الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

اعتقال عزيز الدويك.. والعربدة الإسرائيلية لإسقاط الاعتدال السياسي

9 أغسطس 2006 01:23
أحمد خضر: لم تكن هناك حاجة لاثنتي عشرة آلية عسكرية من أجل إلقاء القبض على الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني من قبل القوات الإسرائيلية ، فالرجل لا يمتلك في بيته بندقية صيد ، وهو أحد الأشخاص الذين خاضوا غمار الانتخابات التي فازت بها حماس ، ومنذ ذلك الوقت ، بل ومنذ العام 1994 حين عاد ياسر عرفات من تونس على إثر اتفاقية أوسلو عام 1993 ، اعتقد الفلسطينيون الذين ذوقتهم إسرائيل طعم السلطة خلال المرحلة الانتقالية التي كان من المفترض أن تستمر خمس سنوات ، لكنها ما زالت مستمرة حتى اليوم أنهم يبنون دولة فلسطينية ،والتي قال عنها نتنياهو : إن من حق الفلسطينيين أن يحلموا كل ليلة بدولة فلسطينية، وحين يستيقظون لا يجدونها في الصباح ·· لكن ما الذي يدفع الإسرائيليون إلى اعتقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ؟ إن المجلس التشريعي هو رمز للشرعية الفلسطينية ، ولكنه في ظل الاحتلال هو مجلس مسلوب الصلاحيات ، وكل أعضاء هذا المجلس والوزراء في الحكومة الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية ، والشعب الفلسطيني برمته تحت الاحتلال ، لذا تنطبق عليهم جميعاً القوانين الاحتلالية التي تجيز لإسرائيل فعل أي شيء على الأرض دون أن يتحقق للفلسطينيين أية إنجازات تذكر، وليس اتفاقات جنيف الرابعة وكافة الاتفاقات الدولية التي تضرب بها إسرائيل عرض الحائط ·· ألم تعتقل إسرائيل الرئيس عرفات ثلاث سنوات في مبنى المقاطعة ؟ قيل وقتها إن ذلك كان بسبب رفض التنازل من قبل أبو عمار في كامب ديفيد، وأنه تمترس وراء القدس، حيث قال له كلينتون: أحترم صمودك، لقد أخطأنا تقديرك· ألم تحاول إسرائيل احتجاز الرئيس أبومازن في قطاع غزة بعد عملية الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد رغم أنه يحاول الوصول إلى حل سلمي لهذه القضية؟ وكم من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني رهن الاعتقال ؟ صور في المجلس لقد تحولت مقاعد المجلس إلى مجموعة من الصور، فكل من يعتقل توضع صورته على مقعده ابتداء من مروان البرغوثي وحسام خضر، والآن جاء دور رئيس المجلس نفسه المعروف بالمصداقية والاتزان، فيما لا نسمع مناقشة قضايا جوهرية مثل ردع الاستيطان وتوفير الأمن الفلسطيني والمطالبة بانتهاء الاحتلال الرابض فوق الأرض منذ قرابة الأربعين عاماً والحصار الدولي المضروب على الفلسطينيين والجرائم الصهيونية بحق الأبرياء من الأطفال والنساء· ·· إنها مسيرة بلا سلام، وكل ما جرى منذ بدأت هذه المسيرة ما هو إلا ذر للرماد في العيون ومحاولة إعطاء الفتات للفلسطينيين دولة من نسج الخيال، وكيان مزعوم وشبح بلا جسد وسلطة ضعيفة، والأكثر من ذلك مؤامرات صهيونية مستميتة لتفجير الساحة الفلسطينية من الداخل، وترك الإسرائيليين يعيثون فساداً في الأرض، ونعني بذلك الاستيطان والقدس والجدار العازل، حيث يوظف الإسرائيليون ذلك للحصول على الأمن المجاني، وكل خلاف فلسطيني إضافة جديدة لإسقاط المطالب الفلسطينية العادلة بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، هذه الدولة التي رفضها باراك ـ الأكثر سخاء ـ لأن صواريخها برأيه ستكون قادرة على منع تحليق أي طائرة من المطارات الإسرائيلية· هل كل هذه الاعتقالات للوزراء ورئيس وأعضاء المجلس التشريعي ، والمذابح الإسرائيلية المروعة من أجل جندي واحد اسمه جلعاد ؟ ما هو التحدي الذي فرضه أسر هذا الجندي على المؤسسة الإسرائيلية حتى يجن جنونها لتجزر الفلسطينيين وتعتقل المسؤولين بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي اسمه ( حماس ) ؟ ·· إنها لعبة إسرائيلية مفضوحة لتقسيم الشعب الفلسطيني إلى إرهابي معارض لمسيرة السلام ، وآخر مؤيد لهذه المسيرة التي طال انتظارها دون أن يتحقق شيء ملموس ، وتوفير الجو المناسب لإسرائيل لتنفيذ مخططاتها التوسعية العدوانية · إن عملية الفرز للقوى السياسية الفاعلة في المجتمع الفلسطيني على هذا الأساس ، وحرمان الفلسطينيين من بناء المجتمع المدني المنتج والمتطور ، وتداول السلطة يعني القضاء على الروحية الوطنية لشعب يسعى لإنجاز حق تقرير المصير ، وبناء دولته الديمقراطية الحديثة · لقد امتلك الشعب الفلسطيني زمام المبادرة باختيار قياداته عبر التحول السياسي الديمقراطي ، لكن ثبت بالدليل القاطع أن كل شيء يتم بالموافقة الإسرائيلية ، وحين ترفض إسرائيل أو لا يعجبها حزب أو حركة أو شخص تقوم باعتقاله من داخل بيته كما حدث مع الدكتور عزيز الدويك وغيره من المسؤولين الفلسطينيين · ترى هل البرنامج السياسي لحركة فتح يعجب الإسرائيليين أكثر من البرنامج السياسي لحركة حماس ؟ نشك في ذلك كثيراً لأن رمز ( فتح ) ومؤسسها ياسر عرفات مات مسموماً على أيدي الإسرائيليين ··أم أن الشعارات والمبادئ العامة الحمساوية أكثر إلهاباً للمشاعر الوطنية من غيرها وحركة ( حماس ) التزمت ثمانية عشر شهراً بوقف إطلاق النار من جانب واحد ؟ قناعات واحدة إن الفلسطينيين رغم كل التباينات السياسية تتبلور قناعاتهم حول ضرورة قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة، رغم أنها لا تتناسب مع حجم تضحياتهم وطموحاتهم وحقوقهم التاريخية، لكن إسرائيل ترفض أن يعيش في أحشائها أربعة ملايين فلسطيني، وتسلم لهم الحكم في الضفة وغزة حسب المبائ الديمقراطية النزيهة الحرة في العالم ، كما أن الفلسفة الإسرائيلية تقوم على أنها صاحبة الأرض ، وعلى ضرب واحتواء القوى المعارضة والتي تنعت بالمتطرفة أو الإرهابية سواء كان هذا الإرهاب في المجال العسكري أو السياسي أو الفكري· لكن الأمور تخطت هذه المسألة بعد أن تعذر الوصول إلى اتفاق سلام مع المعتدلين الفلسطينيين في كامب ديفيد وشرم الشيخ وواي ريفر حيث لم يتنازل عرفات إلا عن حائط المبكى والحي اليهودي، إضافة إلى أن الجماهير الفلسطينية هي التي تطالب بالقدس ووقف الاستيطان ، وتهتف لقيام الدولة الفلسطينية ، هذه الجماهير والاتحادات الشعبية والمهنية والأذرع العسكرية للتنظيمات والأطفال والنساء وطلاب المدارس يناضلون منذ مئة عام، وكل هؤلاء يتحدثون بلغة واحدة، وهم الذين تخشاهم إسرائيل أكثر من العمليات الاستشهادية لأنهم سيغيرون الخريطة الديمغرافية في المستقبل القريب، لذا ترفض إسرائيل إعطاءهم الأمن والسلام والدولة المستقلة في الضفة والقطاع· كما أن عملية اعتقال الدكتور عزيز الدويك التي جاءت بعد القرار الإسرائيلي باعتقال رئيس وأعضاء حماس في المجلس التشريعي تأتي لتعطيل التقارب الفلسطيني ـ الفلسطيني ، والتوجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني ، حيث تخشى إسرائيل الوحدة الوطنية الفلسطينية والتي تعني إقصاء كافة الخلافات الجانبية ، والعمل معاً تحت مظلة الدفاع عن الأرض والتوجه لنيل الحقوق المغتصبة ، ما تفعله إسرائيل باعتقال الدويك وزملائه هو من أجل تخريب عملية التوافق بين القوى السياسية ، ووضع العراقيل أمام مسيرة السلام ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©