الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطلاب العراقيون.. تأملات حول المستقبل

الطلاب العراقيون.. تأملات حول المستقبل
6 أغسطس 2014 22:08
مع تواصل الصراع في غزة، بدأت أخبار العراق في التلاشي من العناوين الرئيسية، حتى على الرغم من تمزق أوصال البلاد. لذا فقد كان من المثير للاهتمام الالتقاء مع مجموعة رائعة من طلاب الجامعات العراقيين بجامعة «تمبل» بولاية بنسلفانيا ضمن أحد برامج وزارة الخارجية للتبادل، والذي يطلعهم على التعددية الدينية في الولايات المتحدة. وغني عن القول إنني كنت أتساءل ما إذا كان بإمكان هؤلاء الطلاب تطبيق هذه الدروس في العراق. فهذا البرنامج الرائع الذي يديره معهد «تمبل» للحوار على مدار خمسة أسابيع يعرض هؤلاء الطلاب الخمسة – إلى جانب أقرانهم من لبنان وتركيا ومصر - لمجموعة متنوعة من الديانات وكذلك أشكال الحماية الأميركية للحرية الدينية. وهناك شيء مؤثر على وجه الخصوص إزاء الشباب المسلم العراقي الذين يحضرون طقوساً بروتستانتية وكاثوليكية وهندوسية وبوذية ويهودية ويحتفلون بنهاية شهر رمضان في الولايات المتحدة، بينما تحتدم الحرب في وطنهم بين المسلمين والمسيحيين الناجين بحياتهم. وقد ناقش الطلاب ما إذا كان العراق بإمكانه التوحد، ولكن مع استثناء واحد، فقد كانوا يفضلون دولة موحدة بهيكل فيدرالي. وعلى الرغم من قلقهم، فإن المناقشة عرضت أدلة رائعة حول كيف أن العراق لا يزال موحداً. تقول «إسراء»، وهي طالبة شيعية تدرس الرياضيات بجامعة بغداد (بينما تتخصص معظم الطالبات العراقيات في دراسة العلوم)، «جئت إلى هنا لتعلم المزيد عن الثقافات الأخرى». وهي ترتدي، برغبتها، التنانير الطويلة تحت سترة أنيقة، وتخطط للعمل في مجال الهندسة المعمارية. لكن «إسراء» شكت أنها إذا ما أرادت الحديث عن التسامح تجاه المسيحيين أو اليهود في بلادها، فإن الناس هناك «يفكرون أن الديانات الأخرى ستذهب إلى الجحيم». وقالت الطالبة العراقية أثناء تناولها أطباق الحمص و«التبولة» في شقتي إن «الطريقة التي يحب بها الأميركيون بعضهم بعضاً رائعة، لكننا العراقيون لا نستطيع العيش سوياً. إن هذا مستحيل، لقد فقدت الأمل». أما «حيدر» وهو طالب بكلية الطب في مدينة «كركوك» المختلطة عرقياً، والذي ينتمي لأسرة ذات جذور شيعية تركمانية وسُنية كردية، فقد شعر أيضاً بالإحباط بسبب حدود التسامح العراقي: «بإمكاني قول وفعل ما يحلو لي هنا، ولكنني إذا عبرت عن أفكاري في العراق فسوف أقتل». وليس من المستغرب أن الأكراد كانوا أكثر تفاؤلاً إزاء مستقبلهم. يقول «عياض» الذي يدرس إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية بالسليمانية بالعراق، وهي جامعة خاصة تتبع النموذج الأميركي، أن «الأمر مختلف تماماً في كردستان». وفي الواقع، فإن الجامعة الإقليمية الكردية قد رحبت، ليس فقط بحوالي مائتي ألف لاجئ من سوريا المجاورة، ولكن أيضاً بمئات الآلاف من العراقيين السُنة والمسيحيين وغيرهم ممن فروا من الفوضى التي تعم منطقة الموصل، حيث أعلن الإسلاميون من السُنة المتطرفين الخلافة الإسلامية. وعلى الرغم من أن الأكراد لديهم خلافاتهم الداخلية، فإن شعورهم القوي بالانتماء العرقي يفوق أية اعتبارات أخرى خاصة بالديانة. وهذا التضامن يجعلهم أيضاً أقل عرضة للضغوط من الدول المجاورة للعراق، وعلى وجه الخصوص الشيعة في إيران والسنة في المملكة العربية السعودية، خاصة وأن تحليلات تميل إلى تفسير ما يجري في العراق بحرب بالوكالة من خلال دعم خارجي للطوائف المختلفة. ويعتقد «عياض» أنه ينبغي على الأكراد ممارسة الضغوط من أجل الحصول على الاستقلال. أما الباقون، ومن بينهم مواطنه الكردي «شادي»، وهو طالب بكلية الطب من أربيل، فيقولون إنه كان من المفضل بالنسبة للعراق أن يظل موحداً كدولة فيدرالية مع المناطق الشيعية والسُنية والكردية، وتظل بغداد كمنطقة خاصة. وتوافق «شهد»، وهي طالبة شيعية من بغداد تدرس المحاسبة، على هذه الفكرة على مضض قائلة: «هذه هي الوسيلة الوحيدة لوقف عمليات القتل». ويقدم الدستور العراقي وسيلة لتحقيق مثل هذا الهيكل الفيدرالي، لكن ساسته لم يكونوا أبداً قادرين على تفعيله بطريقة سلمية، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان بإمكان الحكم الذاتي الإقليمي وقف العنف. وعلى النقيض، فإن رئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي، قد جعل السلطة تتمركز في أيديه». لذلك، فقد كان من الشيق بوجه خاص الانصات إلى طالب من مدينة «كركوك» المتنازع عليها وهو يتحدث عن حاكم المدينة الإقليمي نجم الدين كريم . فهذا الطبيب الكردي الذي تحول إلى رجل سياسة تمكن من مصالحة خليط عرقي من الأكراد والتركمان في المدينة، جنباً إلى جنب مع العرب الشيعة والسُنة الذين كانوا في خلاف. يقول «حيدر»: «عندما تولى نجم الدين، قام بالعديد من التغييرات وقدم الخدمات لجميع الناس. لقد دعا الزعماء السياسيين من جميع الفصائل وتمكن من بناء الثقة». وقد بدا ذلك وكأنه الدرس المستفاد من هذه الجلسة من النقاش: فالقيادة الجيدة -والتي وافق جميع الطلاب على أنها غير موجودة في بغداد- يمكنها التوفيق بين الخلافات. وحتى إذا تم استبدال «المالكي» المثير للخلافات في المداولات البرلمانية التي من المفترض أن تقوم باختيار رئيس وزراء جديد في الأيام المقبلة، فهذا لم يحدث أي فارق إذا لم يتمكن القائد الجديد من الوصول لجميع الأعراق والطوائف. وفي الواقع، فقد تجادل الطلاب حول ما إذا كان من الممكن توحيد الدولة فقط من خلال «ديكتاتور جيد»، وهو النموذج الذي يأمل طالبان منهم في الحصول عليه، بينما سخر الآخرون من أن مثل هذا الكائن غير موجود. ولكن ظهرت نقطة واحدة أكثر أهمية، الفرق بين جيل أصغر من العراقيين المتعلمين وآبائهم. فهؤلاء الطلاب، الذين يوافقون على حاجة العراق الماسة إلى ثقافة أكثر تسامحاً، يأملون في البقاء على اتصال مع بعضهم بعضاً ومع خريجي البرنامج السابقين حتى يتسنى لهم تبادل الأفكار الجديدة حول العراق. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©