الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الإخوان» يسقطون ويتساقطون

17 يوليو 2013 22:27
ضرار بالهول الفلاسي مدير عام «برنامج وطني» ها هم “الإخوان” المتأسلمون يتجرعون من نفس الكأس المرة التي حاولوا أن يذيقوها لشعوبهم. وها هو رئيسهم الذي جاء نتيجة التهديد بحمامات دم ومجازر للأبرياء أجبرت المجلس العسكري السابق على إعلان فوزه، ها هو يدفع ثمن ما ارتكبت جماعته، طرداً جماعياً له ولأعضاء عصابته من كل شيء في مصر، حتى أحد المحافظين الذي عاد لعمله في القضاء بعد طرده، ها هو القضاء ينتفض ضده، ويلفظه خارجا! المسألة هنا لا تتعلق بالشماتة، ولكن بالقراءة الموضوعية لما يجري، لأنه عندما ينتفض 33 مليون مصري، ويخرجون إلى الشوارع والميادين ومن ضمنهم مئات الآلاف من الذين صوتوا لمحمد مرسي نفسه قبل سنة من 30 يونيو، فالأمر يستحق التوقف عنده ودراسته. عندما ينتفض 33 مليون مصري ويخرجون إلى الشوارع رافضين أخونة بلدهم وتفكيك دولتهم وبيع سيادتها بالقطعة وتمزيق لحمتهم الوطنية وتخريب علاقاتهم العربية، فهذا يعني وبوضوح أن المؤامرة “الإخوانية” على الدولة الوطنية العربية المعاصرة ونماذجها التنموية المختلفة سقطت قبل أن يسقط مرسي عن كرسي الرئاسة. فالقصة ليست قصة فرد لم يكن يملك من قراره شيئاً، وإنما قصة هيمنة عصبة ظلامية وبرنامج خفي على مقدرات بلد وطموحات شعب. ولا تبدأ هذه القصة عندما أصبح معروفا عن تسريب ملفات سيادية من قبل الرئيس السابق وبعض مستشاريه إلى جهات غير مصرية، كما لا تنتهي عند اشتراط مساعدة الرئيس السابق لدعم أحد المستثمرين المصريين في الخارج في مشروع تنموي، أن يتشارك مع “خيرت الشاطر” لا غيره! ومع ذلك، كله يأتي القرضاوي ليقول للناس في استخفاف عجيب: صبرتم على مبارك ثلاثين عاماً، أفلا تصبرون على مرسي ثلاث سنين؟ وينسى هذا أن الناس لو كانت قدمت كل هذه التضحيات لكي تعود إلى أساليب مبارك مغلفة بلحية وفتوى، لربما كان من الأفضل أن يجلسوا في بيوتهم لأنهم على الأقل كانوا يعرفون مبارك! لكن الأهم من السقوط هو التساقط، فها هو تأثير الدومينو يثبت فاعليته مع “الإخوان” أيضاً، لتبدأ عجلة السقوط المتتالي المتكرر، وواضح أن شعوب دول ما يسمى “الربيع العربي” أصبحت تدرك طبيعة المقلب الذي شربت منه حين سمحت لـ”الإخوان” باستغلال عواطفها الدينية والوطنية، وبعض الأمل الباهت الذي جاء على شكل انتخابات غير مكتملة الأركان، لا موضوعاً ولا توقيتاً ولا ظروفاً! لذلك يبدو طبيعيا اليوم أن نشاهد فكرة حركة “تمرد” تتوالد في أكثر من بلد عربي لتقول بصوت شعبي جميل: لا للإخوان، ولا لخداع الشعوب باسم الدين، ولا للمتاجرة السياسية بالدين والعواطف ولا لتخريب البلاد وإفساد العباد وإثارة الفتن واستباحة الدماء لا لشيء إلا ليتربع الإخوان على تلتها! وها هم المواطنون الغلابة في غزة وليبيا وتونس والمغرب وحتى اليمن والجزائر يوقعون على عرائض مليونية يكررون فيها تجربة 30 يونيو المصرية دفاعا عن بلدانهم أولاً، ودفاعا عن حقهم بأن يعيشوا في ظل دينهم الحنيف لا في ظل تفسير منحرف ومريض وقائم على الأهواء الحزبية لدين الله. لقد عاشت كل من غزة وليبيا وتونس والمغرب تحت حكم “الإخوان” وعانت الأمرين من ذلك، ولا يمكن إنكار حقيقة أنه في كل بلد من هذه البلدان أصبح المواطن العادي هو الأكثر معاناة خاصة مع النمو المتسارع في بيئات التطرف التي تجد في حكم الإخوان سمادا مثاليا مسرعا للنمو وتجد في فتاواهم الشاذة ومؤلفاتهم الفكرية الأساس السقيم الذي تبني عليه ضلالاتها الآثمة وأفكارها الخارجة على صحيح الدين وسليم العقل. لكن الأسوأ أن هذه الحكومات “الإخوانية” التي وصلت إلى الحكم تحت شعارات الإصلاح نقضت كل ما وعدت به قبل وصولها، بدءا من حكومة غزة التي كانت تعيب على سلطة “فتح” مسارها التفاوضي، فإذا مفاوضاتها أكثر تفريطاً، ووصولا إلى حكومة تونس التي ادعت قدرتها على تخليص التونسيين من بطالة بن علي فضاعفتها ومرورا بحكومة طرابلس التي وعدت بالأمن والأمان واختفاء الفوضى فلم تعد تسيطر حتى على وزارة الداخلية! يستوقفني هنا تحديدا ظهور فكرة تمرد في اليمن مع أن “الإخوان” لا يحكمون أهمية 30 يونيو أنه أيقظ الناس.. أيقظ عيون الناس على الذين يتاجرون بعواطفهم الدينية النبيلة وعلى الذين يستغلون محبتهم لأوطانهم في محاولة سرقة كل شيء. قد تكون الأنظمة التي أسقطوها كانت تسرق الأموال والوظائف، لكن هؤلاء جاؤوا إلى الحكم يسرقون الأحلام والعقول والمشاعر وحتى البراءة والصدق في التدين غير المتزلف، لذلك لن نستغرب أن يتوالى سقوط “الإخوان” حتى في الدول التي لم يصلوا فيها إلى الحكم كالأردن التي فشلوا فيها فشلا ذريعا على مدار السنوات الثلاث الماضية، وها هم اليوم يحاولون لملمة خيبتهم هل تعرفون بماذا؟ بالمطالبة بإنشاء “الجيش المصري الحر”! تخيلوا كم يعشق هؤلاء القوم دماء الأبرياء!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©