الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داعش» .. هل باتت أحدث الدول النفطية!

5 أغسطس 2014 23:15
مثل كثير من الجماعات المشبوهة وشبه المشبوهة التي ظهرت قبلها، يبدو واضحاً أن تنظيم «الدولة الإسلامية»، المعروف بـ«داعش»، يتحرك بخطى حثيثة في قطاع النفط، ومن الواضح أن هذه التجارة تروق لمقاتليه الذين أكدت التقارير أنهم يجنون منها ملايين الدولارات مع غروب شمس كل يوم. ويتحول المسلحون، الذين احتلوا مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا، إلى تلك الجريمة القديمة النظيفة، وهي تهريب النفط من أجل تأمين التمويل اللازم لعملهم الأساسي. وتعزز الأموال التي يتم الحصول عليها من مبيعات النفط غير المشروعة وضع التنظيم كواحد من أغنى التنظيمات الإرهابية ذاتية التمويل في العالم؛ ذلك أنه لا يعتمد على الحكومات الأجنبية في الدعم المالي، وإنما على الأموال التي يجنيها من عمليات الخطف وسرقات البنوك. وقد نجح التنظيم أيضاً في سرقة أسلحة باهظة الثمن كانت الولايات المتحدة قد تركتها للجيش العراقي، وهو ما يكفي «الدولة الإسلامية» الحاجة إلى إنفاق أموالها على شراء مثل هذه الأسلحة. ولكن على رغم ملايين الدولارات التي يحصل عليها التنظيم يومياً من نقل وبيع النفط المسروق خارج الحدود مترامية الأطراف، فإنها لا تكفي لتلبية الالتزامات الضخمة التي تقتضيها عمليات التوسع. وتدفع السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي في شرق سوريا وشمال العراق التنظيم إلى تولي التزامات باهظة التكلفة، مثل دفع الرواتب وجمع القمامة وتوفير الإضاءة والخدمات الأخرى التي عادة ما تضطلع الحكومات التقليدية بتقديمها. وأفاد «مايكل نايتس» الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» بأن تنظيم «داعش» تحول من كونه أغنى المنظمات الإرهابية إلى أفقر الدول في العالم. ومن المستبعد أن يتراجع الدور الفعلي للتنظيم في تجارة النفط العراقي والسوري غير القانونية في ضوء الدور الذي تضطلع به عن عمد. وتسيطر «الدولة الإسلامية» على غالبية الحقول النفطية السورية، خصوصاً في شرق الدولة. ويؤكد مراقبو حقوق الإنسان أن 60 في المئة من حقول النفط السورية باتت في أيدي المسلحين أو القبائل. ويبدو أيضاً أن التنظيم يسيطر على عدد من حقول النفط الصغيرة في العراق، وإنْ كانت التقارير تختلف بشأن ما إذا كانت هذه الآبار متوقفة، أم أن المسلحين ينتجون ويشحنون منها كميات كبيرة من النفط العراقي المسروق عبر الحدود. وبشكل عام، يقدر خبراء الطاقة أن إنتاج النفط غير القانوني في العراق وسوريا ـ الذي تقوم به «الدولة الإسلامية» ـ يناهز 80 ألف برميل يومياً. وهي كمية صغيرة مقارنة بإنتاج الدول المستقرة، ولكنها تمثل قيمة نفطية كبيرة في أيدي مجموعة يلفظها الجميع حتى «تنظيم القاعدة». وإذا تم بيع هذا النفط بأسعار السوق العالمية، فإن قيمته تعادل ثروة صغيرة تناهز ثمانية ملايين دولار يومياً. ولكن مثلما اكتشف الجيران الجدد للتنظيم المسلح في كردستان العراق، ليس من السهل الحصول على الأسعار العالمية فيما يعتبره كثيرون سوقاً سوداء للنفط. وتزعم التقارير أن تنظيم «داعش» يبيع معظم إنتاجه إلى وسطاء في سوريا، يبيعونه بدورهم إلى مصاف في تركيا وإيران وكردستان. وأفاد «فاليري مارسيل» الخبير النفطي لدى «تشاتم هاوس» في لندن، بأن ذلك النفط محاصر ويتم بيعه على الأرجح مقابل ما يتراوح بين عشرة دولارات و22 دولاراً للبرميل، بينما تزيد أسعار النفط في الوقت الراهن على مائة دولار للبرميل في نيويورك ولندن. وأشار «مارسيل» إلى أن تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق يختزل على ما يبدو الوسطاء، ويستخدم أسطوله من الناقلات، ما يعني إمكانية أن يجني ما يتراوح بين خمسين وستين دولاراً للبرميل. وتقدر تقارير أخرى إيرادات التنظيم من النفط العراقي بنحو 25 دولاراً للبرميل. وذكر «نايتس» أن المسلحين يقدمون خصماً ضخماً، ولا يحصلون سوى على نزر يسير من قيمة النفط، مشيراً إلى أن إجمالي ما يجنيه التنظيم من عمليات تهريب النفط ربما يتراوح بين مليون ومليوني دولار يومياً. من جانبها، أصدرت الأمم المتحدة تحذيراً للدول من شراء النفط من المسلحين في العراق أو سوريا، مشددة على أن مثل هذه المشتريات تمثل انتهاكاً للعقوبات الأممية ضد الجماعة الإرهابية. وإذا ظل التنظيم متصدراً للمشهد، فإن الازدهار النفطي لن يدوم إلى الأبد بكل تأكيد؛ لاسيما أن الحقول النفطية في سوريا والعراق تحتاج إلى كثير من الصيانة، مثل عمليات حقن الغاز من أجل الحفاظ على الضغط واستمرارية الإنتاج. بيد أن الافتقار إلى الفنيين المدربين وعمليات الإغلاق المتكررة أضحت كابوساً يراود إدارة الاحتياطات الملائمة، وستؤدي في النهاية إلى تراجع الإنتاج المستقبلي من هذه الحقول، حسبما أوضح «مارسيل». وباستثناء ذلك، يبدو كل شيء على ما يرام، فهذا النوع من السيطرة على حقول النفط والإيرادات النفطية والمنتجات البترولية يمثل دعماً مالياً لأي جماعة إرهابية. وتمنح الهيمنة على المنتجات البترولية من أسطوانات الغاز اللازمة للطهي إلى الوقود اللازم للنقل، ميزة إضافية للتنظيم المحلي. وتعزز الإيرادات قدرة الدولة الإسلامية على تجنيد والمقاتلين ودفع رواتبهم وشراء الأسلحة. ونوّه «دافيد غارتنسين روس»، خبير الإرهاب لدى «منظمة الدفاع عن الديمقراطيات»، بأن التنظيم يحتاج إلى الحفاظ على آلته الحربية، لكنه يحتاج أيضاً أن يحكم، وهو ما يكلفه أموالاً كثيرة، متوقعاً أن معظم الإيرادات النفطية سرعان ما تنفق على زعماء القبائل الأقوياء، ورشوة الشركاء في الجماعات المتحالفة، إضافة إلى تسيير المتطلبات الأساسية للحياة اليومية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©