفسها لكوبا على أنها دولة عدوة، فقد تمكن الأميركيون الكوبيون- الذين يمثلون نسبة 1 في المئة من مجموع السكان الأميركيين- من لعب دور فاعل وشديد الأثر في السياسة الأميركية عموماً، وفي السياسات الخارجية على وجه الخصوص· ولنذكر هنا ''قانون تعديل أوضاع اللاجئين'' لعام ·1966 فحتى اللحظة التي جرى فيها تعديل ذلك القانون في عام ،1996 كان يحق لأي لاجئ كوبي بصرف النظر عن صحة أو عدم صحة مستنداته الثبوتية التي هاجر بموجبها إلى الولايات المتحدة، أن يحصل على الإقامة الدائمة في أميركا بعد مضي عام واحد على إقامته فيها· لكن واعتباراً من عام 1996 سادت سياسة مغايرة عرفت باسم ''الأقدام اللينة/الأقدام الجافة''· وبموجب تلك السياسة فقد بدأت إجراءات ترحيل اللاجئين الكوبيين الذين يلقى القبض عليهم في شواطئ فلوريدا في حال عدم حملهم للأوراق الثبوتية الصحيحة المصرح بها للهجرة الشرعية وإعادتهم إلى بلادهم· لكن ومع ذلك فقد سمحت السياسات نفسها لكل من يتمكن منهم من عبور السواحل إلى داخل الولايات المتحدة بالبقاء والتمتع بمزايا اللجوء السياسي في أميركا· هذا ولا يزال الشعور بالخصوصية يتمثل في أقوى حالاته وصورته بين لاجئي الجيل الأول من الكوبيين الذين وطئت أقدامهم تربة الولايات المتحدة في أعقاب الثورة الكوبية عام ·1959 وقد كافح هؤلاء أشد ما يكون الكفاح من أجل الحفاظ على ثقافتهم وخصوصيتهم، في ذات الوقت الذي تعلقوا فيه بحلم العودة إلى وطن طليق حر من الطغيان الشيوعي· وعلى رغم أن أغلبية الكوبيين الذين ولدوا في أميركا لم يحظوا برؤية وطنهم الأم مطلقاً، فإنهم ورثوا عن الآباء والأجداد صورة رومانسية زاهية عن جزيرتهم الوادعة الجميلة، لولا انقضاض نظام كاسترو عليها· بيد أن هذا الواقع ربما يطرأ عليه تغيير جوهري الآن، مع تزايد الاحتمالات ببزوغ شمس فجر ديمقراطي في تلك الجزيرة الساحرة المقهورة· وفيما لو حدث تحول سياسي في هذا الاتجاه، فإن من المرجح أن ينتج عنه تغير في امتيازات اللجوء السياسي التي يحظى بها الأميركيون الكوبيون حتى الآن· وفي هذا ما يشير في المقابل إلى احتمال تراجع أعداد المهاجرين الجدد من الجزيرة· أما على صعيد الامتيازات السياسية التي يحظى بها الناخبون الأميركيون الكوبيون، فإن غروب شمس الشيوعية في سماء الجزيرة، إنما يهدد بانحسار تأثير وسطوة اللاجئين الكوبيين على السياسات الأميركية· غير أن كل هذا لن يمس-إن حدث- شعور هؤلاء اللاجئين بتميزهم وخصوصيتهم الثقافية والسياسية والاجتماعية التي تميزهم عن غيرهم من الجاليات والكيانات المهاجرة الأخرى، ولن يحد من قدرتهم على إثراء تنوع وتعدد الثقافات الأميركية المعاصرة· جريجوري رودريغز زميل أول بـ''نيو أميركان فاونديشن'' بمدينة إرفين ولاية كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©