الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طرابيش بلا رؤوس...

طرابيش بلا رؤوس...
20 يوليو 2011 19:42
“طرابيش” عنوان معرض ومحترف جورج الزعني رسوم سليمان ضيا في باحة قصر “الأونيسكو”، العنوان الدائم للمثقفين، والفنانين اللبنانيين، ومتذوقي الفنون على اختلاف مدارسها. من أفكاره، وتجاربه، انطلق إلى الفرح المشترك... يشارك الناس من خلال إنسانيته، تعبيرات لونية رؤيوية، آفاقها الطرابيش، ورؤوس الناس، وما وراء المنظور والمحسوس. يرسم المعرض فوق لوحاته، فلسفة قديمة، بمفاهيم عصرية، شبابية جديدة، والتي تتماهى مع الفكرة، من بواطن التاريخ والنفوس الأبية... فيها عبق البطولات، وأسرار الحافظة، وشطحات الخيال. “انه الفن الشفيف، المنطلق من البداهة، بانفلاش كيفي، وعدم اتباع ضوابط أو قواعد”، يقول الفنان والرسام سليمان ضيا، أستاذ مادة الرسم في الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم، والحامل شهادة الماجستير بالفنون التشكيلية من الجامعة اللبنانية. انه معرض تجهيزي من 43 لوحة بمواد “الفوتر”، و”الغوش” وشراشف محيكة بطرابيش وعرض لمسابح وأراكيل، لنقل المشاهد إلى زمن الطربوش برؤية معاصرة مستقبلية. اضافة إلى عرض موسيقي من فرقة نسمعها ونشاهد. كانت تؤمن بعصر الطربوش حيث اعطت للمكان نكهة بألحان الماضي وبعبارات تحكى ولا تكتب. تتمادى الأجواء بالعفوية تكاد تكون قائمة بذاتها، صدقية متباهية، يرتاح لها الإحساس، عن عصر ثابت افتقدناه، وبات نادراً في يومنا هذا، في رسومه مواضيع موحدة في جميع اللوحات فتشابهت الأعمال بألوانها الفرحة، لارتسامها في الذاكرة. نقف أمام لوحاته وكأننا أمام نوافذ من زجاج ملون تعكس الأنوار في انكسارات ضوئية قزحية، نسيج من وقائع ملونة تتماسك في مواقعها، وقد تغاضت ريشته عن ظلالها، فكأنما الرؤوس التي البسها الطربوش تعيش في فيء دائم لأيام الصدق، والرجولة، الوقار والاحترام قيم باتت شبه مفقودة في لوحات نشاهدها دون ملل، لا تكثيف فيها ولا غموض. انها الحقائق دون اضافات، حيث انسجمت الألوان بانسجام الأحاسيس وهدوئها... وتتنافر كلما اهتزت مشاعره، واعترتها رعشات مفاجئة... كأنه يمسك قلمه وريشته بأطراف أعصابه، وشعيرات أهدابه. وهذا ما يبث في الخطوط والمشحات حياة نابضة. تأخذ اعماله منحى البساطة في الأداء، والبراءة في المضمون، وفي ذلك صفاء يحافظ فيه على نقاء العمل وبعده عن بريق التصنع المستهلك... فيقول ضيا هناك قيمة جمالية للعمل الفني واللوحة لا تكفي لوحدها بل الفكرة والمهارة هما اللذين يعطيا نتاج جيد. ابداع اللوحة عنده يأخذ تركيبته الواضحة، الذي اختزن في ذاكرته كمّاً هائلاً من المشاهدات لزمن الطربوش. خمائر كامنة في اللاوعي، تبعث مفاعيلها الخفية، في المشاهد المنقولة بالأحاسيس، فيعيد خلطها، ويطلقها، فتتولى ريشته نقلها مبتكرة، متماسكة، يستحضر الماضي من خلالها. أعمال صامتة في مجملها انطباعية تعبيرية، رموز واشارات يتفاعل معها المتلقي حساً وفرحاً وتأملاً... يقول ضيا ان الرسم الذي يبقى ويجد صداه عند الناس، هو الرسم الموجه بعفوية، والتي تدّون فعل العاطفة، لنمتلك اللحظات. نحن نقول في لوحاته أيقظ الماضي، أنعش الذواكر.. باطلالة عصرية على مواضيع قديمة من الماضي الى الحاضر، عبر الرسم، الحر النابض في السكون، طبعاً يبقى للخيال دوره في انطلاقات الخلق والإبداع... فهو استاذ ورسام شفاف رهيف أصيل، ومتمرس يقبض على المشاهد، صاحب ثقافة واسعة، في عوالم الرسم والفلسفة، والفنون التشكيلية، تشّع رسوماته رؤية بعين القلب، وكانت لوحاته لافتة في العرض والطروحات والرسم بالحنان. وأثبت للمشاهد غناها وهي حال جميع المبدعين الخلاقين في هذا العالم... رسوماته أوفت المطلوب، وهي امتداد المسافات، لنا منها حيرة التمايز، تبهج النفس، تزهو وتجذب البصر والفؤاد. هي للذواقة... للشعراء... للمثقفين... لكل الناس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©