الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صيانة الأركان الضرورية للحياة البشرية أعلى مراتب المقاصد الشرعية

صيانة الأركان الضرورية للحياة البشرية أعلى مراتب المقاصد الشرعية
21 يوليو 2011 19:32
حرص الإسلام على سلامة المسلم، وحفظ صحته وماله وعرضه، حيث بينت الشريعة الإسلامية وجوب صيانة الأركان الضرورية للحياة البشرية وهي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، وهذه الضرورات هي أعلى مراتب المقاصد الشرعية، بل هي الغاية الأولى من نزول التشريع، ولا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، فإذا فُقدت اختلت الحياة الإنسانية، وقد اتفقت جميع الرسالات السماوية على وجوب حفظها وصيانتها. إن الصحة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالدين، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، ولأن الخلافة في الأرض، والقيام بحمل الأمانة التي أوكلها الله للإنسان في الدنيا، تحتاج إلى الأقوياء القادرين على خدمة دينهم ووطنهم وأنفسهم، فنعمة الصحة من أجلّ النعم التي أنعم الله بها على عباده بعد تقوى الله، فقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ” (أخرجه البخاري)، كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: “من أصبح آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها” (أخرجه الترمذي والبخاري). خبايا وأسرار ومن سنن الله - عز وجل - أن البقاء في الكون للأصحاء الأقوياء، فهم الذين يستخلفهم الله في الأرض فيعمرونها، ويصلون إلى خباياها وأسرارها، ويكشفون عن خيراتها وكنوزها، وأنه ما ارتقت أمة ذروة المجد، إلا بقوة أبنائها، وصحة أبدانهم، لأن ذلك وسيلة إلى سلامة عقولهم، ونضج تفكيرهم، ومضاء عزائمهم وسداد أعمالهم، لذلك نرى بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل الله العفو والعافية ويقول: “سلوا الله العفو والعافية، فإن أحداً لم يُعط بعد اليقين خيراً من العافية” (أخرجه أحمد والترمذي). لقد اهتم الإسلام بصحة الأفراد والجماعات، ووضع لها الضوابط اللازمة، وأمر بمراعاتها والعناية بها، ليشبَّ الفرد المسلم على المستوى الكريم اللائق به، فالصلاة عماد الدين، وفيها يقف المؤمن بين يدي خالقه داعياً ومتقرباً، وهي كالنهر الذي يغتسل فيه المؤمن كل يوم خمس مرات، فتزيل الدرن والأوساخ والأقذار وتقرب الإنسان من ربه سبحانه وتعالى، (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ ( فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ) “سورة البقرة الآية 238 - 239”. والصلاة تعلم الإنسان دروساً عديدة منها: الحرص على الطهارة العضوية والقلبية والترتيب والنظام، والعمل بروح الجماعة، (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) “سورة العنكبوت، الآية 45”، كما ثبت للأطباء والعامة كذلك، أن الإنسان الذي يتعود على الصلاة وعلى أدائها كما يجب أن تؤدى منذ طفولته، يتقى العديد من أمراض الظهر كالانزلاق الغضروفي والتيبس، كما أن أداء الصلاة يقوي العضلات والعظام، ويحفظ الجهاز الدوري والقلب والأوعية الدموية، ويزيد تدفق الدم إلى أجزاء الجسم. إرشادات إسلامية وللمحافظة على الصحة، أحل الله لعباده الطيبات، وحرم عليهم الخبائث، حرصاً على الصحة، وإبقاء على القوة. فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يواظب على استعمال السواك، حرصاً منه على طيب فمه، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة” (أخرجه أصحاب السنن). ومن أجل المحافظة على الصحة والقوة فقد رفض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أراده بعض المسلمين من صيام الدهر، وصلاة الليل أبداً، واعتزال النساء قائلاً: “أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني” (أخرجه الشيخان)، كما وورد في الحديث عن أنس - رضي الله عنه - قال: “مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيخ يتهادى بين ابنيه، فقال: ما بال هذا؟ قالوا: يا رسول الله: نذر أن يمشي: قال إن الله لغنيٌ عن تعذيب هذا نفسه، فأمره أن يركب” (أخرجه الترمذي). الصحة العامة وفي نطاق المحافظة على البيئة والصحة العامة وإماطة الأذى عن الطرقات فقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن التبول والتبرُّز في الماء الراكد، والظل الذي يجلسون فيه، والطرق والأماكن التي يرتادها الناس يقول - صلى الله عليه وسلم -: “اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل” (أخرجه أبو داود)، ويقول أيضاً: “الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان” (أخرجه الشيخان). كما عُني الإسلام بنظافة البيت وساحاتِه وأفنيتِه “إِن اللَّه طيِبٌ يحب الطيِبَ، نظيفٌ يُحِب النظافة، كريم يُحب الكرمَ، جوادٌ يُحِب الجودَ فنظفوا - أراه قال - أفنيتَكم ولا تشبهوا بِاليهود” (أخرجه الترمذي). كما وحرم الإسلام كل ما يفسد صحة الإنسان أو بيئته، فحرم أكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وحرم كل مسكر ومفتر كالخمر والمخدرات والتدخين، فقد جاء في الحديث الشريف: “نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر” (أخرجه أحمد وأبو داود)، المسكر معروف، والمفتّر هو الذي يصيب الجسد بالفتور والخدر. كما وحرم الإسلام الممارسات الجنسية غير الشرعية كالزنا، حيث أغلق أبواب الحرام أمام المسلم، وفتح له أبواب الحلال، ودعا الناس إلى أن يتزوجوا ويزوجوا: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) “سورة النور، الآية 32”. كما وجهنا الإسلام إلى عدم الإسراف في الحلال ولا نملأ بطوننا بالأطعمة التي تفسد الصحة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: “ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلاً، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه” (أخرجه الترمذي)، فالهدي الإسلامي في حفظ الصحة يرشدنا إلى عدم الإسراف في أكل ما أحل الله، وهذا نجده في قوله تعالى: (... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) “سورة الأعراف، الآية 31”. كما حافظ الإسلامُ على الصحةِ الاجتماعية، ودعا المسلمين أن يأخذوا زينتَهم عند كل مسجد، لقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ...) “سورة الأعراف، الآية 31”. آنية الطعام والشراب كما حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ترك آنية الطعام والشراب مكشوفة عرضة للهواء، والحشرات الناقلة للأمراض، فقال - عليه الصلاة والسلام -: “غطوا الإناء وأَوكوا السقاء” (أخرجه مسلم)، ونهى - صلى الله عليه وسلم - أن يتنفس الشاربُ في الماء بقوله: “إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء” (أخرجه البخاري)، لأن هواء الزفير يلوثه ويفسده، وَسَنَّ للشارب أن يشرب على ثلاث دفعات، يتنفس في نهاية كل منها خارجَ الإناء. نسأل الله تعالى أن يمتعنا جميعاً بالصحة والعافية وأن يقينا شر الأمراض، لأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، يقول الله تعالى: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) “سورة القصص، الآية 26”. الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©