الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

صناعة الخوص و العتاد من سعف النخيل تقليد وطني لا يموت

صناعة الخوص و العتاد من سعف النخيل تقليد وطني لا يموت
21 فبراير 2009 03:30
تفترش السيدة العمل سعيد المزروعي الأرض منهمكة في لي سعف النخيل وتطويعه، لتبدع ''خوصاً'' تزدان به المنازل، و''عتاداً'' تختال به النوق والجمال· وتوصل السيدة المواطنة الليل بالنهار لخلق سلال وقبعات وحقائب و''خرافة'' و''سفرة'' تصطف على رفوف الغرفة التي تتخذها مصنعاً لتلك الإبداعات، وكل هذا في سبيل تأمين قوتها وقوت أبناء ابنتها الوحيدة التي توفيت إثر إصابتها بمرض عضال، فلا معيل لها بعد الله سوى سعفات النخيل· لا تعرف كم عمرها· ''فأهلي لم يسجلوني لأعرف كم أبلغ من العمر''، تقول العمل بينما تظهر ضحكتها من تحت البرقع الذي تضعه على وجهها· ومنذ كانت طفلة، امتهنت تصنيع ''الخوص'' وبيعه، سائرة على درب الأجداد في استغلال سعف النخيل، لإنتاج ما تحتاجه المرأة والمنزل الإماراتي· وتعد هذه الصناعة من الصناعات التقليدية التي تنتشر في الإمارات، خصوصاً في المناطق التي توجد بها أشجار النخيل، وشكّل ''الخوص'' في الماضي حجر أساس في حياة الإماراتيين· وتقصد العمل التي تقطن في منطقة ليوا بالمنطقة الغربية مزرعة النخيل، لتقطع سعفات النخيل الخضراء بالداس والسكين لصناعتها· تجمعه وتبقيه في الشمس أياماً حتى يجف ويتيبس· و''الخوص'' نوعان: الأول هو لبة الخوص وتتميز بنصاعة بياضها وصغر حجمها وسهولة تشكيلها وتستخدم لنوعية معينة من الإنتاج· أما النوع الثاني فهو من بقية أوراق النخيل العادية، وهي أكثر خشونة وطولاً· عندما يتحول لونه إلى الأصفر، تجلب العمل إبرة صغيرة وتبدأ بـ''شرخه''، أي تقطيعه بالمقاس الذي تحتاجه للصناعة، وتباشر بعدها بـ''السف'' أي ربط السعفة الواحدة بالأخرى، ''وإذا كانت يابسة كثيراً أبللها بالقليل من الماء''، وصولاً إلى الحجم الذي تريده· وتتناثر في ''مصنع'' العمل الصغير أصباغ خضراء وبنفسجية وغيرها، تجلبها العمل من محال العطارة، لاستخدامها في تزيين الخوص وصبغه· وليست الحاجة فقط ما يدفع العمل إلى امتهان هذه المهنة، فحب هذه الصناعة وسهولتها هما الدافع الأكبر· ''فقد تعودت عليها، وأصبحت أقدر تماماً ما يحتاجه كل منتج من عدد السعف والوقت· فبعضها يحتاج يومين وآخر يحتاج أسبوعاً''· وتقاطعها صديقتها أم شهاب التي تساعدها في عملها، باستذكار هبات النخيل وكرمه· ''فهو يعطينا الثمر اللذيذ ونصنع منه كل ما كنا نحتاجه من أغراض وأدوات منزلية وغيرها''، تقول أم شهاب بينما تحمل الخوص الأخضر وتبدأ بشبك السعف التي تسفها العمل وتحولها إلى حقيبة يد للسيدات· وبأيدي العمل، تتحول سعفات النخيل المهملة إلى ''السلال'' و''المجبة'' أو ''المكبة'' المثلثة التي تستخدم لتغطية الطعام، و''الهفة'' أي المروحة، و''المشب'' المستخدم لشب النار، و''الجراب'' و''الضميدة'' لحفظ التمر، و''الميزان''، و''المخرفة'' أي السلة التي يعلقها الرجل برقبته وهو يجمع التمر، ''المنز'' أي سرير الطفل الصغير، إضافة إلى ''السرود'' الذي كان يستخدم في السابق كمائدة طعام· منتجات العمل وجدت طريقها إلى المعارض، ليتحقق هدفان: تأمين قوت العمل ومن تعيلهم، والحفاظ على تراث الأجداد وإبعاد شبح النسيان عنه·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©