الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«فولكس فاجن» الألمانية تتجاوز السرعة على طريق الصعود

«فولكس فاجن» الألمانية تتجاوز السرعة على طريق الصعود
15 يوليو 2012
كانت الأمور في شركة «فولكس فاجن»، عند مجيء مديرها التنفيذي فيردناند بييش في 1993، تبدو سيئة للغاية بفائض في الإنفاق والعمالة وعدم كفاءة في الأداء، بالإضافة إلى فقدان سمعة الجودة. لكن تغيرت الأشياء تماماً بوصول أرباحها خلال العام الماضي إلى 18,9 مليار يورو (23,8 مليار دولار). وبينما تحاول شركات أوروبية أخرى لصناعة السيارات إغلاق مصانعها وخفض عدد العاملين فيها، تسيطر «فولكس فاجن» على الحصة السوقية في أوروبا وتحقق نمواً كبيراً في الصين وتمهد للعودة لأسواق أميركا. كما تخطط الشركة بقوتها العاملة العالمية التي تتجاوز 500 ألف عامل، لإنفاق نحو 76 مليار يورو على موديلات ومصانع جديدة بحلول 2016. ووافقت «فولكس» مؤخراً على شراء 50,1% من حصة «بورش» مقابل 4,46 مليار يورو. وتعمل كذلك على شراء «دوكاتي» المتخصصة في صناعة الدراجات النارية الفاخرة، في وقت تدمج فيه «سكانيا» مع «مان» للشاحنات في قسم واحد للمركبات التجارية. لكن لا تزال الشركة متعطشة للمزيد من النشاطات والتوسعات حيث رغبت في ضم «ألفا روميو» قسم السيارات الراقية في شركة «فيات»، بالإضافة إلى شائعة سعيها لضم «نافيستار» الأميركية لصناعة الشاحنات. هدف الـ11 مليون سيارة وفي حين يواجه فيردناند، انتقادات أن الشركة أصبحت كبيرة للحد الذي يصعب فيه إدارتها، كانت خططه ترمي بتحويلها لأكبر شركة في العالم من حيث السعة الإنتاجية بحلول 2018. ومع ذلك، وفي السنة الماضية عندما عانت «تويوتا» من تداعيات الزلزال في اليابان والصعوبات التي عاشتها «جنرال موتورز» جراء أزمة الديون الأوروبية، حققت «فولكس» هدفها قبل 7 سنوات من مواعيده. وشمل إجمالي السيارات التي صنعتها الشركة في العام الماضي 8,5 مليون وحدة كل الفئات تقريباً، ففي الموديلات الشعبية «فولكس فاجن» و«سكودا» و«سيت»، وفي الراقية «أودي» والرياضية «بورش» و«بوجاتي» و«لمبرجيني» وفي الفاخرة «بنتلي»، بالإضافة إلى العديد من السيارات التجارية. وتعمل هذه الموديلات بجميع الإسطوانات باستثناء «سيت». وتتوقع مؤسسة «آي أتش أس للمركبات»، تحقيق «فولكس» لهدفها ببلوغ مبيعاتها نحو 11 مليون سيارة بحلول 2018. وترغم حدة المنافسة والضغوطات التنظيمية بإنتاج سيارات صديقة للبيئة، شركات صناعة السيارات الأخرى على البحث عن الاندماج وتكوين الشراكات. وتتعاون كل من «تويوتا» و«بي أم دبليو» للعمل سوياً في تبني تقنيات تقلل من الانبعاثات الكربونية. وفي غضون ذلك، تنضم «أوبل» فرع «جنرال موتورز» في أوروبا، لشركة «بيجو – سيتروين»، بغرض صناعة موديلات صغيرة. وتسعى «ديملر» لاتحاد ثلاثي مع «رينو – نيسان»، في وقت اقترح فيه سيرجيو مارشيلوني، مدير «فيات» و«كرايسلر»، دمج عدد من شركات صناعة السيارات الأوروبية مع بعضها البعض من أجل خلق «فولكس فاجن» أخرى. ونجحت «فولكس» بصورة أفضل من منافساتها الأخريات في خفض عدد المنصات العامة التي تعتمد عليها صناعة سياراتها، مما ساعدها على إنتاج تشكيلة من الموديلات الجاذبة واستحداث الأساليب الراقية في نفس الوقت الذي تعمل فيه على خفض تكلفة التصنيع. وطرحت الشركة هذا العام منصة زاخرة بالتنوع أطلقت عليها اسم «أم كيو بي» لتعزيز موديلات «جولف» و«أودي3» و«سكودا» و«سيت ليون» بكل ما تحمله من تنوع. ويعني حجم «فولكس فاجن» الضخم، عدم حاجتها للاندماج مع شركة منافسة أخرى. وما يؤكد ذلك، فشل الحصة التي استحوذت عليها في «سوزوكي» اليابانية بنحو 19,9% التي ذهبت الأخيرة للمحكمة لفضها بحجة أن الأولى تعاملها كفرع وليس كشريك. وكانت «فولكس» تأمل بهذه الشراكة صناعة سيارات رخيصة للأسواق الناشئة خاصة الهند، حيث يترتب عليها الآن القيام بذلك بمفردها وبتكلفة ربما تكون عالية. وفي البلدان البالغ عددها 26 تملك فيها «فولكس» مصانع، مكثت الشركة زمناً طويلاً للحد الذي أصبحت تعتبر فيه كشركة محلية، مما ساعدها على التخلص من قيود الحمائية. كما ساعد حمل الأسهم الرئيسية من قبل الأسرة المؤسسة للشركة واقتصار هذه الأسهم على ولاية لاور ساكسوني حيث المقر الرئيسي، مقاومة الشركة للضغوطات قصيرة الأجل والخروج من أي سوق تواجه فيها الصعوبات، مما حدا بالمنافسين حسدها على الاستقرار الذي تعيشه جراء ذلك. القدرة على التكيف وفي مقدور الشركة تكييف نفسها لمواجهة الانهيار الذي تعانيه سوق السيارات في أوروبا، حيث يترتب على الباقين تسريح عدد كبير من العاملين وربما في حالة «جنرال موتورز»، التي خسرت نحو 16 مليار دولار منذ 1999 و«فورد» التي تتعرض لخسائر ثقيلة هناك، مغادرة القارة تماماً. وفي حين تشكل الصين أكبر سوق للسيارات في العالم، تملك «فولكس فاجن» 18% منها من خلال شراكتين تقومان ببيع نحو 2 مليون سيارة سنوياً، مع التخطيط لمضاعفة ذلك العدد بحلول 2018. ويُذكر أن تخمة السيارات الرخيصة في الصين تؤثر سلباً على الأسعار، إلا أن موديلات «فولكس» الراقية تؤدي بقوة هناك، حيث ارتفع نصيب الشركة من أرباح الشراكة الصينية من 1,9 مليار يورو في 2010، إلى 2,6 مليار يورو في العام الماضي. وحافظت الشركة على حصتها في سوق البرازيل البالغة 22%، في وقت تتوسع فيه بوتيرة متسارعة في روسيا بحصة قدرها 9%. وتُعد الهند من بين أضعف أسواق الشركة في دول منطقة «البريك»، حيث لا تتعدى حصتها سوى 5% فقط. وربما تكون «سوزوكي» من خلال شريكتها «ماروتي» التي تملك حصة قدرها 50% من سوق الهند، الشريك الأفضل الذي يناسب «فولكس». وبعد فشل موديلات «بيتل» للسيارات الصغيرة الرخيصة والرائدة في أميركا في سبعينيات القرن الماضي، أغلقت الشركة مصنعها في بنسلفانيا في 1988 بعد ضعف المبيعات والتعرض لخسائر كبيرة. والآن وبفتح مصنع جديد في ولاية تينسي وبالطرح الناجح لموديل «جيتا» الجديد، عادت «فولكس فاجن» لأميركا مرة أخرى. وارتفعت مبيعات الشركة هناك بنسبة 23% في العام الماضي إلى 444,000 ألفا مع التخطيط لبيع مليون سيارة بحلول 2018، الهدف الذي يبدو تحقيقه ممكناً. ومع ذلك، يظل تصنيف الشركة في أميركا من حيث الجودة دون الوسط. نجاح الإدارة الاستراتيجية ومثل نظيرتها الألمانية «بي أم دبليو»، حققت «فولكس» النجاح نظراً لما تملكه من طاقم إدارة مؤهل المكون من الرئيس فيردناند، الذي يتمتع بصبر شديد لتنفيذ البرامج الهندسية ومديرها التنفيذي مارتن وينتركورن، الاستراتيجي المعروف بسرعة تنفيذ المهام وكذلك هانز ديتر، المدير المالي الذي ساعد كثيراً في ضبط التكاليف. ويتمتع مدراء الشركة الآخرون بسلطة استقلالية كبيرة ما لم يقدموا على ما يغضب رئيسها. وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققته الشركة، إلا أنها لا تلقى نفس الثناء الذي تمتع به خط إنتاج «تويوتا». وتجاهلت «فولكس» هاجس «تويوتا» المتعلق بخط الإنتاج وركزت بدلاً عن ذلك على خفض التكاليف من خلال مشاركة قطع الغيار بين الموديلات. ونجحت في المحافظة على ثقافة ابتكار ثابتة والدخول في العمليات المحفوفة بالمخاطر والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة. ومع ذلك، ربما تحدث بعض الأخطاء. احتلت «تويوتا» الصدارة على حساب «جنرال موتورز» في 2008، لتتعثر بعد ذلك بعد سعيها وراء الكم وتجاهلها للكيف. ويمكن أن ينتج عن مشاركة «فولكس» لقطع الغيار بعض المخاطر في حالة اكتشاف عدم جودة أي منها. كما يشكل التوسع الشديد والافتقار للتركيز، مخاطر أخرى. وبلغت خسائر موديل «سيت» مثلاً في السنة الماضية نحو 225 مليون يورو، وذلك نتيجة الخلط بين الموديل الرياضي والعائلي. وتمخض عن موجة النمو التي تزامنت مع فترة فيردناند، كمدير تنفيذي للشركة، إنتاج عدد من الموديلات المنافسة، في حين أغفلت الشركة التوجهات الجديدة السائدة مثل السيارات المدمجة متعددة الأغراض مثل موديل «سينيك» من «رينو». وتنافس الآن موديلات «سكودا» و»فولكس فاجن» الأكثر سعراً مع موديلات «أودي» الأقل سعراً. وربما تعتمد «فولكس» على ولاء العملاء للعلامة التجارية الشيء الذي اثبت جدواه حتى الآن، لكن لا أحد يعلم إمكانية استمرار ذلك. ويعتبر حجم «فولكس» في الصين كبيرا جداً للحد الذي يمكن أن تتأثر معه بتراجع النمو هناك، وكذلك الحال في البرازيل التي تهيمن الشركات الصينية على حصة كبيرة من سوقها. وتشكل «هيونداي – كيا» منافساً حقيقياً للشركة بزيادة حصتها السوقية واستمرارها في إنتاج سيارات صغيرة عالية الجودة مكنتها من الهيمنة على ما يقارب نصف السوق المحلية في كوريا الجنوبية، كما تفوق حصتها «فولكس» في الأسواق الأميركية بنحو 9%، بالإضافة إلى طرقها بشدة لأبواب أوروبا والأسواق الناشئة. وفي حالة انهيار عملة اليورو، يتم تقييم تكلفة مصانع الشركة في ألمانيا بالمارك الأعلى في سعره. وربما يكون قصر أسهمها على لاور ساكسوني، الاحتكار الذي تحاول المفوضية الأوروبية كسره، عبئاً على الشركة في حالة قيامها بخفض سريع للتكاليف للمحافظة على الأرباح. كما يمثل إحلال الإدارة المكونة من كبار السن الذين تقارب أعمار معظمهم المعاش بآخرين صغار، الكثير من القلق. ومع ذلك، تعتبر هذه المشاكل افتراضية، في وقت تبذل فيه «فولكس فاجن» جهدا مقدرا للهيمنة على السوق العالمية. نقلاً عن: «ذي إيكونوميست» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©