السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ابتكار جهاز يتخلص من النفايات الصلبة بتقنية «الفلترة الثلاثية»

ابتكار جهاز يتخلص من النفايات الصلبة بتقنية «الفلترة الثلاثية»
16 أكتوبر 2010 20:31
ابتكر اسكندر بشارة المقيم في الإمارات جهازاً يحول الدخان الأسود الناجم عن حرق نفايات صلبة غير قابلة للتدوير إلى دخان أبيض يكاد يكون خالياً من المواد الملوثة فيما يستغل الحرارة الناتجة عن الاحتراق في الاستخدامات المنزلية، ويأمل بشارة أن يكون جهازه “البسيط”، الحاصل على براءة اختراع من مصر، مفيدا في مجال تحقيق التنمية المستدامة، والتغلب على مشكلة التخلص من النفايات غير القابلة للتدوير والتحلل على اختلاف أنواعها وتحويلها إلى طاقة نظيفة. في فترات مبكرة من عمره دأب اسكندر بشارة (58 سنة) على فك وتركيب الأجهزة الكهربائية الموجودة بمنزل العائلة، ليتعرف عن قرب عن عالم الإلكترونيات، ويطلع على كيفية عمل تلك الأجهزة، وهو ما جعله يتسبب في إتلاف بعضها وبالتالي التعرض للعقاب والتوبيخ من قبل والديه إلا أنه تابع ممارسة شغفه وتنفيذ عدد من الأفكار والابتكارات توج بعضها بالنجاح فيما فشل بعضها الآخر. خيمة معلقة يقول بشارة “خلال مراحل حياتي المختلفة عملت على تنفيذ عدد من الأفكار والابتكارات، ومنها الكثير مما يتعلق بطبيعة عملي كمصمم ومُعد لتجهيزات الأفراح، حيث كنت أقوم بعملية إنزال للعــروس من أعلى المسرح بطريقة مدهشة، أو تحريكها بعرض القاعة في الهواء، أو بناء كوشة الفرح في ثلاث دقائق بأسلوب فريد وعملي أمام الحضـور، أو استخدام الإضاءة والبلاستيك في إظهار العروس وكأنها تجلس في الهواء”، مشيراً إلى أن كل تلك الأفكار تعتمد على وسائل ميكانيكية وكهربائية مستحدثة، لم يستخدمها أحد من قبل. ويلفت إلى أنه سبق وأنجز خيمة “معلقة في الهواء” يصعب تركيبها إلا بآلات الرفع القوية كون ارتفاعها وصل إلى مائة متر وعرضها إلى خمسين مترا، إلا أنه تمكن من تركيبها يدوياً. لو علمنا أن طولها بلغ مائة متر، وعرضها خمسين متراً، وارتفاعها سبعة عشر متراً، ولم تكن ترتكز على أي نوع من الدعامات أو الأعمدة على الرغم من هذه الأبعاد الضخمة، وتكمن فرادة هذه الخيمة، وفقه، في أنه تم إنجارها وبلوغها هذا الارتفاع بفضل أدوات ميكانيكية بدائية، يمكن لأي شخص عادي تنفيذها دونما الحاجة إلى شركات كبرى، كما جرت العادة عند إنشاء مثل تلك الخيمات الضخمة، وكان ذلك أثناء عمله في مدينة شرم الشيخ المصرية. وفي عامي 1993، 1994 على التوالي تم تكليف بشارة بعمل مظلة متحركة في العرض العسكري، الذي حضره المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وكانت المظلة ضخمة ووصل طولها 24 متراً، وتم تحريكها لمسافة تسعة أمتار فوق المنصة الرئيسة للعرض والتي كان يجلس بها المغفور له. واعتمدت المظلة في تحريكها على رافعات يدوية يتحكم بها شخصان فقط، وكانت المرة الأولى في العالم التي يتم تحريك مظلة بمثل هذا الحجم بطريقة بسيطة ويسيرة، بدلاً من الرافعات والآلات الضخمة، وهو ما حظي بإعجاب بلدية أبوظبي حين رأوا نجاح التجربة قبل بداية العرض. آمن ونظيف عن ابتكاره الجديد المتعلق بتدوير النفايات وتحويلها إلى مصدر نظيف للطاقة، فقد أطلق عليه بشارة اسم “ساخن وآمن” (hot & safe) وعنه يقول بشارة “أعتبر هذا الجهاز أهم ما أنجزته حتى الآن”، موضحاً أن الفكرة جاءته عند رؤيته لجهاز تدفئة يستخدم في أحد الفنادق، ويعتمد على اسطوانة الغاز في تشغيله، بما يمثله ذلك من كلفة عالية، وخطورة تداولها بين النزلاء، فضلاً عن أن كمية التدفئة الصادرة منها قليلة إلى حد كبير. هنا أدرك أن جهاز التدفئة ليس عملياً، وهو ما دفعه إلى البحث عن وسيلة تدفئة رخيصة، وعملية في آن معا، إلى أن توصل إلى فكرة هذا الابتكار. وبالفعل انتهى من تنفيذه وتطبيقه على أرض الواقع، ولكن بالاعتماد على استخدام الطاقة الصادرة عن حرق الفحم، بطريقة آمنة وغير ملوثة للبيئة، من خلال فصل دائرة الإشعال عن دائرة التسخين، بإمرار الهواء العادي داخل مواسير عبر الفحم المشتعل. وبعد ذلك تطورت لديه الفكرة، إلى استخدام النفايات بمختلف أنواعها بدلاً من الفحم، بما فيها الأشجار الجافة التي تمثل عبئاً على الكثيرين في كيفية التخلص منها دونما الإضرار بالبيئة. ويقول بشارة “جهاز”hot & safe” يتكون من وعاءين معدنيين متداخلين بينهما عازل حراري، ويشتملان على فتحة في مقدمة الجهاز لدخول المخلفات (تشبه فتحة الغسالة الأوتوماتيكية)، وفتحة سفلية لخروج الرماد المتبقي من عملية الاحتراق. ويتم توصيل محرك صغير لدفع الهواء الجوي إلى داخل الجهاز من خلال فتحتين لدفع الهواء المحمل بالأوكسجين. إحداهما ثانوية تتكفل بدفع الهواء إلى المخلفات المشتعلة للمحافظة على عملية الاشتعال باستمرار. أما الفتحة الرئيسية فلضخ الهواء عبر أنابيب معدنية تمر من خلال المخلفات المشتعلة، ما يؤدي إلى تسخين الهواء الداخلي ليخرج منها ويتم استخدامه في شتى الأغراض ومنها التدفئة، أما الغازات والعوادم الناجمة عن الاحتراق تخرج من فتحة علوية بالجهاز لتمر عبر ثلاثة فلاتر لتنقية هذه الغازات إلى أقصى درجة. آلية العمل يوضح بشارة أن الجهاز يعمل باستخدام الفلاتر الثلاثة وفق الآلية التالية : الأول: فلتر مائي لاستيعاب الغازات القابلة للذوبان في الماء. الثاني: فلتر يحتوي على مواد قطنية لاستيعاب الشوائب السوداء التي لم تتمكن من الذوبان في الماء. الثالث: عبارة عن عملية تأكيد للفلترة من خلال تكرار وظيفة الفلتر الثاني وبنفس مكوناته. وهذه الفلاتر يتم تغييرها عندما تتملئ بالرواسب ليُعاد دفعها مرة أخرى وحرقها داخل الجهاز مع المخلفات لتصبح مرة أخرى وقوداً ومصدراً للطاقة النظيفة. وفي النهاية، كما يقول: يكون الغاز المنبعث عن حرق تلك المخلفات خالٍ تماماً من الشوائب ومعظم الغازات وبالتالي نستطيع أن نتخلص من كافة المخلفات بطريقة آمنة ونظيفة مهما كان حجمها ونوعها، واستغلال الطاقة الهائلة المنبعثة من عملية الاحتراق في أغراض عديدة. التخلص من نفايات المستشفيات حول الاستخدمات الممكنة للجهاز، المسجل في أكاديمية البحث العلمي في مصر، يقول بشارة “يمكن تركيبه على أسطح الأبنية سواء المنازل أو الشركات وفنادق، للتخلص من نفاياتها بشكل ذاتي ورخيص، وفي نفس الوقت توليد طاقة هائلة مجانية يمكن استغلالها في أغراض التدفئة وتسخين المياه، وبالتالي توفير كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية المستخدمة حالياً، وهو ما يؤدي إلى توفير مبالغ مالية طائلة، مشيرا إلى أن أكثر مميزات هذا الجهاز أهمية هو إمكانية الإفادة منه للتخلص من نفايات المستشفيات، والتي تكون دائماً شديدة الخطورة، ويصعب التعامل معها وذلك عن طريق تعديلات بسيطة يتم إجراؤها على الجهاز تتواءم مع الخامات التي تتدخل في الصناعات الطبية. تكلفة زهيدة عن كيفية تصنيع الجهاز، يقول مخترعه اسكندر بشارة إنه “يمكن بسهولة تصنيعه من خلال خامات محلية متوافرة في السوق الإماراتي، ولن تتجاوز تكلفته على أقصى تقدير مبلغ الثلاثة آلاف درهم، وهو ما يجعل من عملية تداوله في الأسواق ميسرة إلى حد كبير، فضلاً عن إمكانية تصديره للأسواق الخارجية، كون مشكلة النفايات والتخلص منها صارت هماً عالمياً، وبواسطة هذا الابتكار يمكن التوصل إلى حل ناجع لهذه المعضلة التي تواجهها البشرية والتي لا يمكن التغلب عليها في أقطار عديدة سوى بتكاليف باهظة تجعل التفكير في التخلص من النفايات ترفا”. ويؤكد بشارة أنه يمكن استخدام الجهاز في التدفئة والتسخين المنزلي دونما أي تكاليف على أصحاب البيوت وخاصة في البلدان الباردة وهو ما يتيح للإمارات تصدير هذا الجهاز وتحقيق عوائد اقتصادية مجزية. خسائر تجاهل تدوير النفايات في العالم العربي قدرت دراسة اقتصادية صادرة عن جامعة الدول العربية في القاهرة حجم خسائر الدول العربية الناجم عن تجاهلها إعادة تدوير المخلفات بنحو 5 مليارات دولار سنوياً، موضحة أن كمية المخلفات في الوطن العربي تبلغ نحو 89.6 مليون طن سنوياً وتكفي لاستخراج نحو 14.3 مليون طن ورق قيمتها ملياران و145 مليون دولار، وإنتاج 1.8 مليون طن حديد خردة بقيمة 135 مليون دولار بالإضافة لحوالي 75 ألف طن بلاستيك قيمتها 1.4 مليار دولار. فضلاً عن 202 مليون طن قماش بقيمة 110 ملايين دولار وكذا إنتاج كميات ضخمة من الأسمدة العضوية والمنتجات الأخرى بقيمة تتجاوز مليارا و225 مليون دولار. وذكرت الدراسة أن الخسائر لا تقف عند حد قيمة المنتجات إنما تمتد إلى تكلفة دفن هذه المخلفات ومقاومة الآفات والحشرات الناتجة عنها، موضحة أن الدول العربية تنفق في هذا المجال نحو 2.5 مليار دولار سنوياً لمقاومة الأضرار الناتجة عن حوالي 1353 مليون طن من المخلفات الحيوانية، و196.5 مليون طن من المخلفات الزراعية مقابل 18870 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي. وأشارت الدراسة إلى أن إجمالي ما يتم جمعه من هذه المخلفات لا يوازي سوى 50% من حجمها، وأن تكلفة جمع ودفن هذه المخلفات تتجاوز 850 مليون دولار، فضلاً عن 1.7 مليار دولار أخرى لمقاومة الآثار البيولوجية والصحية والنفسية لتلك المخلفات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©