الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المصورون في لبنان: إنه الزلزال

المصورون في لبنان: إنه الزلزال
6 أغسطس 2006 01:51
أي عدسة قادرة على أن تلتقط المشهد، وأي مصور هذا بإمكانه أن يقف أمام هول هذا الدمار، وأي صلابة تسكن قلب هذا المصور وهو يرى أمامه الأطراف المقطعة أو الجثث التي تمددت تحت الأنقاض· إنهم مجموعة من المصورين الانتحاريين، راحوا يقفزون تحت الغارات ووسط الدمار والحرائق والدخان لالتقاط صورة لمشهد الموت الإسرائيلي الذي جاء دفعة واحدة· منهم من بكى، وآخر رمى عدسته، فيما كان نصيب احداهن الاستشهاد في سبيل هذه المهنة التي لم يحترمها الاسرائيلي يوماً· مجموعة من المصورين، يعترفون أنهم لم يواجهوا حرباً كهذه الحرب ولم يصوروا دماراً كهذا الدمار، ولا شاهدوا جثثاً مهشّمة وممزقة كما فعل الإسرائيليون هذه المرة· بيروت - دنيا الاتحاد: يقول جمال السعيدي نقيب المصورين في لبنان وعلى وجهه اثر إصابات سابقة: إنها حرب تختلف عن كل الحروب التي صورتها، إن أنواع الأسلحة هذه المرة مختلفة، ونادراً ما صورت في كل تغطياتي في العالم مثل هذا الدمار· يتابع: أشعر أحياناً بالخوف· اتذكر أهلي وأولادي· ولكنها المهنة، والصورة والموقف، سرعان ما اضطر للدخول إلى المشهد، إلى اللحظة، والاقتراب من المعنى· هذه المرة صورت وجوهاً محترقة تماماً· اعترف أني شعرت بعذاب عميق، أن أصور شعبي وهو يموت أو يتمزق· كنت أحاول أن أبحث عن العلاقة بين عيني ويدي والموت الذي أمامي وقلبي الذي يتمزق، هنا تكمن أهمية أن تظل يدك مكانها وألا ترتجف· امرأة تصرخ المصور عصام قبيسي يقول: لن أنسى تلك الصورة التي التقطها لامرأة تصرخ وقد تهدم بيتها تماماً، كانت تعبر عن حجم المأساة، وعن الأيام الآتية التي صارت فيها هي وأسرتها في العراء· كان بودي أن اصرخ معها لكن الكاميرا سبقتني إلى وجهها· يتابع: لقد غطيت حروباً كثيرة، لكن في هذه الحرب شعرت ببعض الخوف لأن ما يميز هذه الحرب أن لا ضمانة لأحد حتى للمصورين وللصحفيين· كل شيء أمامك قابل لأن يدمر بلحظة· لقد صورت أحد الاحياء في اليوم الثالث، وعندما جئت في اليوم الرابع، لم اجد شيئاً أمامي سوى الركام· المصور مصطفى جمال الدين يتحدث بشيء من الغضب يقول: لقد بكيت، بكيت طويلاً في مدينة صور وأنا أصور الدفن الجماعي للشهداء ومعظمهم من النساء والأطفال· عندما مرت النعوش أمامي فعلاً أردت أن أضرب رأسي بالجدار لأحطمه، لم أكن اتوقع يوماً أن أعيش لأرى هذا المشهد في وطني وأن اقف محايداً لأصوره· تمنيت للحظة أن أكون في احد هذه النعوش· غير كل الحروب مصور صحيفة السفير عباس سلمان الذي صور الكثير من الحروب والمواجهات على مدى سنوات طويلة يتحدث بشيء من الأسى، يقول: هذه الحرب غير كل الحروب، أنها أعنف ما واجهه لبنان حتى الآن· أحياناً عندما أرجع إلى الصور التي التقطتها لا أصدق أنني استطعت أن أسيطر على نفسي والتقط مثل هذه الصور· المصور محمد عزاقير الحائز الجائزة الدولية للتصوير لهذا العام عن صورته التي التقطها لموكب تشييع الشهيد رفيق الحريري يتساءل: أي موت هذا وأي دمار؟· المشكلة أنك إينما التفت تحتاج لفريق من المصورين ليتمكن من متابعة كاملة بناسها، تكاد تصبح مثل كعكة تطحنها بيديك· أمامك مشاهد متتابعة إنسانياً وحضارياً وعلى مستوى التصدي للعدوان· وعلى الرغم من كل هذا الدمار، ثمة من بقي يرفع بيديه شارة للنصر· مصور الاتحاد عزيز طاهر يقول: للحظات كنت اتخيل أنني التقط صوراً لما بعد زلزال عظيم ضرب لبنان، زلزال لم يترك وراءه شيئاً· يقول: أكثر ما يعذبني تلك الوجوه التي صورتها والتي سيمر وقت طويل قبل أن انساها· إنها أمامي في عدستي وعلى وسادتي وفي طريقي، إذ كيف يمكن أن تنسى كل هذه الوجوه، وتلك الجثث المبعثرة في كل صوب، أمامك نوافذ وشرفات هوت وأبنية صارت حطاماً ··· أنه الزلزال· أي صـورة تؤخذ، أي مصورين هؤلاء الذين تحـولوا إلى شهداء إحياء تحت رحمة الطائرات· ليال الشهيدة ليال نجيب، امتلكت الشجاعة الكاملة وهي تتنقل من مكان لآخر على أرض الجنوب تلتقط صوراً لن تنسى، لكن حكماً لم تتخيل أنها ستتحول هي نفسها إلى صورة، بعد أن أصبحت جثة لمصورة صحفية اغتالتها الطائرات الإسرائيلية كما غيرها لتنقل في سيارة اسعاف ولتطل من عينيها الزرقاوين على وطن لا يزال هو صورة للعذابات في هذا العالم· ليال نجيب التي عادت إلى مسقط رأسها بعد رحلة طويلة مع العدسة··· عادت شهيدة وفي يدها عدسة شاهدة على أن الإنسان يموت رخيصاً حتى ولو كان صحفياً وهو يحاول أن ينقل صورة لهذا العالم الصامت·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©