الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عادل عبدالرحمن: الفن الإسلامي تميز بالأصالة وتحقيق المواءمة التعبيرية

عادل عبدالرحمن: الفن الإسلامي تميز بالأصالة وتحقيق المواءمة التعبيرية
15 يوليو 2015 19:20
مجدي عثمان (القاهرة) الفنان التشكيلي عادل عبد الرحمن حينما يتحدث عن الخط العربي، يشعرك بأنه يتحدث عن صديق، يتعامل معه باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الطبيعة، أو كما يتصور أن الحرف العربي كائن حي، يحيا ويتنفس، مما دفعه في معرضه «حروف وألوان» أن يضعه في أطر وصياغات تشكيلية معاصرة، تختلف كلية عن طبيعة استخدام الحرف العربي في الفن الإسلامي، الذي يعتمد على كلمات أو جمل تحمل معاني وقيما معينة، مثل لفظ الجلالة أو أسماء الله الحسنى أو آيات القرآن الكريم، إلى جانب توظيف الكلمات في الفن الإسلامي داخل شبكات وأشكال هندسية معينة، واعتمادها أحيانا على فكرة الامتداد والتكرار اللامحدود لتغطية الفراغ في العمارة أو الفنون الأخرى. وفي حين تخلو لوحات معرضه من المعنى أو قراءة النص، وتتجه إلى أسلوب تكرار الحرف في نظم إيقاعية تحكمها عوامل الاتساق والنسبة والتناسب من خلال حسابات بصرية دقيقة، فقد اختار حرفي «خ، ط» للتعبير عن كلمة خط بشكل منفصل، وليلعب كل حرف دوره الجمالي مع الاستعانة بأقلام الحروف اللينة وأنماطها وأشكالها المختلفة، ومع اختلاف وتعدد التصميم والبناء الفني لكل لوحة، بحيث تعكس انطباعات مختلفة على المشاهد، مؤكداً أن اللون من العناصر الفعالة في أعماله، حيث تتناغم الألوان وتتباين في ماهياتها وقيمها ودرجات تشبعها وتركيزها ومساحاتها لتتولد عنها طاقة جمالية تتسم بالحيوية والدينامية، وحواراً تشكيلياً رصيناً يتسم بالثراء الفني بين الحروف الملونة المتناغمة في إيقاع وتوازن ووحدة. جماليات الحرف ويقول الفنان عادل عبدالرحمن: أعتنى الإسلام بالكتابة، وسجل القرآن الكريم هذا الاعتناء في آية الدَيْنِ بأمر صريح (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إذَا تَدَايَنْتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)، «سورة البقرة: الآية 282»، وتطورت جماليات الحرف العربي بسرعة فأخذ أشكالا فنية، بل «أساليب» بعضها قاعدي ابتدأ مزيجا من الكوفي والحجازي، والآخر تزييني صرف، استهلها الخط الكوفي، الذي كان أحد خطين عرفهما العرب القدماء، أما الخط الآخر فهو «خط التحرير» أو «الخط المدني»، والذي أطلق عليه فيما بعد «الخط الدارج». الممالك الجديدة وأضاف: ومع الفتوحات الإسلامية انطلق الخط العربي، الذي كُتب به القرآن غازياً ومعلماً مع الجيوش الفاتحة إلى الممالك المجاورة والبعيدة، فكتب الفرس لغتهم بالحروف العربية وابتكروا الخط الفارسي بيد «التبريزي»، كما حوروا الخط الكوفي فأصبحت المدات فيه أكثر وضوحاً، أما الترك فحولوا خط الرقاع وابتكروا الهمايوني «الديواني»، كما وضعت القواعد لخط الرقعة سنة 1270 ه، وفي الأندلس اهتم الحكام بالخط العربي، وتعلموا ونسخوا به الكتب، لا سيما المصاحف والمخطوطات ذات الخط الجميل. وأشار إلى أن «القرآن الكريم» يُعتبر الحافز والمحرك الرئيس، الذي حث الفنان المسلم على التجديد والتجويد في استنباط خطوط عربية، محاولاً التأكيد على معاني الإجلال والإكبار والسمو التي تضمنتها الآيات الكريمة، ولم يقتصر استخدام جماليات الحرف العربي على البلاد العربية فحسب، بل امتد إلى الدول الأوروبية، حيث نجح الفنانون الإسبان في القرن السابع الهجري في كتابة الحروف اللاتينية بصورة تقرب في شكلها العام من الخط الكوفي، وهم يزينون خزف مقاطعة «بلنسيه» بكتاباتهم القوطية، وهو ما يعد إرهاصا لاستعمال الحرف العربي بشكل صريح في فنون العصر الحديث. البعد المادي ويوضح عبد الرحمن أن الفنان المسلم قد استعاض عن البعد المادي للجمال، بالبعد الروحي الوجداني، حيث الموضوعات الجمالية ليست غايات في ذاتها، وإنما هي رموز ودلالات على طريق معرفة الخالق وابتغاء رحماته، وليس أدل على ذلك من جماليات العمارة الإسلامية وزخارفها، بعد أن حافظ الفنان المسلم على دقة قواعد الهندسة، وعلى جلال وهيبة ووقار وقدسية المبنى، بل على توزيع للأعمدة كأن يمتد في مساحة كبرى تنفرج أخيراً عن محراب أو نقطة مضيئة، أو عند كلمة معبرة كلفظ الجلالة، كأنما الأمر مقصود أن لا تقف عند الأعمدة تلك على عظمتها، بل أن تجتازها إلى ما هو أكثر جلالا وعظمة ورهبة «الله». وأضاف: لقد برع الفنان المسلم في ترسيخ خصائص أسلوبه الفني المميز، محققا أروع الإبداعات الفنية التي لم يعرف العالم مثيلًا لها في التاريخ الإنساني، وذلك على الرغم من الجدل حول تحريم الإسلام لبعض مظاهر الفن، إلا أن الفنان المسلم قد استطاع ببراعة أن يصبغ فنه بطابع الدين الإسلامي وفلسفته وتعاليمه، متجنبا بذلك الاقتراب من المحرمات، وذلك من منطلق الإيمان المطلق بوحدانية الله «المبدع المصور». الفن والوظيفة ويوضح عبد الرحمن أن الفن الإسلامي تميز بالأصالة النابعة من تحقيق المواءمة التعبيرية بين الفن والوظيفة من جانب، وبين الفن والعقيدة الإسلامية، بتعاليمها ومقوماتها من جانب آخر، وذلك دونما اللجوء إلى فكرة الاقتباس أو التقليد أو الاتباع المطلق لفنون الحضارات الأخرى، ولقد توصل هذا الفن إلى حلول تشكيلية ابتكارية بديعة، لم تكن معروفة من قبل لتغطية السطوح المختلفة، ومعالجة الفراغات المعمارية جمالياً ووظيفياً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©