الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالله بشر يكتب إحساسه بالزمان والمكان

1 يناير 2013 23:47
جهاد هديب (دبي)- لم يقدم الشاعر الإماراتي عبد الله بشر، نفسه يوما على اعتبار أنه “شاعر”، حتى بين أصدقائه ظلّ قليل الكلام عن الشعر لكنه كان يصغي للقصائد ويتقن قراءتها بعين أخرى؛ هي عين ثالثة بالتأكيد: “يا كل آلامي أحسست بيديكِ تشكّلني رغبةً بأشيائك”. وهذا مقطع من مجموعته الأولى “في ذمة العشق” الصادرة حديثا عن دار ميريت في القاهرة وتقع في 56 صفحة من القطع المتوسط. على امتداد أكثر من ثلاثين عاما، كان الشاعر عبد الله بشر مقلّا في النشر مثلما في الكتابة ربما، لنكتشف مع مجموعته الشعرية “في ذمة العشق” أن أسباب حضوره الطفيف هي أسباب الكتابة أيضا، فقد كتب وأعاد كتابة قصائده أثناء إقامته في مدن إماراتية: العين، وأبوظبي، ومدن عربية: عمّان والرباط وصنعاء والقاهرة، كما في مدن في بلاد أخرى أيضا: الهند وتايلاند، إنما عبر مسافات زمنية متباعدة، بمعنى أن كل تلك التقلبات على أوجه المدن كانت تعادلها تقلبات أخرى على أوجه الكتابة والاختلاف في النظر الشعر وجوهره، في الوقت نفسه الذي ظلّ يمارس الكتابة بوصفها فعلا سرّيا فرديا لا ينبغي لأحد أن يطّلع عليه. يشعر قارئ هذه الإضمامة القليلة من القصائد أن الشعر، بالنسبة لعبد الله بشر، يجب أن يكون نتاج تجربة مخيضة يتجلى فيها الإحساس بالزمان والمكان معا مثلما أن من الممكن له أن يكون قراءة خاصة لشخوص محددين عرفهم عن قرب وآخرين عرفهم من بعيد أو بمعنى أدقّ أعاد تأويلهم، لكن من الواضح أنهم وشموا ذاكرته الشخصية بانطباعة ما. وبحسب قارئها. هكذا من الممكن أن تتجاور في الأسماء وتلتقي في قصيدة واحدة ليشي كل منها بشيء خاص به، أي خاص بالشخص السارد في القصيدة، ووفقا لفهم شعري يجعل من هذه الشخوص، المتحَدَث عنها في القصيدة، متجاورة ومتقاربة. فالأمر هنا ليس فكرة بل هو خليط الفكرة بالإحساس الذي ربما يكون نتاج الانغماس الحقيقي في آلام هذه الشخوص إلى حدّ أن المرء يحسب أنها هي أوجه لعبد الله بشر ذاته. غير أن اللغة متقشفة في الكتاب والمعجم اللغوي قليل الكلمات، كما لو أنه في كل مدينة وزمن كان يعيد وفي كل شخص يتحدث عنه يعيد تأويل نفسه بما هي عليه من إحساس بالخيبة والمرارة ورغبة في الابتعاد والنأي. أيضا، لا علامة ترقيم واحدة في الكتاب؛ لا نقطة أو فاصلة أو حتى علامة استفهام أو تعجّب. لذلك ينبغي على القارئ أن يتوقف بعد قراءة كل سطر، إذ أن كتابة عبدالله بشر لا تشبه إلا عبد الله بشر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©