السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خريطة بغداد الشعريّة

خريطة بغداد الشعريّة
20 يوليو 2011 19:38
بغداد معلقة التاريخ طفلة أبي جعفر المنصور خرجت من صُلبه سامقة مشرئبة نحو العُلى، لكيف لا وهي التي اختطها مدورة ليحميها من شرور الأعداء والأطماع للخلافة العباسية الإسلامية، بغداد التي تعاقب عليها الخلفاء والحكام والولاة، ونال الطامعون والمحتلون منها ما نالوا عبر العصور الماضيات وإلى اليوم، لكنها رغم الجَور والدمار الذي لحق بها على يدّ الهولاكيين إلى اليوم، فإنّها بقيت شامة عربية إسلامية يضوع عطرها بين المدن المصائر، بحضارتها الخالدة ومعالمها الشاهدة، وبتبغددها الأليف... ولبغداد حكايات رواها فمّ الزمان بكلّ موّدة عن دار السلام وأمّ البلدان وقبّة الإسلام، بلد الرشيد ومنارة المجد التليد، المدينة الأصيلة، في سِفر الحضارة والفكر والسياسة والعمران والثقافة والأدب والشعر العربي. بغداد وأصولها جاء كتاب الدكتور الراحل عبدالستار أحمد الجواري الموسوم “الشعر في بغداد حتى نهاية القرن الثالث الهجري” الذي أعادت طبعه المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، وبصفحاته ال 384 من القطع الاعتيادي، ليرسم خريطة شعرية لعاصمة الخلافة الإسلامية إبان القرن الثالث الهجري من عُمرها المديد، حيث خط قلم الجواري الذي تضمن على تقديم للدكتور صالح أحمد العلي، وكلمة المؤلف، ومدخل “الشعراء في بغداد حتى نهاية القرن الثالث الهجري”، وأربعة أبواب مقسم إلى فصول عدة. اشتمل تقديم الدكتور صالح أحمد العلي على بيان علاقته بالمؤلف وسيرته العلمية والعملية وسجاياه، مع الإِشارة إلى كتابه هذا بالقول: “وكان المَجْمَع العلمي العراقي قد عنى بدراسة بغداد وما يتصل بها، ونشر عنها عدداً من الكتب المؤلفة والمترجمة، ولم يغفل الاهتمام بالشعر في بغداد، فنشر عنه كتاباً للأستاذ جمال الدين الآلوسي، ولكن ذلك الكتاب على قيمته؛ لا يُغني عن نشر كتاب الدكتور أحمد عبدالستار الجواري الذي يتميز بغزارة المعلومات، ودقة الملاحظات، وتوضيح مجرى التيارات؛ وهو كتاب نفد من السوق منذ أمد طويل...”. الفصل الأول “بغداد في التاريخ”، تناول فيه الجواري لتاريخ بغداد في العصور القديمة، ولتسمية بغداد وأصلها، ومبدأ معرفة العرب بها، ولبنائها، وأسبابه، وصف عام. وذكر أنّ أقدم ماعرفه المؤرخون عن بغداد ذكر اسمها في بعض الألواح المسمارية، وأقدم هذه الألواح عهداً وأبعدها زمناً لوح يبدو أنّه كُتب في عهد حمورابي ملك العموريين في بابل في القرن الثامن عشر قبل الميلاد. ثم قال عن تسمية بغداد واختلاف المؤرخين والباحثين فيه، أعقبه الحديث عن مبدأ معرفة العرب بها، قائلاً:” يبدو أنّ أول ذكر لها في التاريخ كان سنة 13 للهجرة، بحسب ما رواه الخطيب البغدادي في “تاريخ بغداد”. أما بناء بغداد فروى الجواري أنّ لذلك قصة لاتخلو من طرافة! وأعقب ذلك بذكر أسباب بناء بغداد، والوصف العام لها... صور الحياة الفصل الثاني: صور عامة للحياة الاجتماعية والعقلية في بغداد، عرض من خلاله لأربعة مواضيع هي: “الحياة العامة وأثر الخلفاء فيها، فقد كانت بغداد في أول عهدها أشبه شيء بالمدينة التي أُنشئت لتكون داراً للخلافة ومقراً لرجال الدولة. فكانت المدينة المدورّة، يوسطها قصر الخليفة، ومسجده يحيط بهما بيوت رجال الدولة وأركانها، وكانت أسواقها في الداخل إلى أن نقلها مؤسسها الخليفة أبي جعفر المنصور إلى الكرخ. بعد ذلك أشار إلى تكوين المجتمع البغدادي، عناصر الحياة الاجتماعية، والحياة العقلية وعناصرها”. وخصص المؤلف الباب الثاني تحت عنوان “الشعر في طريقه إلى بغداد”، وعرض فيه للقارئ قدم الشعر العربي، مكانته في الحياة العربية، موازناً بالشعر اليوناني، غاية الشعر ووظيفته، الشعر بعد الإسلام، حفاظ العراق لتراث الشعر القديم، بواكير التجديد في الشعر، عرض فيه المؤلف لمشاركة غير العرب فيه ـ سحيم ونصيب ـ تأثره بالحياة العقلية “الكُميت” مسايرته لحياة الحضارة “الوليد بن يزيد”. وضمّ الباب الثالث “العوامل التي أثرت في الشعر ببغداد”، أربعة فصول: الفصل الأول العامل السياسي، حيث يرى الدكتور أحمد الجواري: أنّ العراق في عهد الدولة الأموية كان مجالاً للنشاط الواسع للشعر السياسي، بل كان أوسع مجال له على الإطلاق. لأنّ العراق منذ النصف الثاني من القرن الأول للهجرة مُعتركاً سياسياً بين الرعيل الأول من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فشهد وقعة الجَمَل ومعركة صفين من بعدها. وشهد أهله رجال الطليعة في الإسلام وهم يختصمون... كذلك عرض المؤلف لعناصر الحياة السياسية المُتمثلة في: العباسية في الشعر، العلوية، الأموية، وضعف الشعر السياسي وأسبابه. بينما قدم الفصل الثاني من هذا الباب “للعامل الاجتماعي” لكل من: الأعاجم في الحياة العباسية، الشعوبية، أثر الشعوبية في الشعر، أثر الأعاجم في الحياة العباسية والشعر خاصة، والروح العربي وأثره في الشعر. العامل الحضاري كان “العامل الحضاري” عنوان الفصل الثالث، وأشار فيه الجواري إلى: أنّ الشعر في بغداد قد أصبح تتضح فيه آثار الحضارة الجديدة التي دخلت في المجتمع العربي قبل تأسيسها، وصار الباحث يلاحظ في هذا العصر سلطاناً للحضارة على مناحي الحياة ومنها الأدب والشعر حتى كأنّ الحضارة لم تتغلغل في المجتمع العربي الإسلامي من قبل أو كأنّ الأمصار الإسلامية قبل بغداد لم تتأثر بالحضارة تأثر بغداد بها...، وإثر ذلك تناول مؤلف الكتاب لحضارة الكوفة والبصرة، العناصر البغدادية في الحضارة، الغناء والشراب، الغناء والشعر، وآثار الحضارة العامة في الشعر. تلاه بالفصل الرابع “العامل العقلي”، الذي درس فيه ست موضوعات هي: تراث البصرة والكوفة، عناصر الحياة العقلية في بغداد، مشاركة الشعراء في الحياة العقلية، آثارها، تمثل الشعر للثقافة الجديدة، وآثارها البعيدة. وجاء الباب الرابع من كتاب “الشعر في بغداد...” بعنوان “الشعر بين القديم والجديد”، متضمناً تمهيداً، وفصلين: الأول “عوامل التجديد” حيث حصر مظاهر التجديد في كل من: السياسة، غلبة الأعاجم، شيوع الحضارة الحضريّة، والتقدم العقلي، في حين أشار مؤلف الكتاب في الفصل الثاني “الشعر والشعراء بين التجديد والتقليد”، للاتجاهات الفنية في الشعر، ولطوائف الشعراء الممثلين بالمجددين، والمتفننين، والمقلدين. وعقب الأبواب الأربعة للكتاب خصص الدكتور أحمد عبدالستار الجواري دراسة بعنوان “مظاهر التجديد” للباب الخامس منه، الذي يرى فيه أنّ القرن الثاني للهجرة قرن التجديد في الشعر بحقّ، حتى كأنّ العوامل التي خلقت هذا التجديد وتضافرت من كل مكان لتحدث في الشعر العربي. واشتمل هذا الباب على تمهيد وفصلين هما: الفصل الأول “الجديد في الموضوع”، قدّم فيه لستة أنواع من تلك المظاهر الجديدة وهي: الهجاء، الحكمة والزُهد، الشعر التعليمي، وصف الخمر، الغزل بالمُذكّر، وثورة أبي نواس. في حين تناول في الفصل الثاني “الجديد في الصورة والأسلوب”، موضحاً فيه “للأوزان الجديدة، سهولة الأسلوب، والبديع”. وضم الكاتب خاتمة وفهارس عدة مثل: فهرس الآيات القرآنية، فهرس الأحاديث، فهرس الأعلاَم، فهرس الأماكن والمدن، فهرس الكتب، فهرس الأغراض الشعرية، فهرس الأشعار، وأخيراً التصحيحات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©