الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصداقة بين الأم وابنتها أقصر طرق بناء جسور الثقة وتجنب الأخطار

الصداقة بين الأم وابنتها أقصر طرق بناء جسور الثقة وتجنب الأخطار
16 أكتوبر 2010 20:32
الأم هذه المدرسة العظيمة التي تمثل الحب والعطاء والحضن الدافئ، حبها يشعر الأبناء بالراحة الاطمئنان، لكن هذه العلاقة المتينة التي تربطها بأبنائها غالباً ما تتعرض لعاصفة محولة تلك الرابطة نحو طريق جديد لا يصمد من التعثر أمام أي مشكلة عابرة، لتتأرجح علاقة الوالدة بابنتها يميناً ويساراً، ويكون عليها أن تدرك إحدى حالتين، إمّا أن تُبنى على صداقة مثلى تجمع بينهما، أوتتحول إلى عداوة تفرقهما يوماً فآخر. أي ليس هناك من حل وسط: فإما التصاق تام أو ابتعاد كلّي. لقد أكدت الدراسات التربوية الحديثة ضرورة وجود الأمهات في المنزل لاستقبال الأبناء من المراهقين عند العودة من المدرسة، وكذلك في وقت الغداء، وعند النوم. ومن واقع تجربة مرت بها ابنتها التي أحبت شاباً في مقتبل عمرها، استطاعت أم بدرية بفطنتها الأمومية أن تكون قريبة من ابنتها تقول عن ذلك: «الأم في هذه الفترة هي الحاضنة الأساسية للبنت، وهي مركز الحنان والتوجيه، يجب أن تكون هناك صداقة بين الأم وابنتها، تفهم حاجاتها ومشاعرها ولا تجعل بينهما سداً». تتحدث أم بدرية بصراحه ودون تردد، وتقول: «ناقشت ابنتي حين شعرت بأنها شاردة الذهن وتلجأ لقراءة قصص الحب والغرام. تستمع للأغاني العاطفية بلا انقطاع، كثيراً ما تجلس وحدها في غرفتها، بالمصادفة اكتشفت حبها لابن الجيران الذي ينتظرها دوماً أمام باب المدرسة، وهو أخ زميلتها التي أعطتها رقم هاتفه». تكمل أم بدرية الحديث قائلة: «حين اعترفت ابنتي بأنها تحبه، ضممتها لصدري بحنان، وقلت لها الآن أنت كبرت فعلاً، لكن ليس هذا هو الحب، شرحت لها كثيراً عن أمور العلاقة بين الرجل والمرأة خاصة في هذا العمر». مدركة لحقيقة ردة فعل ابنتها: «أعرف أنها لم تقتنع بكلامي، لكنني طلبت منها وعداً بأن تحكي لي كل شيء، وألا تتصرف تصرفاً متهوراً». الصداقة تحمي الصداقة بين الأم وابنتها مهمة جداً، هكذا تعلق موزة سعيد على الموضوع، في سياق الحديث عن علاقتها ببناتها الثلاث، تقول عن ذلك: «الفتاة في مرحلة المراهقة تحتاج إلى الأم أكثر من أي وقت مضى، وتحتاج أيضاً إلى الحب والاهتمام، ناهيك عن ذلك تحتاج إلى أذن تسمعها لتبث لها همومها ومشاعرها، خاصة أن هذه المرحلة لها أهميتها في تكوين شخصية الإنسان». تضيف معبرة بكل صدق عن علاقتها ببناتها: «الحمد لله، الصراحة والوضوح والحوار والمناقشة هي من أساسيات العلاقة التي تربطني ببناتي، فهن واضحات حيالي كل الوضوح، يتحدثن معي عن مشكلاتهن ومشاعرهن بلا حرج، وكثيراً ما يستشرنني في أمور خاصة تعرضن لها». وفي هذه الحالة تشير موزة: «يكون ردي عليهن بعيداً عن العنف والعصبية، حيث التفاهم هو سر حوارنا مع بعضنا بعضا. ومن خلال تجربتي، أؤكد أنه يجب على الأم أن تحتوي البنت وتقترب منها وتصبح صديقة ودودة لها، حتى تحميها من تيارات الفساد، فالصداقة بين الأم وابنتها تحميهما معاً، وتحول دون أن تفقد إحداهما الأخرى». مشاعر الفتيات تجد أحلام سلطان «طالبة ثانوية» أن كل ما بينها وبين أمها مجرد علاقة رسمية. عن ذلك تقول: «أجد الصداقة أكثر لدى صديقاتي، لكنني في مقابل ذلك أحترم أمي، وعلاقتي بها مبنية على المحبة والتقدير، واسعى لطاعتها، ولأن أكون عند حسن ظنها». في السياق ذاته، لا تتصور إيمان راشد «طالبة في المرحلة الإعدادية» أن تقول كل شيء لأمها. موضحة ذلك بالقول: «صحيح أنها قريبة مني، لكنني لا أستطيع البوح لها بكل شيء، فهي تظل أمي، وقد لا يعجبها أن أقول لها شيئاً تعتبره خارجاً عن المألوف، حينها قد تنظر إليّ بنظرة مختلفة، أما صديقاتي فأشعر معهن بالراحة، وأبوح لهن بأي شيء يواجهني في حياتي؛ لأنهن في مثل عمري، ويتفهمنني». بدورها، تكشف نورة مسعود حقيقة مشاعرها لنا قائلة: «تمنيت أن تكون أمي صديقتي، ولكن الحقيقة والواقع يختلفان تماماً عن الخيال، فأمي بعيدة عني، ووجهات نظرنا مختلفة، وتضع العادات والتقاليد حاجزاً بيننا، برغم أن بعض هذه العادات قد عفا عنها الزمن، ولا تصلح لجيلنا، إلا أنها مازالت متمسكة بها، لذلك أتجنب محادثتها في أشياء تخصني، وأفضل الجلوس مع صديقاتي بدلاً منها». وبحسب رقية الحوسني التي تقيِّم أمها وفق هذه المقولة: «البنت حبيبة أبيها وصديقة أمها»، فهي تثق بوالداتها كثيراً، باعتبارها على حد قول سلمى «أقرب الناس إلى قلبي، ولا أعتقد أن هناك من سيخاف عليَّ ويحتويني أكثر منها، فكيف أثق بشخص غريب ولا أثق بأمي». اتهامات متبادلة كثرت في الآونة الأخيرة المشكلات السلوكية بأنواعها وأصبحت الأم وابنتها في اتهام متبادل أين تكمن المشكلة عند ابنتي أم عند أمي؟ الحقيقة التي تشير إليها هالة الأبلم، استشارية نفسية في قسم الاستشارات بجمعية النهضة النسائية، ومشرف عام لمركز حور للفتيات في المحاضرة التي ألقتها بهذا الموضوع، تقول: «إن الأم تحصد ما تزرع، إذا زرعت حباً سوف تجد ثمرته، ومن يزرع الخوف والكراهية والحقد لن يكون حصاده مغايراً لما جنته يداه». تتابع الأبلم حديثها قائلة: «بعد دخول الفتاة الجامعة والانعزال في غرفتها معظم الوقت، تتصاعد الاتهامات بين الأم وابنتها بسبب سلبية الابنة، وعدم تحملها المسؤولية من ناحية، وابتعاد الأم وعدم تواصلها مع ابنتها من ناحية أخرى، وحتى نتجنب هذا الأمر لا بد من وجود حلول لتتجاوز الفتاة الأزمة اليومية مع والدتها، ويعود الهدوء والحب ليسيطرا على كيان الأسرة، ومن أجل ذلك لا بد أن تكون الأم هنا متفهمة لابنتها المراهقة». وتشرح الأبلم طريقة ذلك بالقول: «فهم كل أم لابنتها المراهقة يساعدها على التعامل معها، ولا شك في أن هذا الفهم سيعود بالفائدة على الجميع كالأم والابنة والأسرة والمجتمع بأكمله، وهكذا تتحقق الصحة النفسية للجميع، حيث توجد هناك حاجات فطرية موجودة منذ الطفولة لا بد إشباعها، وأي نقصان فيها يؤدي إلى خلل واضح لدي المراهق، ?ذلك أن أهم احتياجات الفتاة خمسة: الحاجة إلى الحب والأمان، وإلى الاحترام وإثبات الذات، وإلى المكانة الاجتماعية، وإلى التوجيه الإيجابي أيضاً». وتضيف الأبلم: «ليس بالحب وحده تنجح العلاقة بين الأم وابنتها، فلا بد من الصراحة والمكاشفة، وامتصاص الغضب، خاصة أن صداقات هذه المرحلة العمرية تكون نوعاً من البحث عن البديل، كما تكون الفتاة غارقة في العواطف المتحركة التي تفتقد الثبات والوضوح». لذلك لا بد للأم أن تكون قريبة من ابنتها، توضح الخبيرة، ويتم ذلك من خلال تحطيم الحواجز بين الأم والابنة، وإشعار الفتاة، حتى لو تطلب الأمر من الأم أن تكون مستشارة لابنتها في مختلف شؤون حياتها اليومية. الحوار طوق النجاة أبوظبي (الاتحاد) - يستعرض أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الأردنية الدكتور حسين العثمان تجربة أجريت في العاصمة عمان، طلب فيها من تلميذات ضمن الفئة العمرية من 14 إلى 15 عاما في مدرسة إعدادية ترتيب ثلاثة أشخاص وفق تفضيلهن بث شكواهن إليهم، موضحا أن المفاجأة كانت أن الأم وقعت في المرتبة الثالثة. ويلاحظ العثمان أن الأمهات يتجنبن الدخول في حوار مع بناتهن المراهقات خشية أن يعرفن أشياء لا يرغبن فيها كتورط بناتهن في علاقات عاطفية، أو أن يضطررن للإجابة أن أمور مازالت من المحرمات وخصوصا ما يتعلق بالجنس. ويعلق بأن “دفن الرأس في الرمال” لا يفيد بل يعقد المشاكل ويدفع بها إلى الأسوأ، مبينا أن إدارة حوار إيجابي مع الأبناء المراهقين تحديدا يحميهم من الانزلاق في أتون الانحراف لاسيما وأن شلة الرفاق التي ستصبح مرجعية المراهق “غير مؤهلة” أصلا للقيام بتلك المهمة التي تحتاج إلى خبرة وحكمة. ويرى العثمان أن الحوار هو الحل المجدي لتجاوز “المشاحنات بين أفراد الأسرة”، معتبرا أنه أهم الوسائل الاتصالية الفعالة لتحقيق نتائج مرضية على الصعيد النفسي والتربوي والاجتماعي تضمن استمرار العلاقات الأسرية الحميمية ويحافظ عليها. وتعيش أسر يغلفها صمت رهيب يخفي تحت جليده شتى صنوف التعبير، وحتى في حالة الخصام بين الأزواج، فإن الطرفين يلتزمان الصمت ويكون العناد مشتركا بين الاثنين، يغيب خلاله الحوار رغم بساطة الخلل، ما يفاقم المشاكل الأسرية ويعقد حلها. ويرجع العثمان السبب في ذلك إلى التنشئة الاجتماعية، حيث يشبّ أغلب الأزواج من دون نموذج يحتذون به، فآباؤهم يعالجون مشاكلهم بالصمت، لذلك يكبرون من دون أن يعرفوا كيف يعتذرون أو يعبّرون عن مشاعرهم. ويشير إلى أن تعزيز شعور الحب لدى الأبناء مهم لنموهم العاطفي، فإن لم يكبر الأبناء مشبعين بذلك، لن يستطيعوا نقلها إلى زوجاتهم وأبنائهم لأنهم لم يتعلموها. ويدعو العثمان الأسرة إلى تنشئة أبناء ملمين بثقافة الحوار، مطالبا بتضمين المناهج مفاهيم تعززها، وأن يتم تغيير هذه الثقافة المجتمعية عن طريق وسائل الإعلام والمنابر العامة. وسائل انقاذ المراهقة من أجل إنقاذ المراهقة، تشير هالة الأبلم إلى نقاط مهمة: ? تقوية العلاقة. ? تغيير الأجواء الموجودة في الأسرة إلى أجواء محببة. ? إشاعة روح الحوار بين الطرفين. ? عدم التجسس على الأبناء. ? اتباع أسلوب التوجيه غير المباشر مع المراهقين. ? إشباع حاجاتهم داخل الأسرة بما يقلل من شعورهم بالنقص أمام الآخرين. ? إشعارهم باستقلالية ولهم كيانهم. ? استشارتهم في شؤون عامة في الأسرة. أما مبادئ العلاقات الناجحة بين الآباء والأبناء فهي: ? الحب والحنان. ? الاحـترام. ? الثــقة. ? الابتســامة. ? التشـجيع. ? المـدح أمامهم وأمام الآخرين.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©