الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تدهور البورصة يبدد آمال التعافي السريع للاقتصاد المصري

تدهور البورصة يبدد آمال التعافي السريع للاقتصاد المصري
15 يوليو 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - جاءت تقلبات البورصة المصرية بين صعود قوي وهبوط حاد، على خلفية تطورات الأوضاع السياسية بالبلاد، لتمثل تهديداً مباشراً لحالة “التماسك الهش” التي أبداها الاقتصاد المصري على مدار الفترة الماضية، وساعدت على تحسن نسبي في أداء الشركات ومؤسسات الأعمال بصفة عامة. هذا التماسك الذي لعبت فيه إجراءات داعمة اتخذتها الحكومة على صعيد الإنفاق العام وتعظيم الموارد ووقف الهدر ومحاصرة الفساد الإداري إلى حد ما وخفض دعم الصناعة وغيرها كان قد بدأ يلقي بآثار إيجابية على السوق، وهي آثار تمثلت في التوافر النسبي للسيولة وبدء استكمال مشروعات متوقعة والإعلان عن تحالفات واتفاقيات بين مجموعات استثمارية كبرى وحماس البنوك لضخ ائتمان جديد للقطاع الخاص وثبات نسبي في سعر صرف العملات الأجنبية المتداولة في السوق المصرية وفي مقدمتها الدولار مما دفع مؤسسات دولية إلى إصدار توقعات متفائلة بشأن مستقبل الاقتصاد المصري في الربع الأخير من هذا العام. ومع التطورات السياسية الأخيرة بعد تسليم السلطة لرئيس منتخب، بدأت البورصة المصرية تجني ثمار هذا التماسك في الأوضاع الاقتصادية العامة والأجواء السياسية المواتية وسجلت صعوداً قوياً خلال الأيام الماضية قفز بالمؤشر العام ليقترب من حاجز خمسة آلاف نقطة وحصدت السوق أرباحاً تجاوزت 39 مليار جنيه وعزز من هذا الصعود دخول صناديق استثمار أجنبية ـ إقليمية على وجه الخصوص ـ مشترية بقوة في السوق على خلفية حالة التفاؤل التي سادت دوائر الأعمال عقب تسليم السلطة مما أعطى رسالة إيجابية للمستثمرين المحليين وصاحب ذلك صدور التقرير نصف السنوي الذي يرصد أداء السوق والذي كشف عن حقيقة جوهرية تتمثل في أن البورصة المصرية استردت 30% من قيمتها السوقية خلال النصف الأول من 2012 مقابل فقدان السوق لنصف قيمتها على مدار 2011، أي أن المحصلة النهائية أن السوق تكاد تقترب من استرداد أوضاعها الطبيعية التي كانت سائدة قبل الثورة وبما يعني أن المستثمرين سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات الذين صمدوا في السوق خلال تلك الفترة يمكن أن يستردوا استثماراتهم من دون خسائر رغم التدهور الشديد للبورصة والتقلبات الحادة على مدار الشهور الثمانية عشر الماضية. أزمة البرلمان هذه الحالة من التفاؤل التي صاحبت الأداء القوي للسوق سرعان ما تعرضت لاختبار قاس فور صدور قرار عودة البرلمان الذي اصدره الرئيس محمد مرسي، حيث جاء تصويت السوق سلباً على القرار وفقدت الأسهم المتداولة في بورصة القاهرة 13 مليار جنيه خلال جلسة تداول واحدة ـ هي جلسة الاثنين 9 يوليو ـ تمثل 4% من إجمالي رأس المال السوقي للأسهم المتداولة الأمر الذي أعاد السوق إلى حالة التراجع السابقة، وهو تراجع مرشح للاستمرار خلال الفترة المقبلة على ضوء استمرار التجاذبات السياسية بشأن قرار عودة البرلمان. وزادت الأوضاع سوءاً في البورصة بصدور تقرير هيئة مفوضي الدولة بشأن بطلان العقد الجديد لأرض مشروع “مدينتي” العائد لمجموعة طلعت مصطفى الاستثمارية، وهو التقرير الذي ألقى بآثار سلبية على أسهم القطاع العقاري بصفة عامة، وهي أسهم ذات وزن نسبي كبير على السوق وحركة المؤشر العام. هذه الأوضاع جددت مخاوف المستثمرين في البورصة المصرية من إمكانية نشوب صراع سياسي جديد لا سيما أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها إدارة البورصة خلال الأزمة الراهنة زادت مخاوف المستثمرين وفي مقدمة هذه الإجراءات وقف التداول على أسهم أكثر من 100 شركة كانت أسعارها قد تجاوزت النسبة المقررة هبوطا، وهي نسبة 5%. وسادت أجواء متشائمة بين صناع السوق خاصة صناديق الاستثمار التابعة للبنوك المحلية ويزيد عددها على 40 صندوقاً بدأت بناء وتنفيذ استراتيجية بيعية سوف تعمق من جراح السوق وتزيد تراجعها في الفترة المقبلة. ويرى خبراء السوق أن تقلبات البورصة في هذه الفترة كان يمكن التعامل معها على أنها ظاهرة مؤقتة وخسائر دفترية، إلا أن حدوث هذه التقلبات في هذا التوقيت يمثل خطراً شديداً علي أوضاع الاقتصاد الكلي الذي كان سيبدأ رحلة تعاف على ضوء الإجراءات الحكومية الأخيرة، حيث إن تدهور البورصة المفاجئ والسريع بعد رحلة صعود قوية ومؤقتة بعث برسالة سلبية إلى العالم الخارجي الذي كان قد بدأ يعيد حساباته تجاه السوق المصرية. ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن الإعلان عن تحالفات استثمارية كبيرة في الفترة الأخيرة والمصداقية التي حظيت بها إجراءات حكومة الجنزوري الهادفة لضبط إيقاع الأداء المالي للدولة كانا يمثلان قاعدة ارتكاز حقيقية لتوفير أجواء مناسبة للنمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة، وهو ما بدأت بشائره في الظهور بالفعل، إلا أن التقلبات في أوضاع البورصة خلال الأيام الأخيرة وضعت هذا التماسك على المحك ويهدد بعودة الأوضاع إلى المربع الأول، وهو ما يمثل خطراً على أداء الاقتصاد. إهدار الفرص وأكد الخبراء أن ما يزيد الأمر سوءاً عودة ظاهرة الاعتصامات والاحتجاجات الفئوية خاصة أمام المقر الرئاسي في الأيام الماضية، وذلك يثير حالة من الارتباك سواء لدى الجهاز الإداري للدولة أو لبعض دوائر الأعمال من القطاع الخاص لاسيما أن جانباً من هذه الاعتصامات والاحتجاجات يقوم بها عمال شركات خاصة مثل مجموعة “سيرميكا كليوباترا” لرجل الأعمال محمد أبوالعينين وغيرها ومن ثم فإن الآثار السلبية لهذه الاعتصامات سوف تلحق بالعديد من الأطراف الفاعلة على الخريطة الاقتصادية وتعيد بعث رسائل سلبية للخارج عن حالة الاستقرار السياسي والأمني وتماسك الأوضاع الاقتصادية. ويقول عوني عبدالعزيز، رئيس شعبة الأوراق المالية في اتحاد الغرف التجارية المصرية والخبير في البورصة، إنه رغم النظرة المتفائلة على المدى الطويل للاقتصاد المصري، فإن ما يحدث في البورصة من وقت لآخر يؤثر سلباً على الأوضاع الراهنة لهذا الاقتصاد ويزيد فاتورة الخسائر الكلية”. أما باسل رحمي، رئيس قطاع التجزئة المصرفية في بنك الإسكندرية سان باولو، فيؤكد أن الاقتصاد المصري كان قد دخل بداية التماسك على خلفية الإجراءات الحكومية سواء الخاصة بضغط الإنفاق الحكومي أو بالتوسع في الاستثمارات العامة، وبالتالي كانت المؤسسات المالية قد بدأت التخطيط للاستفادة من هذه الأوضاع المواتية لتعويض المرحلة الماضية، إلا أن التطورات الأخيرة والتصويت السلبي للبورصة تجاه هذه التطورات ربما يحولان دون العودة السريعة للنمو في المرحلة القادمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©