الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عطارون «دخلاء» يخلطون الأعشاب بالأدوية ويستغلون «البسطاء»

عطارون «دخلاء» يخلطون الأعشاب بالأدوية ويستغلون «البسطاء»
16 أكتوبر 2010 20:39
تعج الأحياء الشعبية في المغرب بدكاكين العطارة إضافة إلى عدد لا يستهان به من "العشابين" الذين يفترشون الأرض ويستخدمون الأرصفة لعرض مواد العطارة والطب الشعبي من زيوت ومواد وسوائل ووصفات، ويستعملون الجلود والمحنطات للفت نظر المارة وجذب الزبائن لشراء تجارتهم لأن قدرة العطار على اصطياد هذه الحيوانات والزواحف وتحنيطها وعرض جلودها يشكل عاملا مهما في إقناع الزبون بخبرة هذا العطار ويشجعه على شراء المواد التي يعرضها لأن جودتها مضمونة. أعالي الجبال يستغل العطارون جودة أعشاب ونباتات جبال الأطلس للترويج لبضاعتهم وحث المتسوقين على شرائها، ويشرح كل عطار رحلته إلى أعالي الجبال حيث يقوم بقطف النباتات والأعشاب النادرة والمفيدة للصحة والجمال، بعض هذه المواد يتم عرضها للبيع بخامتها الأصلية وبعضها يستخدم في صناعة الخلطات والعطور، وأخرى يتم تحليل عينات منها قبل عرضها على المشترين. ورغم أنهم يفترشون الأرض ولا يملكون محلات تجارية، إلا أن العطارين المتجولين يحظون بشعبية كبيرة لاسيما في المناطق الشعبية حيث يقبل الناس على مواد العطارة بحثا عن العلاج، ويثقون في وصفتهم، ويعرض العطارون مواد العطارة في الأحياء الشعبية والأسواق والساحات العامة، ويتفننون في طريقة عرض بضاعتهم لجذب الزبائن فبعضهم يعرضها في قنينات من الزجاج وأوان تحوي أعشاب مختلفة الأشكال والأحجام، ومنهم من يعرضها في قراطيس مختلفة الأحجام على الطاولات. ويدعي أغلب العطارين أن هذه المواد تخفف الآلام وتعالج كل الأمراض حتى المستعصية على الطب الحديث، ويستغلون حاجة الناس للعلاج وتشبثهم بالأمل والشفاء من الأمراض القاتلة بالترويج لبعض الخلطات حيث أنهم يعرضون وصفات لعلاج مرض السرطان بأنواعه وأمراض الجهاز الهضمي، وخلطات خاصة بالعقم والروماتيزم والربو وفقر الدم والسكري والقصور الكلوي. أمراض وأعشاب يقول العربي مبارك من أقدم العطارين في سوق مراكش إن مواد العطارة غير مضرة بالصحة وهي مناسبة للذين لا يقدرون على وصفة الطبيب، ولا يتحملون طعم الدواء ودوام استعماله. ويشير إلى أن حرفة العطارة معروفة منذ القدم ومنها انطلق الطب وكانت ملاذ البشرية من خطر الأوبئة والأمراض لكنها وكجميع الحرف التقليدية غير منظمة ما سمح للمتطفلين بممارستها والإساءة لسمعة المحترفين في هذا المجال. ويوضح أن العطار يجب أن يكون ملما بمختلف المواد والأعشاب والنباتات ومكوناتها وأدوارها وفوائدها، وأن يطلع على الكتب القديمة والدراسات الحديثة التي تهتم بمجال الأعشاب لأن استعمال الأعشاب بدون علم مسألة خطيرة، ولها تبعات خطيرة ونتائج وخيمة على الصحة، ويمكن أن تسبب أمراض اخطر من التي نرجو الشفاء منها. وحول أكثر الأمراض التي نجح في علاجها، يقول مبارك "أهمها أمراض المعدة والإمساك حيث أقوم بصنع خلطات لتنشيط عملية الهضم وإزالة الغازات من الأمعاء ومعالجة القرحة، كما أصنع وصفات لمعالجة الضعف الجنسي ومحاربة الخمول والكسل وأخرى لتنظيم عمل إفرازات الغدة الدرقية وإدرار البول، ومن الناحية الجمالية هناك وصفات من الأعشاب لتخفيف الوزن وإزالة الكرش، وزيوت تزيل حبّ الشباب وتساعد على نمو الشعر". ويؤكد أن "الغش في العطارة وارد كما أن الإصابة بالأمراض وحالات التسمم نتيجة تناول مواد العطارة ممكن لأنه بالإضافة إلى الأعشاب السامة التي يجهل الدخلاء على هذا المجال خطورتها فإن هناك مختبرات سرية يتم فيها طحن الأعشاب مع بعض الأدوية مثل الفياجرا وتقدم للزبون على أنها مواد طبيعية للعلاج". خلط الأعشاب بالأدوية تضاعف عدد العشابين في الآونة الأخيرة وأصبح كل من يزين واجهة محله بقنينات ومواد العطارة عشابا وعطارا يغري الزبائن ويدعي معرفته بعلم الأعشاب، وبات العديد من الممارسين لهذه المهنة يخلطون بينها وبين الشعوذة وفك السحر. وأصبحت لأغلب العطارة بطاقات مهنية ومواقع على الإنترنت وبعضهم أصبح يعلن عن نفسه في الصحف، وبعضهم صمّم دكانه على شكل صيدلية حتى يختلط الأمر على الناس وآخرون أطلقوا على دكاكينهم "مركز الشفاء للطب العربي" أو "مركز الطب بالأعشاب". وتحولت مهنة العطارة إلى وضعية عشوائية تمارس في فوضى، وانتشرت المختبرات السرية التي تصنع الخلطات والأدوية من الأعشاب، وتطلق عليها أسماء جذابة للمناطق في شرق العالم العربي والأماكن المقدسة، وتحولت بعض وصفات العطارة إلى سموم قاتلة لأن بعض المتطفلين على الطب الشعبي خلطوا أدوية بأعشاب طبية وأخرى سامة. ويحاول بعض الأطباء والصيادلة كشف حقيقة هؤلاء المشعوذين والدجالين والعطارين الذين يستغلون المجال النباتي المغربي في الشعوذة والطب البديل، وتحوّل الصراع بين الأطباء والعشابين إلى ساحة المحاكم حيث تبنى بعض الأطباء قضايا مرضى واستعملوا وصفة العطار مما تسبب في تشويههم وتفاقم حالتهم الصحية ويوجد حاليا بعض العطارين في قبضة العدالة بسبب تناسل الفوضى في قطاع بيع الأعشاب الطبية والطب الشعبي والتداوي بالأعشاب.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©