الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مأساة أسرة غزاوية

6 أغسطس 2014 00:20
يوم السبت الماضي، بدأ سكان بيت لاهيا، المدينة التي مزقتها الحرب في شمال غزة بالتقاطر مجددا على ديارهم، ممسكين بممتلكاتهم ويحدوهم شعور بالأمل. فقد وردت إليهم أفضل أخبار سمعوا بها منذ بدء الحرب قبل ما يقرب من ثلاثة أسابيع ونصف، حيث أخبرهم الجيش الإسرائيلي أن عملياته في «بيت لاهيا» قد توقفت وأن بإمكانهم العودة إلى منازلهم. وبطبيعة الحال، لم يعد جميع السكان، حيث إنه من المفهوم أن الثقة المتبادلة بين الطرفين هي سلعة نادرة بعد أجيال من الحرب بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وبالنسبة للعديد من السكان، كان الخيار صعباً: هل يواصلون العيش في مدرسة تابعة للأمم المتحدة ومكتظة باللاجئين، حيث ينامون على البطاطين بداخل الفصول، مع القليل من الماء الذي يكفي بالكاد للاغتسال؟ أو العودة إلى منازلهم والنوم على أسرتهم والاغتسال في الحمامات الخاصة بهم، ولكن مع المخاطرة بالتعرض للضربات الجوية وقذائف المدفعية؟ ومع التأكيدات الإسرائيلية، استغرق الأمر قليلاً من التفكير بالنسبة لعائلة «العطار». فقد ذكر «أبو خالد العطار»، أحد شيوخ العائلة «لقد أخبرنا الإسرائيليون أن نعود إلى منازلنا، وأنها ستكون بمأمن». وبعد ظهر يوم السبت، غادرت الأسرة الكبيرة الممتدة والتي تتألف من المزارعين المدرسة التي كانت تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، حيث لجأت إليها الأسرة لمدة أسبوعين. واستأجر أفراد الأسرة عدداً من السيارات، حيث فرشوا مراتبهم على الأسطح، وتكدسوا بالسيارات وتوجهوا عائدين إلى بيت لاهيا. وهناك كانت أصوات أزيز الطائرات من دون طيار تغطي على صوت تغريد الطيور – كما هو الحال في المناطق الحدودية الأخرى من قطاع غزة. كانت منازل عائلة العطار تنتشر إلى جوار بعضها البعض على قمة أحد التلال المطلة على مدينة عسقلان جنوب إسرائيل، والتي تعد هدفا للعديد من الهجمات الصاروخية التي تشنها حماس من غزة. كانت عائلة العطار محظوظة، حيث وجدوا منازلهم لم تمس، وسريعاً ما بدؤوا إعادة توطين أنفسهم، معتقدين أن حياتهم دخلت مرحلة جديدة. ولم يكن من المهم أنهم ما زالوا يسمعون أصوات الصواريخ، التي يتم توجيهها على جنوب إسرائيل من على بعد. فقد عادوا إلى ديارهم أخيراً، وكانت بلدة «بيت لاهيا» سالمة. وحتى مساء السبت كان هذا هو الوضع. ودق هاتف «جمال العطار» المحمول، وكان الاتصال صادر من رقم مألوف يبدأ بالكود (08): هذا هو كود منطقة بجنوب إسرائيل، حيث يمتلك الجيش الإسرائيلي عددا من القواعد التشغيلية. وظهرت على شاشة الهاتف رسالة مألوفة: اخلوا منازلكم على الفور. سنقوم بقصف ديار العطار، أمامكم خمس دقائق للمغادرة. كان «حيدرالعطار»، شقيق «جمال» يقيم في البيت المجاور. وكانت منازل شقيقين آخرين تقع بالقرب منهما. وبدأ «جمال» في الصراخ أمام الجميع للمغادرة، فقام الرجال والسيدات بالإمساك بالأطفال، وما يستطيعون حمله من الممتلكات، ويهرعون إلى أقرب مسجد قريب. وبعد مرور دقائق، هز انفجار منزل «حيدر العطار»، وطمسه تماما. كما تم ضرب منازل إخوته أيضا بشدة حتى إنها أصبحت غير صالحة للعيش. وأصيب بعض أفراد العائلة الذين لم يتمكنوا من الفرار بسرعة كافية بجروح طفيفة، بينما قال أقاربهم إن أحدا لم يمت. وعندما طلب من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على حالة أسرة «العطار»، لم يرد على الفور. ويوم الأحد، كان أفراد أسرة العطار يسيرون بين النقاض، أملا في العثور على أي من ممتلكاتهم. وكانوا كلهم يصرون على أنهم لم يشكلوا أي تهديد للدولة اليهودية. وقال «جمال العطار»: «لقد اعتدنا جميعا العمل في إسرائيل. إننا لسنا مقاتلين، ولا نقوم بإطلاق الصواريخ من هنا، إننا فقط نريد أن نعمل». وقال جميع أفراد العائلة إنهم شعروا بالغدر. وقال «منصور العطار»: «لقد أخبرونا أن بإمكاننا العودة. لقد خدعنا الإسرائيليون». والآن يتساءل الجميع أين يمكنهم النوم بعد ذلك. يقول «أبو خالد العطار»: «إننا لا نستطيع حتى العودة إلى مدرسة الأونروا. فقد امتلأت، حيث شغلت أسرة أخرى أماكننا». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©